لاشك أن صدور تقرير لمفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان تعليقا على حكم قضائى فى مصر هو تدخل غير مقبول فى شأن داخلى لدولة ذات سيادة وهى مصر وأكثر من ذلك فإن المحكمة التى أصدرت الحكم هى محكمة قضاء طبيعى وليس قضاء استثنائيا وما زال أمامها طريق للطعن أمام محكمة النقض ولذلك كان على المفوضية ألا تلقى بالتعليقات جزافا على حكم صدر فى المحاكم المصرية. إن أحكام محاكم القضاء فى أى دولة تعد شأنا داخليا مهما تكن الأحكام، ونؤكد أن الوحيد الذى يستطيع أن يعلق على حكم هو القاضى لأنه قد قرأ أوراق القضية كلها واستمع لشهادة الشهود سواء الإثبات أو النفى واستمع لأراء الخبراء والتحاليل القانونية, ومن ثم أى تدخل سياسى فى أحكام قضائية غير مقبول على الإطلاق خاصة أن القضاء المصرى مستقل استقلالا كاملا عن السلطة التنفيذية أو التشريعية وبعيد عن أى أهواء سياسية، خاصة أن هناك ضمانات للمتهمين فى أى جناية وبصفة خاصة لو تم الحكم عليهم بالإعدام فإن هذه الأحكام تعرض على مفتى الديار المصرية لمراجعة النواحى الشرعية وإبداء رأيه الاستشارى فى القضية وهذا علاوة على أن أحكام الإعدام لابد أن تكون بإجماع آراء قضاة المنصة ثم هناك فرصة الطعن أمام محكمة النقض لمراجعة جوانب تطبيق القانون فى هذه القضايا. والجميع فى الداخل وفى الخارج يعلم اهتمام دستور 2014 المصرى بحقوق الإنسان وضمانات القضاء من نزاهة وشفافية واستقلالية المحاكم الداخلية. والغريب أن مفوضية حقوق الإنسان جاءت إلى منصبها فى نهاية شهر أغسطس الماضي، أى أنها لم يكن لديها الوقت للمراجعة أو المعرفة مما يدل على إنها تابعة لدولة أو أكثر وجاءت لتنفيذ الأوامر وليس لحماية حقوق الإنسان. وإذا راجعنا التهم الموجهة للمتهمين فى الحكم المشار اليه فنجد أنهم ارتكبوا جرائم قتل وترويع للمواطنين الأبرياء ورجال إنفاذ القانون واحتلال الممتلكات الخاصة والعامة وتقييد الدخول لمنطقة رابعة العدوية التى يسكنها المدنيون فى معظم الأماكن والشقق. وإذا تحدثنا عن حقوق المتهمين فلابد أن نتحدث عن حقوق المجنى عليهم وحمايتهم وردع أى عدوان عليهم وإلا اعتبر هذا بحق اعتداء على حقوق الإنسان فى العيش الآمن. وتأكيدا لسوء النية من جهة مفوضية حقوق الإنسان أنها تتدخل فى حكم لم يستنفد كافة سبل الطعن فمازالت هناك درجة من درجات الطعن وهى محكمة النقض لمعرفة مدى اتباع القانون فى الحكم الصادر من عدمه. وإذا أرادت المفوضية إعلان التقرير لكى تؤثر على محكمة النقض فإنها لابد أن تعلم أن محكمة النقض على أعلى مستوى فى القضاء وتحقيق العدالة بدون أى مؤثرات داخلية أو خارجية ولا يحكمها إلا تطبيق صحيح القانون. إن بداية السيدة ميشيل ماشييه مفوضة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان التى لم تستكمل فى عملها شهرا واحدا تدل على أنها تابعة وليست مستقلة فى إدارة مفوضية مهمة من أجهزة الأممالمتحدة التى تسعى إلى السلم والأمن الدوليين من خلال احترام كل الدول وأن تتجنب الكيل بمكيالين وإلا فإنها تفقد مصداقيتها واحترامها بين الدول فى المجتمع الدولى ومن ثم تكون فاشلة من بداية عملها وتقريرها فاسد فى تحقيق احترام وحماية حقوق الإنسان. لمزيد من مقالات د. نبيل أحمد حلمى