* تفاصيل رحلة علاج عارف عفورى فى "القصر العينى" * مصر تمنع بيع المصل إلا فى المستشفيات الحكومية حفاظا عليه
«عارف غفوري»، شاب تركى فى الثامنة والعشرين من عمره، يمتهن فى بلاده السحر والألعاب الخطرة، وذاع صيته فى البلاد المجاورة، وعرف بترويض النمور والأسود والثعابين التى يقتنيها فى منزله باسطنبول، وفى يوم الأحد الماضى لدغه أحد ثعابينه من نوع الكوبرا بطريقة درامية أقرب للخيال. وكان الطبيب المصرى «فتوح حسنين» - الذى له خبرة طويلة فى التعامل طبيا مع الجانب التركى حيث أسهم فى نقل حالات حرجة لأطفال مصريين ميئوس من شفائهم للعلاج فى تركيا- شاهدا على قصة «عارف» منذ تعرضه للدغة الثعبان فى تركيا وحتى تماثله للشفاء فى غرفته الخاصة بقصر العينى الفرنساوى فى مصر، حيث كان هو حلقة الوصل بين الجانبين منذ البداية. يقول د. فتوح ل«الأهرام»: «أثناء تفقد عارف حيواناته وجد أحد ثعابين الكوبرا ميتا، وبعد تفحصه قرر الاستفادة منه بتحنيطه، وعندما بدأ بغسله تمهيدا لذلك فوجئ بالحية تستيقظ وتلدغه فى ذراعه وتفر هاربة. وحاول أصدقاء عارف إسعافه وتواصلوا مع جميع مراكز علاج السموم فى تركيا لكنهم لم يعثروا على المصل، وبالبحث السريع علموا أن المصل لا يوجد فى البلاد القريبة إلا فى المعهد الأفريقى للسموم فى باريس، وأيضا فى مصر، فراسلوا الجهتين، وكانت القاهرة الأسرع فى الاستجابة». مساء الأحد تلقى الدكتور فتوح اتصالا من مساعد القنصل التركى يسأل عن توافر مصل عضة ثعبان الكوبرا، فما كان منه إلا أن تواصل مع مركز المصل واللقاح للتأكد لكنه كان قد أغلق أبوابه، وفى الصباح بعد مرور ليلة عصيبة على جميع الأطراف التى تحاول إنقاذ عارف الذى يناضل للبقاء حيا فى تركيا، أفاد المركز بتوافر المصل لكن لا يمكن إرساله إلى تركيا إذ تمنع وزارة الصحة تداول المصل إلا للمستشفيات الرسمية المصرية شرط وجود المريض بإحدها، وذلك حفاظا على تلك الثروة، حيث تعد مصر من الدول القليلة المتقدمة فى مجال علاج السموم. ولم يكن أمام الدكتور فتوح إلا إبلاغ السفارة التركية بضرورة إحضار المريض إلى القاهرة بأقصى سرعة للحفاظ على حياته، وعلى الجانب الآخر فى تركيا لم تتأخر السفارة المصرية فى منح تأشيرة فورية لعارف كما لم يتردد أصدقاؤه فى المشاركة لاستئجار طائرة خاصة تحمله فورا إلى مصر التى وصل إليها ظهر الإثنين فى حالة سيئة بعد مرور ما يقرب من عشرين ساعة على الإصابة. يستطرد دكتور فتوح «تواصلت مع د.عمرو رشيد نائب رئيس هيئة الإسعاف الذى قام بتوفير سيارة إسعاف تناسب حالة المريض الذى كان واعيا لكن فى حالة سيئة خاصة أن الإسعافات الأولية التى تلقاها فى تركيا كان ينقصها الخبرة فى التعامل مع الحالة، حيث قاموا بربط ذراعه المصابة بشدة وهو ما يمنع سريان الدم تماما واحتجازه فى المنطقة المصابة مما يؤدى لتعرضه لجلطات خطيرة، وكان الصحيح تخفيف الربط بحيث يسمح بسريان ضعيف للدم لتفادى المضاعفات. وبمجرد وصول عارف إلى صالة 4 بمطار القاهرة توجهت به الإسعاف فورا إلى قسم علاج السموم فى مستشفى القصر العينى الفرنساوى الذى كنت قد رتبت به غرفة نظرا للكفاءة المشهودة للمستشفى العريق الذى يقدم أعلى خدمة طبية كما أنه مشفى حكومى يتبع الدولة». أما الدكتور نبيل عبد المقصود، الحاصل على الدكتوراه فى علاج السموم من أمريكا، ويقوم على علاج عارف فيقول «تلقيت اتصالا عن إمكانية علاج عارف بالقاهرة فطلبت الإطلاع على ملف الحالة ووجدت أن أمامنا فرصة لإنقاذه فوافقت على حضوره، ثم تواصلت مع وزارة الصحة التى لم تتأخر فى توفير المصل بكميات كبيرة تناسب الجرعات التى يحتاجها المريض. أما عارف، فدمعت عيناه وهو يقول: لم يسبق لى أن زرت مصر من قبل، ولم أكن اعرف عنها الكثير، ورغم صعوبة التجربة ومرارة الساعات الطويلة التى عشتها بين الحياة والموت مترقبا إنقاذي، إلا أننى ممتن للأزمة لأنها قادتنى إلى مصر التى فوجئت بحرارة مشاعر مواطنيها منذ اللحظات الأولى عند استقبالى فى المطار، ثم عربة الإسعاف، ثم المستشفى الرائع، لذا فأنا أنوى العودة إليها زائرا فى أقرب وقت للتعرف عن قرب على هذا الشعب العظيم المضياف».