وانقضي رمضان بروحانياته العالية, وبرغم حرارة الجو وانقطاع المياه والكهرباء لفترات طويلة في معظم الأيام, فإن الله عز وجل كان لطيفا بعباده, وأنزل سكينته علي قلوبنا, فلم نشعر بمعاناة في صيامه. وكنت أتصور علي قدر علمي, أن رمضان هو فرصة منحها الله تعالي لكل مسلم لكي يطهر نفسه من آثام عام مضي, ويشحنها بالإيمان, فيقضي لياليه مناجيا ربه, طالبا عفوه ومغفرته ورضاه. إلا أنه علي ما يبدو أن مفهوم رمضان عند أهل الفضائيات مختلف تماما, فبدلا من التركيز علي برامج توعية الناس بتعاليم الدين وأخلاقياته السامية, فقد قاموا باستغلاله كفرصة للتنافس علي عرض أكبر قدر من المسلسلات. وللحق لم أشاهد أيا من هذه المسلسلات ولم أحاول, بل علي العكس تعمدت ألا أتابع أيا منها, فيكفي الإعلانات الخاصة بالمسلسل لكي أعرض عنه, فهي تدفع من يحترم نفسه وأسرته إلي ألا يعرض نفسه لموقف حرج بمشاهدتها لما تحويه من مناظر العري والرقص وتعاطي الخمر والعنف, كل هذا يعرض في الشهر الذي حض الله فيه الناس علي قضاء لياليه في تلاوة القرآن الكريم والدعاء والصلاة. كنت أخاف علي حفيدي أن يسمع الألفاظ النابية والسوقية والشتائم التي كان يتفوه بها كبار الفنانين في تلك المسلسلات, فيرددها دون أن يعي معانيها. لقد قال لي ابني إنه بالمصادفة وهو يحول مؤشر القنوات أنه استمع إلي حوار لنجمة كبيرة لامعة تتحدث بألفاظ يستحيي هو نفسه أن يقولها. فهل بهذا الأسلوب والتماشي مع تيار الانفلات الفني سوف تحافظين علي وجودك الفني علي الشاشة بعد أن تقدم بك العمر؟ أعتقد أن العكس صحيح, فالمتفرج يحرص علي مشاهدة الفنان الذي يحترمه ويحترم نفسه, وأقول لها إنها خسرت الكثير من رصيدها الفني ولن يعوضها زيادة رصيدها في البنوك والذي قد تقضي عمرها دون أن تنفقه. نتمني أن يعود للفن احترامه ليحافظ علي رسالته السامية. [email protected] المزيد من أعمدة مها النحاس