الرجل... والثورة! منذ رحيل الزعيم جمال عبد الناصر المفاجئ يوم28 سبتمبر عام1970 لم تتوقف حملة التشكيك في الرجل وثورة23 يوليو مما أثار جدلا واسعا بين الكارهين للثورة والمؤمنين بها! والحقيقة أنه لايمكن الفصل بين الثورة والرجل فقد كان جمال عبد الناصر- وبصرف النظر- عن أي شئ ثائرا مصريا اتفقت إرادته مع نخبة من أطهر شباب مصر علي ضرورة تغيير الواقع المأساوي الذي كان نموذجا مستفزا لتوحش الإقطاع واستشراء الاحتكار وسيطرة رأس المال علي الحكم وانتشار المحسوبية وغياب العدل الاجتماعي... أو علي صعيد السياسة الخارجية حيث كانت مصر دولة تابعة لا تملك قرارها بسبب خضوعها للاحتلال البريطاني. إن تصدر عبد الناصر للمشهد لم يكن وليد الصدفة وإنما بإجماع أعضاء مجلس قيادة الثورة الذين خرجوا ليلة23 يوليو بأحلام عريضة عكستها وثيقة المبادئ الستة للثورة التي اكتسبت زخما وقوة من حجم وعمق التأييد الشعبي لها وهو ما أسهم في تحقيق إنجازات ملموسة علي صعيد الواقع الاجتماعي بينما تعثرت الخطي علي طريق الديمقراطية المشار إليه كبند في وثيقة مبادئ الثورة. لقد أنجزت الثورة تحت قيادة عبد الناصر قانون الإصلاح الزراعي وكسرت احتكار السلاح وأنهت سيطرت رأس المال علي الحكم وأممت قناة السويس وأكملت بنجاح عملية تمصير جميع مؤسسات الدولة وشيدت السد العالي وأدخلت مصر إلي عصر التصنيع وأزالت- بدرجة كبيرة- مساحة الفوارق الاجتماعية بين الطبقات ونشرت مراكز ومدارس ومنابر التعليم والثقافة علي طول امتداد الوادي وأدخلت الكهرباء والمياه النقية والوحدات العلاجية إلي القري والنجوع. وليس دفاعا عن الثورة وقائدها أن يقال بكل الصراحة والمسئولية أنها استطاعت أن تصحح في زمن قياسي أكبر أخطائها عندما أعادت بناء القوات المسلحة عقب هزيمة5 يونيو1967 التي لم تكن فقط بسبب مؤامرة دولية وقعنا في شباكها وإنما أيضا بسبب أخطاء وصراعات في الداخل جعلت أوضاعنا العسكرية والسياسية شبه مكشوفة. ما أنجزته ثورة يوليو بعد5 يونيو1967 وحتي8 أغسطس عام1970 بإدخال حائط الصواريخ إلي حافة قناة السويس بعد ملحمة حرب الأستنزاف البطولية هو إنجازها الأعظم في التصحيح والاعتذار عن الخطأ! خير الكلام: مراجعة التاريخ مثل زيارة المتاحف... كلاهما يوقظ العقل ويثير الدهشة! [email protected]