قرار استيراد البلاستيك المستعمل أنقذ استثمارات 600 مصنع تستوعب 500 ألف عامل مخلفات قصب السكر وقش الأرز تعطى 200 ألف طن ورق والاستهلاك 600 ألف وتصنيع الكرتون يعتمد على المخلفات وحركة الاستيراد
القرار الوزاري الصادر من وزارة الصناعة فى مايو الماضى بالسماح باستيراد خردة ومخلفات البلاستيك والمطاط بكل أشكالها القابلة لإعادة التدوير أو المعاد تدويرها شجع صناع الورق والكرتون من المخلفات على مخاطبة المسئولين فى وزارتي البيئة والصناعة لإقناعهم باستصدار قرار بالمثل لهم وأنهم فى أشد الحاجة لمثل هذا القرار خاصة أن مصر دولة مستوردة لخامات الورق والكرتون بالكامل من الخارج لغياب الغابات الشجرية. وكان القرار قد نص على شروط عدة، أهمها ألا تحتوى هذه المخلفات على أي من الملوثات التى تحمل صفة الخطورة أو القابلة للاشتعال أو التفاعلية وأن يصاحب استيراد الصفقة أيضا شهادة صحية من معمل دولى معتمد بهذه الشروط. التساؤلات التى تفرض نفسها: هل استطاع هذا القرار أن ينقذ العشرات من مصانع التدوير التى كان يهددها النقص الحاد فى هذه المخلفات؟ وهل ينقذهم أيضا من مساومة جامعى القمامة لهم بالارتفاع المستمر لأسعار المخلفات حتى وصل سعر الطن الواحد من مخلفات البلاستيك إلى 9 آلاف جنيه رغم إلغاء رسم الصادر الذى كانت تفرضه وزارة الصناعة على تصدير هذه المخلفات وإلغاء تصديرها على الإطلاق، وهل يستطيع صناع الورق والكرتون استصدار مثل هذا القرار قبل أن تتكرر معاناة أصحاب مصانع تدوير مخلفات البلاستيك ؟ الإجابة على هذه التساؤلات تحملها السطور التالية
600مصنع يوضح خالد أبو المكارم رئيس المجلس التصديرى للكيماويات ورئيس إحدى شركات تدوير المخلفات أن هذه الصناعة يعمل فيها أكثر من 600 مصنع لتدوير البلاستيك الجزء الأكبر منها يعمل بشكل غير رسمى أى بدون الحصول على تراخيص من وزارة الصناعة والمجلس وتستوعب أكثر من نصف مليون عامل، ويحاول أعضاء المجلس التصديرى للكيماويات إدخال هذه المصانع تحت عباءته الشرعية من خلال تقديم المساعدات الفنية والإدارية لهم لتطوير أوضاعهم التصنيعية، مشيراً إلى أن الكثير من هذه المصانع سواء الشرعية أوغير الشرعية توقف عن العمل وتكبد خسائر كبيرة حتى الربع الأول من هذا العام، وقد ساعد قرار وزير الصناعة رقم 372 لسنة 2018 فى مايو الماضى على عودة الروح لهذه المصانع بعد جولات مكوكية لأصحابها استمرت لثماني سنوات بين وزارتي البيئة والصناعة لإقناع المسئولين فيهما بالسماح باستيراد هذه المخلفات نتيجة العجز الحاد فيهاوالذي يصل الى 80% ، لأن 20% فقط من المخلفات المحلية هى التى يمكن تدويرها بسبب ارتفاع نسبة الفاقد من هذه المخلفات والذى يصل إلى 40% إضافة إلى ارتفاع أسعار هذه الخامات عالمياً نتيجة تذبذب أسعار البترول حيث يصنع البلاستيك من البتروكيماويات لذا يتصاعد السعر دائماً خاصة مع زيادة الطلب. ويؤكد أن تدوير المخلفات البلاستيكية وتشغيل المصانع يتمان بكامل الطاقة الآن بعد أن أصدرت وزارة الصناعة قراراً بإلغاء فرض رسم الصادر على هذه المخلفات، والذى بلغ مؤخراً 6 آلاف جنيه على الطن الواحد ومنع تصدير المخلفات على الإطلاق،وقد ساهمت هذه العوامل مجتمعة فى زيادة قيمة صادراتنا من البلاستيك إلى 16 مليار جنيه حتى الشهر الماضى، علماً بأن الواردات معظمها من العبوات الفارغة من زجاجات المياه والعصائر من دول أوروبا وعلى رأسها اسبانيا إضافة إلى أن تشغيل مصانع التدوير بكامل طاقتها وفتح الاستيراد لهذه المخلفات من دول بعينها ساهم فى تقليل التكلفة الكلية للمنتج النهائي مما ساهم فى زيادة قدرته التنافسية فى الأسواق الخارجية، مؤكداً أن صناعة تدوير المخلفات منتشرة بتكنولوجيات متطورة فى أوروبا وآسيا باستثمارات تتعدى مئات المليارات من الدولارات وأنها بدأت تنتشر بشكل ملحوظ فى مصر بعد فتح أبواب الاستيراد لهذه المخلفات بعد أن وصل سعر الطن من مخلفات البلاستيك المغسول إلى 9 آلاف جنيه للطن الواحد ثم انخفض500 جنيه للطن بعد الاستيراد..فالمخلفات المستوردة تستخدم بعد تدويرها فى تصنيع ألياف البوليستر التى تستخدم فى تصنيع المنسوجات والملابس الجاهزة كما تستخدم فى تصنيع أدوات النظافة والأثاث المنزلي والكراسي ويقول : قبل فتح باب الاستيراد حدثت ندرة شديدة فى خامات التصنيع بسبب قيام الصينيين بتجميع هذه المخلفات بأسعار عالية حيث يشترونها من جامعى القمامة بأسعار كبيرة جعلتهم يرفضون توريدها إلى مصانع التدوير فتوقف العشرات من المصانع عن العمل والبعض الآخر خرج من السوق لأن أسعار المنتج النهائي أصبحت مرتفعة وبات من الصعب تسويقه فى الأسواق المحلية حتى أصدرت وزارة الصناعة قراراً بإغلاق باب تصدير المخلفات والخردة تماماًبعد أن قفز رسم الصادر الذى كان يفرض على هذه المخلفات من 1600 جنيه الى 6 آلاف جنيه . خالد أبو المكارم 95% من خامات الورق مستوردة اما صناع الورق والكرتون من المخلفات فقرروا ان القطاع الذى يعملون فيه الأكثر احتياجاً لمثل قرار استيراد مخلفات البلاستيك لان مصر دولة مستوردة للورق وخاماته بنسبة 95% كما يقول هانى قسيس وكيل المجلس التصديرى للكيماويات ورئيس إحدى شركات تدوير مخلفات الورق والكرتون مشيراً الى انه لايوجد سوى مصنعين لإنتاج الورق من مخلفات عيدان قصب السكر وقش الأرز وهى مخلفات زراعية أما( لُب ) الأشجار الذى يصنع منه الورق فلايوجد فى مصر لغياب الغابات وبالنسبة لعملية التعبئة والتغليف فإن مصانع تدوير مخلفات الكرتون تعتمد على مخلفاته بنسبة 100% أو الأغلفة الكرتونية التى تغلف بها المنتجات المستوردة من الخارج سواء كانت معدات أو مستلزمات انتاج، مؤكداً أن هذه الكراتين يعاد تدويرها وتصنيعها اكثر من15 مرة وليس هناك أدنى درجة من الخوف أو التأثير الضار على صحة الإنسان أو الإضرار بالبيئة المحلية لأن هذه الأغلفة لاتتلامس أو تحتك أو تتفاعل مع المواد الغذائية التى يتم تعبئتها فيها، مؤكداً أن تصنيع الورق من مخلفات قصب السكر يبلغ حجمه200 ألف طن سنوياً وتستورد مصر 400 ألف طن أخرى لسداد مستلزمات الأدوات الكتابية،أما مصانع الكرتون فهى تعتمد على الخامات من جامعى القمامة أو الأغلفة الخاصة بالمعدات ومستلزمات الانتاج المستوردة بنسبة 100% مؤكداً انه يوجد أكثر من 100 مصنع لتدوير مخلفات الورق والكرتون باستثمارات تزيد على 30 مليار جنيه وتستوعب مايقرب من نصف مليون عامل، وهى صناعة مهددة بالتوقف بسبب ندرة الخامات خاصة الكرتون الذى تزايد استخدامه فى السنوات الاخيرة بنسبة 70% ويضيف أن زيادة التصدير والتصنيع تستلزم استهلاك كميات كبيرة من الكرتون وهذه الخامات غير متوفرة فى مصر لغياب الغابات الشجرية لذا فإنه يلفت اهتمام المسئولين بأن الكرتون يخرج بكميات كبيرة مع زيادة معدلات التصنيع والتصدير للخارج ولايتم تعويض هذه الكميات المستهلكة سوى من مصدرين أحدهما المخلفات وهى لاتكفي سوى بنسبة 10 الى 15% والآخر حركة الاستيراد، لذا لابد من السماح باستيراد الكرتون المكبوس من الدول العربية فى شكل مخلفات خاصة من دول الخليج علاوة على الدول الأوروبية التي تنتشر فيها صناعة الكرتون وكذا الدول الآسيوية التي تنتشر فيها الغابات لوجود نقص شديد فى الكميات المتداولة منه في الأسواق خاصة أن الحكومة تفرض قيودا كثيرة على حركة الاستيراد وتقدم تسهيلات لزيادة الصادرات حتى إن وزارة الصناعة قد فرضت رسم صادر كبيرا على صادرات المخلفات من الورق والكرتون حفاظاً عليها ، مؤكداً أن المصانع العاملة فى هذا القطاع بحاجة ماسة الى قرار استيراد مخلفات الورق والكرتون من الخارج وبالفعل تقدم عدد من أصحاب هذه المصانع الى المسئولين لاستيراد هذه الخامات ولم يحصلوا على الموافقات بعد .
الجمع والفرز السليم وتؤكد سيادة جريس رئيس جمعية الحفاظ على البيئة أنها ليست ضد صناعة التدوير ولكنها تطالب بضرورة وضع قواعد ومعايير دقيقة لها كما هو متبع فى البلدان المتقدمة وإلزام أصحاب مصانع تدوير المخلفات باستخدام تكنولوجيا متقدمة فى مراحل التصنيع المختلفة حتى لاتخرج عوادم أو انبعاثات تضر البيئة وصحة الإنسان..وترى ان الأسلوب الأمثل للتدوير يبدأ من عملية الجمع والفرز السليمة وتصنيف المخلفات باعتبارها خامات لها جدوى اقتصادية تفيد الاقتصاد الوطنى حتى لاترتفع نسبة الفاقد كما هو الحال فى البلاستيك والورق والخردة.
القانون ضرورة ويضيف الدكتور شريف الجبلى رئيس مجلس الأعمال المصرى الكورى ورئيس شعبة تدوير المخلفات باتحاد الصناعات أن تكنولوجيا تدوير المخلفات وتصنيعها حديثة على المجتمع المصرى حيث مضى على إدخالها مايقرب من 9 سنوات، لكن فى السنوات الأخيرة تزايد أعداد هذه المصانع بل ظهرت مصانع كبرى تستوعب عمالة وتكنولوجيا عالية فى التصنيع، وبات من الضرورى أن يكون هناك قانون خاص ينظم عملها ويدخل فى بنود هذا القانون عمليات الاستيراد وتحديد نوعية هذه المخلفات المستوردة والدول التى نستورد منها لأن المخلفات لاتقتصر على البلاستيك فقط بل هناك الخردة مثل الألمونيوم والورق والكرتون والحديد وقد سبقتنا دول عديدة فى أوروبا وآسيا لتوطين هذه الصناعة الحيوية ولابد من الاعتراف بها وتطويرها لأنها تستوعب استثمارات وعمالة كبيرة..
شروط دقيقة ويؤكد أسامة نصار رئيس إحدى شركات تدوير زجاجات البلاستيك المستعملة لاستخراج الفايبر (ألياف البوليستر )الذى يستخدم فى صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة ان قرار استيراد مخلفات البلاستيك أعاد الروح الى اكثر من 9 شركات تعمل فى هذا المجال كان معظمها قد أغلق بسبب ندرة الخامات فى البيئة المحلية وارتفاع سعر الطن منها إلى 9آلاف جنيه مما يجعل أسعار منتجاتها غير منافسة فى السوق الداخلية والأسواق العالمية، لذا فإن القرار أعاد الروح الى استثمارات تقدر بملياري جنيه تم تشييدها بالفعل، حيث تبلغ تكلفة المصنع الواحد150 مليون جنيه ويستوعب 350 عاملاً من العمالة المنتظمة إضافة إلى تشييد مصنعين آخرين قد أوشكا على التشغيل بعد فتح باب الاستيراد..و الطاقة الانتاجية للمصنع الواحد 500 طن من (ألياف البوليستر) يومياً حيث يصل سعر الطن الى 1200 دولار وهى حصيلة كبيرة إذا تم تصدير 50% من هذا الإنتاج الى الخارج، موضحاً أن شروط الاستيراد دقيقة وتلزم المستورد بفحص الصفقة من مخلفات البلاستيك فى ميناء الشحن فى البلد الذى يتم الاستيراد منه بمعرفة شركات الفحص الدولية للصادرات والواردات، وان يصاحب الصفقة شهادات من المعامل الدولية المعترف بها بصحتها ومطابقتها للمواصفات المطلوبة، وعند وصول هذه الصفقة الى الموانئ المصرية يتم الفحص الظاهرى والعشوائي لبعض العينات لها . ويوضح أن إعادة تدوير المخلفات هي الصناعة الاساسية التى أنعشت الاقتصاد الصيني منذ 24 عاماً وأن فيتنام وتايلاند مرشحتان- اليوم - لسحب البساط من تحت أقدام الصين ويجب أن تنضم مصر الى هذه الكتلة لأنها تتمتع بمميزات تجعلها تتفوق فى هذا المجال، مؤكداً أن هذه المخلفات ينطبق عليها اتفاقية (بازل)وهى ألا تكون خطرة أو تحتوى على مواد مشعة أو تتفاعل مع المواد الغذائية عندما توضع بداخلها وكانت هذه المخلفات يتم تدويرها فى دول أوروبا لكن لارتفاع أسعار تدويرها هناك بسبب ارتفاع أجور العمالة تراجعت عنها أوروبا والتقطها الصين ثم فيتنام وتايلاند.