صدر منذ أسابيع التقرير العالمى للتنافسية الذى يعده المنتدى الاقتصادى العالمى بالتعاون مع جهات عدة، مستندا إلى كم كبير من التقارير الدولية و البيانات و الاستقصاءات التى تهدف مجتمعة إلى تكوين نظرة شاملة للتنافسية فى كل دولة من دول العالم التى شملها هذا التقرير . وحمل هذا التقرير خبراً ساراً بعض الشيء وهو تقدم مصر فى مؤشر التنافسية من المركز 115 إلى المركز 100 محققة بذلك ثانى اكبر قفزة للأمام فى دول العالم ال 137 التى شملها التقرير وذلك مقارنة بالتقرير الماضى منذ قرابة عام مضى وهذا هو أكثر مركز متقدم تحرزه مصر فى السنوات العشر الماضية. هذا التقرير يأتى بعد مرور عقد من الزمان على الأزمة المالية العالمية والهزات العنيفة التى تعرضت لها معظم دول العالم. ويشيد التقرير إلى الصعوبات الجمة التى لاتزال تواجه اقتصاد العالم رغم نموه الذى تجاوز 3.5% فى العام الماضي. وتأتى على رأس هذه التحديات تغير السياسات الاقتصادية والهوة التى تتسع فى كثير من الدول المتقدمة بين أصحاب الدخول المرتفعة وبين الفقراء. ومؤشر التنافسية هذا يأتى كمحصلة لأرقام وبيانات تجميعية كى تعكس فى النهاية الإنتاجية - كماً و كيفاً - حيث أصبح واضحاً التلازم الوثيق بين هذا المؤشر و بين نمو الاقتصاد بشكل عام و هذا بالقطع يخلق تصوراً عن مناخ الاستثمار وجاذبيته و قدرة الاقتصاد على النمو المطرد فى السنوات المقبلة. ويستند هذا المؤشر إلى بيانات مقسمة إلى 12 مجموعة، منها على سبيل المثال لا الحصر المؤسسات، البنية التحتية والصحة والتعليم الأساسى والتعليم العالى والابتكار وهى بدورها مؤلفة من 114 عنصراً تغطى كل هذه المجالات بالتفصيل. وبالنسبة لمصر فقد شهد التقرير ليس فقط تقدما لمصر فى المؤشر الكلى بواقع 15 مركزاً و إنما بتقدمها فى كل المجموعات أو الركائز التى يشملها التقرير باستثناء المناخ الاقتصادى العام الذى شهد ثباتاً بعض الشيء أو تراجعا طفيفا. ومن اللافت للنظر التحسن الكبير فى مؤشرات النقل والمواصلات والبنية التحتية ومكافحة الأمراض المستوطنة كما بات جلياً تطور الموانى المصرية و زيادة كفاءتها كواحدة من أهم عناصر الجذب للاستثمار الخارجى والتى احتلت به مصر المركز 41 على مستوى العالم. كما جاءت قوة الجهاز المصرفى كأحد أهم العناصر الداعمة لنمو وكفاءة القطاع المالى الذى احتلت به مصر المركز 49 عالميا. وأتى حجم السوق المصرية ليحتل المركز 25 بما يعكس حجم هذه السوق فى اشارة بالغة الدلالة على أهميتها سواء محلياً أو إقليميا. كما أشار التقرير إلى العديد من التحديات التى تجب مواجهتها لاستمرار النمو وزيادة الإنتاجية. وتشمل هذه التحديات الحاجة لثبات السياسات والقوانين الجاذبة للاستثمار وتقليل نسبة التضخم وتوفير العمالة الفنية المدربة لدعم النمو الاقتصادى وجذب الاستثمار. وإجمالا فقد جاء التقرير ليظهر آثار الجهود الجارية للتطوير والإصلاح فى المجال المؤسسى والبنية التحتية والقطاع المصرفى والتى أسهمت فى تقدم مصر عالمياً فى هذا الصدد. كما تأتى الخطة الطموح لتطوير التعليم والرغبة الجادة من الدولة فى إصلاح القوانين الاقتصادية خاصة بعد صدور قانون الاستثمار لتعالج الكثير من النقاط السلبية التى تؤثر على الإنتاجية وتدفق الاستثمار. ------------------------------- أستاذ بالجامعة الأمريكية وبرلمانى سابق لمزيد من مقالات د. محمد نجيب أبوزيد