* الوصية لا تتجاوز ثلث التركة بعد تسديد الديون توفيت شقيقتى عن إخوة أشقاء وكانت قد أوصت قبل وفاتها ألا يرث الأخ الأكبر والأخت الشقيقة شيئا منها، وأن تؤول تركتها إلى ذرية شقيقيها، وأحد الشقيقين له ولد وثلاث بنات، والآخر له ولد وبنت فكيف تقسم الوصية بينهم؟ أجابت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية: تضمن السؤال الإشارة إلى وجود وصية بجميع التركة لبعض الأقارب غير الوارثين، وهى وصية صحيحة تنفذ فى حدود الثلث وإن لم يرض الورثة، ولا تنفذ فيما زاد إلا بإجازتهم، وإن أجازها فيما زاد على الثلث - بعض الورثة ورفض آخرون فإنها تنفذ فى حق من أجاز دون من رفض. كما اشتمل الحال فى واقعة السؤال على رغبة فى حرمان الورثة المستحقين وهذا ما لا يملكه المتوفى ولا يجوز العمل به. وبناء على ذلك نقول، أولا: يعطى الموصى لهم ثلث التركة وصية تقسم بينهم بالسوية للذكر مثل الأنثى كأنهم أبناء رجل واحد لأن الأصل فى التشريك المساواة ما لم ينص على خلافه، وما زاد عن الثلث يتوقف على إجازة الورثة. ثانيا: تقسم التركة بعد تسديد الديون وتنفيذ الوصية منها على الإخوة الأشقاء ذكورا وإناثا للذكر مثل حظ الأنثيين - ما لم يكن هناك ورثة آخرون - لقوله تعالى: »وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ« [النساء: 176] توفى أخى وكان يكفل طفلة يتيمة، وقد شهد شهود كثيرون أنه أوصى لهذه الطفلة بشقة يملكها وتؤجر وينفق عليها من إيجارها لتعليمها وتجهيزها، ولكننا لم نجد هذه الوصية مكتوبة، والسؤال هل نحن آثمون شرعا إذا لم ننفذ هذه الوصية؟ أجابت لجنة الفتوى: إذا ثبتت الوصية بشهادة الشهود العدول الثقات وجب تنفيذها فى حدود ثلث التركة. وتنفيذ الوصية يقدم على تقسيم التركة، وتجوز الوصية بالمنفعة فقط وبالعين والمنفعة معا. وإذا ثبت لدى الورثة صحة الوصية بشهادة الشهود العدول وجب على الورثة تنفيذ هذه الوصية ما دامت الوصية فى حدود ثلث التركة، فإن جاوزت الوصية ثلث التركة توقف تنفيذها على إجازة الورثة، قال تعالى فى آية المواريث «مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِى بِهَا أَوْ دَيْنٍ», فإن لم ينفذوا الوصية مع تأكدهم من صحتها شفويا أثموا. والوصية إما أن تكون بالعين فقط (ملكية الشقة) أو بالمنفعة فقط (قيمة الإيجار) أو بهما معا، فإذا كان المتوفى قد أوصى للطفلة المذكورة بعين الشقة ومنفعتها، فإن هذه الشقة تصير ملكا لهذه الطفلة ما لم تبلغ ثلث التركة وتستحق الأجرة حتى ينتهى عقد الإجارة، وعند انتهائه تملك هذه اليتيمة العين والمنفعة، أما إن كان المتوفى قد أوصى بالإنفاق على هذه اليتيمة من عائد الإيجار حتى تتزوج فإن هذه وصية بمنفعة مدة معينة فإن تزوجت الفتاة قسمت الشقة على الورثة الشرعيين على قدر أنصبتهم.
* الميت يسمع المشيعين ويشعر بمن يزوره هل الميت يشعر بمن يزور قبره؟ أجابت لجنة الفتوى: وردت أحاديث تفيد سماع الميت لبعض ما يقوله الأحياء اطلع النبى صلى الله عليه وسلم، على أهل القليب، فقال: هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟ فقيل له : تدعو أمواتاً، فقال: ما أنتم بأسمع منهم ولكن لا يجيبون. وأخبر النبى عن أن الميت يسمع قرع نعال المشيعين، وأحاديث غيرها كثيرة لكن الذى نراه أن الميت إنما يسمع ما يتعلق بحياته البرزخية من رفع الدرجات له وإضافة حسنات له بما يفعله أهله له بعد موته. أما ما يتعلق بحال حياة الأحياء من معيشة وزواج ونجاح وغير ذلك من متع الدنيا فليس هناك حديث صحيح يؤيد ذلك ولأن الميت مشغول بحياته عن الدنيا فلا يهمه إلا ما يتعلق بثواب يصل إليه دون غرور الدنيا وزخرفها.
* أولادى يسيئون إلىَّ ويعتدون علىَّ ويقابلون إحسانى بالإساءة ما حكم توريثهم؟ أجابت لجنة الفتوي: إن الله لم يجعل توزيع التركة مفوضا إلى أحد بل تولى سبحانه وتعالى بيان تقسيم التركة فى كتابه الكريم حتى لا يقع خلاف، وقال تعالى عقب آيات المواريث: «تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ» [النساء: 13، 14]، وللإنسان حرية التصرف فى ماله فى حال حياته، ما دام تصرفه مباحا ولا يقصد به الإضرار بالآخرين، أما تركة الإنسان فلا سلطان له عليها، وتقسيمها يتم وفق الأمر الربانى لا وفق رغبة الإنسان. والتحايل على الأحكام الربانية من كبائر الذنوب وعلى المسلم أن يخضع لأحكام الله تعالى سواء وافقت هواه أو لم توافق. والسائل لا يحل له شرعا أن يعطى من شاء وأن يحرم من شاء لأن قضية الميراث محتومة بالأمر الإلهي، ونوصى الأبناء بأن يتقوا الله وأن يراعوا حرمة والدهم لا سيما مع كبر سنه وإحسانه إليهم فى التربية، وليعلم هؤلاء الأبناء أن بر الأب فريضة شرعية، ولا سبيل لدخول الجنة مع العقوق قال النبى صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنةَ منَّانُ، ولا عاقُّ والديه، ولا مدْمِنُ خَمْر».