لا أظن أحدا يختلف معى فى أن ثورة 23 يوليو عام 1952 بقيادة ابن مصر البار جمال عبد الناصر صنعت نموذجا للتغيير السلمى ليس فى مصر وحدها وإنما فى إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.. وبصرف النظر عن أن هذا الاستهلال لن يرضى البعض فإن القراءة التاريخية المجردة لهذه الثورة تقودنا إلى صحة اليقين بأنه رغم تحديات ومصاعب الحقبة الاستعمارية أن الثورة فتحت الباب لطريق آمن نحو التغيير الذى كانت تنشده معظم الشعوب المغلوبة على أمرها وظلت لسنوات طويلة تبحث وتتكشف معالم هذا الطريق إلى أن جاءت ثورة يوليو لتؤكد أهميته، وكيف أنه كانت ضرورة حتمية لتخليص هذه الشعوب من استعمار بغيض استباح لنفسه حق نهب الثروات واستعباد الشعوب. وليست هذه شهادتى وإنما ذلك ما تقول به البحوث والدراسات والتحليلات فى العواصم العالمية وأغلبها كان من أشد المعادين لثورة يوليو ولجمال عبد الناصر، ومع ذلك يعترفون لهذه الثورة وزعيمها بأنها هى التى أرست اللبنات الأولى لصنع تقدم اجتماعى واقتصادى وثقافى لم يكن ينقصه سوى تقدم مماثل على طريق الممارسة الديمقراطية، لكن من الظلم للتاريخ وللحقيقة أن يقول البعض، أن غياب الديمقراطية كان عنوانا لعصر مخيف ومرعب، وإنما يمكن القول بحدوث تجاوزات اقتضتها ضرورات التحول الاجتماعى ولكن لم يترتب على هذه التجاوزات أى مساس بالقيم الدينية والإنسانية والمعنوية للشعب المصرى. ولعله لا يغيب عن كثيرين أن طبيعة العصر الذى تفجرت فيه ثورة يوليو كانت مليئة بتحديات ومخاطر دبرتها القوى الاستعمارية من أجل فرض حصار على الثورة المصرية لمنع امتداد تأثيراتها خارج الحدود، فكانت الكلفة باهظة وكانت الضرورات الاحترازية فى الداخل ليست فقط ضرورات واجبة وإنما ضرورات حتمية كأحد أثمان التغيير الذى ظللنا نحلم به لسنوات طويلة.. وربما تكون لنا عودة مع هذا الملف مجددا بمناسبة الذكرى ال 66 للثورة.. والتى تتماثل تحدياتها مع بعض التحديات التى واجهتها مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013. خير الكلام: كلما زاد عدد الجهلاء ارتفعت قيمة الأذكياء! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله