تكتسب الانتخابات الموريتانية التي تظهر نتائجها خلال الساعات القادمة أهمية سياسية وإستراتيجية خاصة بالنسبة لحاضر ومستقبل موريتانيا. وتتزايد أهمية موريتانيا هذه الأيام على وقع محاربة الغرب للإرهاب في مالي المجاورة ومنطقة الساحل والصحراء، وأيضا على ضوء التطورات العربية والإفريقية، بعد أن استضافت نواكشوط في الآونة الأخيرة قمتين لهذين التجمعين، فضلا عن تطورات أخرى اقتصادية مهمة في قطاع البترول والغاز والتعدين، إذ تمتلك موريتانيا احتياطات من خام الحديد والنحاس والذهب. كما ينظر الغرب إليها بوصفها حصنا وحائط صد في مواجهة الجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة. وتعتبر هذه الانتخابات الأكثر جدلا وسخونة في تاريخ موريتانيا، وهي محطة حاسمة، حيث يسعى الحزب الحاكم بحسب المراقبين للحصول على أغلبية برلمانية تسمح له بتمرير تعديل دستوري، ربما سيعطي الفرصة للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لزيادة عدد مرات الاستحقاقات الرئاسية، والترشح للانتخابات العام المقبل.وتنافس في الانتخابات حزب “الاتحاد من أجل الجمهورية” الحاكم يليه حزب ”تواصل” الإسلامي ثم حزب “تكتل القوى الديمقراطية”المعارض. وتؤكد المؤشرات الأولية أن الحزب الحاكم «الاتحاد من أجل الجمهورية» يتقدم على باقي الأحزاب في الانتخابات التشريعية والبلدية، التي تعد الأولى منذ اعتماد نظام المجالس الجهوية وتعديل الدستور الموريتاني الذي ألغى مجلس الشيوخ، الأمر الذي ترفضه المعارضة، التي استبقت إعلان النتائج باتهامات بالتزوير، ونظم قادتها وقفة احتجاجية أمام مقر اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات. وأثار تأخر إعلان نتائج الانتخابات إلى تراشق بين الحكومة والمعارضة، واتهم الحزب الحاكم المعارضة بمحاولة التأثير في نتائج الانتخابات، وفي حالة عدم حسم نتائج هذه الانتخابات من الجولة الأولى، ستجرى جولة ثانية في 15 من شهر سبتمبر الحالى. وتجاوزت نسبة المشاركة في الانتخابات الموريتانية ال60٪، حيث أدلى ما يقارب المليون ونصف المليون ناخب بأصواتهم، في الانتخابات النيابية في موريتانيا، وشهدت مكاتب التصويت إقبال المواطنين . وشارك في الانتخابات 98 حزبا سياسيا، 80 حزبا منهم يشكلون أحزاب الموالاة، كما تتميز هذه الاستحقاقات بمشاركة1590 قائمة انتخابية تتنافس على 219 مجلسا بلديا، و161 قائمة تتنافس على 13 مجلسا إقليميا، وأكثر من خمسة آلاف مرشح يتنافسون على 157 مقعدا برلمانيا، وبلغت عدد اللوائح المتنافسة في الانتخابات التشريعية 528 قائمة، بالإضافة إلى 87 قائمة للنساء. ومن جانبهم، يؤكد المراقبون الدوليون أن الانتخابات جرت في هدوء وبدون تسجيل أي حوادث.وسعى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز خلال الانتخابات وحزبه للتأكيد على أنه لا فارق ولا حدود بين ما تسمى بأحزاب الإسلام السياسي والتنظيمات الإرهابية المسلحة، وهاجم بشدة تنظيم الإخوان الإرهابي، وقال إنه تسبب في دمار عدة بلدان عربية كانت أقوى وأغنى من موريتانيا. وكان الرئيس الموريتاني قد أشار إلى أن متطرفين يشاركون في الانتخابات البرلمانية والبلدية والجهوية التي تشهدها البلاد، وأكد أن التيارات التي تطلق على نفسها اسم الإسلام السياسي، إذا لم تصل لأهدافها عبر السياسة، تلجأ لحمل السلاح.وشاركت أحزاب المعارضة المدنية في موريتانيا في الانتخابات هذه المرة بقوة فيبدو أنها أدركت أن المقاطعة الطويلة للاستحقاق الانتخابي أفقدتها الكثير، ففي كل مرة كانت تقاطع فيها المعارضة الانتخابات، كانت تفقد الكثير من حضورها في الشارع، أما حزب “تواصل” العضو في تنظيم “الإخوان” الدولي فيبدو أنه قد شهد تراجعاً حقيقيا حسب المؤشرات الأولية، وخسر معاقل انتخابية كان قد سيطر عليها من قبل بفعل المال السياسي القطري.