«جدة» بوابة الحرمين الشريفين، والميناء الرئيسى للمملكة العربية السعودية، ومنذ القدم كانت نقطة عبور إلى المدن المختلفة الواقعة على البحر الأحمر، والذى عرف قديما ب«بحر جدة». وحينما ازدادت أهميته عاما بعد الآخر بعد إشراق نور الإسلام أمر الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضى الله عنه بأن تعود جدة ميناءً لمكة المكرمة فتحولت إلى بوابة تاريخية، وواجهة لملايين البشر الذين يقصدون بيت الله الحرام كل عام،ومع احتفالات المسلمين بقدوم موسم الحج نتناول تلك المدينة التى تمتد جذورها فى عمق التاريخ القديم .. فبعض المصادر نسبتها إلى أم البشر حواء وقالت إن رفاتها تحويها جدة، وذلك سيعطيها الأسبقية فى الاستيطان البشرى على معظم المدن. وأرجع البعض أصل تسميتها إلِى جُدة التى تعنى بالعربية شاطئ وهو ما ذكره ياقوت الحموى فى معجم البلدان وابن بطوطة فى رحلته، وقد احتفظت المدينة باسمها منذ البداية حتى اليوم، واسترجاعا لملامح التاريخ يحوى كتاب «جدة فى شذرات الغزاوى» للدكتور عدنان اليافى- أحد مؤرخى جدة المعاصرين- بين دفتيه تاريخ تلك المدينة فى أزمنة مختلفة، ويروى لنا دور المؤرخين والرحالة الذين زاروها، فقد أعطونا صورا واضحة عن ارتباط جدة بمكة المكرمة والحج، ومنهم ابن جبير الذى وصف تلك المدينة تفصيليا، متحدثا عن وصول الحجاج إلى مينائها. وبعده بمائة عام فى القرن السابع الهجرى رسم ابن المجاور أقدم خريطة معروفة لجدة ضمن كتابه«تاريخ المستبصر» وقناعته بقدم إتخاذها مرفئا لمكة المكرمة ووصفها بأنها شديدة الازدحام وقت الحج، وأتى بعد مائة عام أخرى فى القرن الثامن الهجرى الرحالة الشهير ابن بطوطة متحدثا عن «جدة» كما رآها متناولا مبانيها التى كان الحجاج يستخدمونها ،كما تحدث الرحالة السويسرى المسلم بوركهارت، عن زيارته لها عام 1814 ووصف دكاكينها بدقة، ومدى أهميتها للحجاج، وذكر الضابط الروسى.عبدالعزيز دولتشين رحلته مع الحج عام 1888 متناولاً إياها.ويجمع لنا د.عدنان اليافى فى كتابه آراء اللغويين و ما جاء فى كتب الرحالة، واختتمه بمجموعة من القصائد التى تغنى بها الشعراء.