لم يكن يتوقع أبدا شيف المشويات في أحد مطاعم ولاية ويسكونسن الأمريكية أنه سيكون يوما مرشحا علي بطاقة الحزب الجمهوري كنائب للرئيس لخوض الانتخابات الأمريكية الرئاسية عام2102. فبول راين-24 عاما- الذي توفي والده وهو في السادسة عشر من عمره إثر إصابته بأزمة قلبية مفاجئة, اضطر للاعتماد علي نفسه وتحمل نفقاته حتي يكمل مشوار تعليمه في المرحلة الثانوية ليصبح بعدها طالبا بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة ميامي بولاية أوهايو. ولخلفية رايان المحافظة, إذ نشأ في أسرة جمهورية خالصة عرف عنها عشقها الشديد للرئيس الجمهوري رونالد ريجان, برز اهتمامه بنظريات الاقتصاديين المحافظين أمثال فردريش هايك وميلتون فريدمان وآين راند علي نحو أثر في توجهاته وأفكاره بدرجة كبيرة وأصبح يناقش اساتذته كاقتصادي نابغ ليس كطالب التحق بالجامعة منذ بضعة أشهر. وسارع في دخول غمار الحياة السياسية منذ أن كان في عامه الرابع بالكلية ولكن من بابها الخلفي حيث عمل متدربا في مكتب السيناتور بوب كاستين ليراقب عن كثب ما يدور في كواليسها. وعندما اتقدت توجهاته السياسية, قرر رايان الانضمام لحركة تمكين أمريكا- جماعة ضغط سياسي- حيث تعرف علي قادة الفكر المحافظ في بلاده كالسيناتور جاك كيمب الذي عمل بعد ذلك ضمن إطار حملته الانتخابية كنائب للرئيس الجمهوري المرتقب في انتخابات عام.1996 عقب ذلك, انتقل رايان لمكتب سام براونباك- سيناتور كانساس- ليعمل به طيلة عامين آخرين, يعلن بعدهما بزوغ نجم جديد في عالم السياسة الامريكية من خلال ترشحه لمجلس النواب عن ولايته ويسكونسن تحت لواء الحزب الجمهوري. وظل رايان يكتسح كل خصومه الديمقراطيين جولة تلو الأخري حتي بات يخدم الان في فترته السابعة بالمجلس ولكن بعدما أصبح رئيسا للجنة الميزانية به. وبحكم مسئولية رايان عن ذلك الملف الشائك,اصطدم كثيرا بالرئيس الأمريكي باراك أوباما, حتي بلغ الامر ذروته في مارس الماضي بطرح النائب الجمهوري لمشروع الطريق الي الازدهار الذي دعا من خلاله الي خفض الانفاق الحكومي بقيمة خمسة تريليون دولار عبر تخفيضات مثيرة للجدل في الرعاية الصحية والدعم الذي يذهب للمسنين والفقراء في البلاد. البلبلة التي اثيرت في المجتمع وخلقت جدلا حادا لم تشهده الولاياتالمتحدة منذ عقد مضي, حسم عندما توقف المشروع في مجلس الشيوخ ذا الأغلبية الديمقراطية قبل فترة,إلا أن خبر اختيار رايان نائبا لمرشح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في6 نوفمبر المقبل,عاد ليفجره من جديد ويثير ناقشا حاميا حول مستقبل الاقتصاد الامريكي ودور الحكومة في الحياة اليومية للمواطن.المثير في الامر هو تناقض ذلك الفج مع فقه شيوخ السياسة الذين يعتبرون معايير اختيارالنواب تتلخص في كونهم الأقل إثارة للغط والأكثر قدرة علي جذب الناخبين المستقلين وليس تفتيت القاعدة الشعبية التي يرتكز عليها المرشح الرئاسي. رومني قد يكون وجد في رايان قصة كفاح أراد من خلالها أن يضيف زخما لحملته الانتخابية ويحرز تقدما علي منافسه الديمقراطي الذي سبقه في استطلاعات الرأي بفارق تراوح ما بين5% الي7%. كل ذلك رائعا, لكن أين الولايات المتأرجحة من حسابات رومني؟!, فولاية بحجم فلوريدا التي يقطنها زهاء ال61 مليون نسمة قد لا تجد أمانها في كنف الجمهوريين خاصة وأن أغلبية سكانها من المسنين الذين سيكونون أول المتضررين من خفض الانفاق الحكومي علي الرعاية الصحية. كما أن القاعدة اليمينية والمحافظة نفسها التي غازلها رومني باختياره يوجد من بينها من يعارض وجود رايان ولا ينسي له تصويته لصالح خطة إنقاذ الاقتصاد الامريكي عام8002 التي كلفت البلاد007 مليار دولار. سؤال اخر, كيف يمكن لرومني علاج القصور الواضح في ملف السياسة الخارجية؟, فلقد سجل المرشح الجمهوري في جولاته الخارجية الأخيرة التي شملت إسرائيل وأوروبا الكثير من الإخفاقات كتصريحاته حول أوليمبياد لندن ومدي استعداد المملكة المتحدة لاستقبالها. أما نائبه فقضي حياته كلها في ولاية ويسكونسن وحل مشاكلها الداخلية. الرئيس أوباما عندما واجه المشكلة ذاتها لدي ترشحه عام8002 عوضها باختيار جو بايدن نائبا له لتاريخه الحافل بالعلاقات الدولية والخارجية. قد لا يعود اختيار رايان علي رومني بالكثير من النفع سوي في جلب دولارات أثرياء اليمين, فالمتأمل لاستطلاعات الرأي الأخيرة يجد أن الزيادة الطفيفة التي تطرأ علي شعبية المرشحين لدي اعلان اسماء نوابهم لم تحالف رومني تلك المرة بل ظل علي حاله مع احتفاظ أوباما بتقدمه. [email protected]