أثار إعلان الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى أنه سيطرح أمام البرلمان مقترحا يقضى بالمساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث حالة من الجدل فى الداخل التونسي، حيث تظاهر آلاف المواطنين فى تونس للمطالبة بضرورة تطبيق مادة المساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث. ونظمت مئات التونسيات مسيرة حاشدة إلى مقر البرلمان للمطالبة بالمساواة فى الميراث ليفتحن الجدل من جديد حول القانون. ورفعت المتظاهرات شعارات من بينها «لا جمهورية بدون حرية» «تونس دولة مدنية واللى ليك ليا» و«المساواة حق موش رمزية». وكان آلاف التونسيين قد احتشدوا السبت الماضى أمام مجلس النواب احتجاجا على تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة المثير للجدل، بسبب تناوله مواضيع حساسة مثل المساواة فى الميراث وإلغاء عقوبة الإعدام وعدم تجريم المثلية الجنسية. وتجسدت حالة الجدل والخلاف الداخلى فى تونس على مستويين، الأول فى مظاهرات ومسيرات ما بين مؤيدة ومعارضة لقرار الرئيس السبسى، بعرض نص مشروع القانون على البرلمان بعد انتهاء العطلة البرلمانية فى أكتوبر المقبل، والآخر كان على مواقع التواصل الاجتماعى التى توالت عليها التغريدات والتدوينات الجدلية حول اتجاه تونس للمساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث. كما اثار تباين المواقف بين قيادات حركة «النهضة» التونسية حول تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة خلافات حادة داخل «إخوان تونس»، وذلك فى تطور لافت أعاد الصراعات بينهم مجددا إلى الواجهة بقوة، وسط توقعات بأن تشهد المرحلة المقبلة انقسامات غير مسبوقة فى صفوفهم. وبعد الصراع الذى شهدته الحركة نهاية الأسبوع الماضى بين القياديين السيد الفرجانى وحسين الجزيري، على خلفية الموقف من مصير حكومة يوسف الشاهد، ظهر صراع آخر بين كل من المستشار السياسى لرئيس حركة النهضة لطفى زيتون، والوزير السابق والقيادى البارز بالحركة محمد بن سالم، بسبب الموقف من تقرير لجنة الحريات والمساواة الفردية. وشن بن سالم، هجوما غير مسبوق على زيتون، و اتهمه ب «التغريد منذ مدة طويلة خارج السرب»، باعتبار أن له آراء مخالفة داخل الحركة، خصوصًا فيما يتعلق بتقرير «لجنة الحريات». وقال إن الحركة لن تصوت على هذا التقرير، لاسيما مبادرة المساواة فى الميراث، موضحًا بالقول :»حسب معرفتى للحركة وقياداتها لا يمكن الاختلاف حول الثوابت». وردا على هذه الاتهامات، كتب المستشار السياسى لرئيس حركة النهضة، لطفى زيتون عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»: إن «المحاولات لتأسيس شرطى رأى فى حركة النهضة، يصادر الرأي، يزيف الحقائق، ينشر مسائل داخلية مازال النقاش جاريا فيها داخل المؤسسات». ويظهر الخلاف بين محمد بن سالم ولطفى زيتون، أن الصراعات قد أصبحت على أشدها داخل حركة النهضة التونسية، بحسب مختار زغلود الباحث التونسى المختص فى شئون الجماعات الإسلامية. وقال زغلود، إن الخلافات داخل النهضة ستشهد تصاعدا لافتا خلال الفترة المقبلة لا سيما مع اقتراب الاستحقاق الرئاسى المرتقب خلال العام المقبل. من جانبه، رجح هاشم الحجي، أن يزيد الخلاف حول تقرير لجنة الحريات وحول مصير حكومة الشاهد، فى تعميق الشرخ السياسى والتصدع التنظيمى داخل «إخوان تونس» وقد يدفعان إلى حدوث انقسامات أو انشقاقات داخل الحركة، بحسب قوله. وقال مصدر من داخل حركة «النهضة»، إن الصراع بين من يسمون ب»صقور» و»حمائم» الحركة بلغ درجة عالية من التوتر، الذى قد يعكس ما يعصف بهذه الحركة من خلافات جوهرية احتدت فى الآونة الأخيرة. وكشف المصدر أن رئيس الحركة راشد الغنوشى يستعد لعقد اجتماع طارئ بقيادات الحركة، حال عودته من الخارج، بهدف احتواء هذه الخلافات، خشية أن تستفحل الصراعات وتتحول إلى تهديد حقيقى لمستقبل الحركة خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.