انتخابات النواب، السيدات يتصدرن المشهد الانتخابي بلجنة صنافير بقليوب (صور)    ضبط 3 أشخاص بالمطرية وبحوزتهم عدد من كروت الدعاية الانتخابية    العدل يدعو للمشاركة في جولة الإعادة البرلمانية: الانضباط داخل اللجان يعزز الثقة والبرلمان القوي شرط للإصلاح    انطلاق احتفالية الأزهر الشريف السنويَّة بالأشخاص ذوي الإعاقة    قرار وزاري بتحديد رسوم زيارة المحميات الطبيعية والفئات المعفاة    باسل رحمي: نحرص على تدريب المواطنين والشباب على إقامة مشروعات جديدة    تطبيق نظم دقيقة لرصد الأداء البيئي للمشروعات باستخدام مؤشرات كمية ونوعية    التشغيل التجريبي قريبًا، محافظ الجيزة يعلن جاهزية 3 محطات رفع صرف صحي جديدة    أبو الغيط يؤكد ضرورة العمل على إعادة مجتمع غزة إلى الحياة الطبيعية    مدير مكتب الإعلام الحكومي بغزة: الطقس كشف هشاشة معيشة الفلسطينيين بالقطاع    أبو كويك: اللجنة المصرية تطلق مبادرة لإيواء النازحين في غزة    بوتين يؤكد تطوير القدرات العسكرية ومواصلة العملية فى أوكرانيا    كأس العرب 2025.. طارق السكتيوى يكشف موقفه من تدريب منتخب المغرب الأول    قائمة ريال مدريد - غياب فالفيردي وكورتوا في مواجهة تالافيرا    كأس العرب - جراحة ناجحة ل يزن النعيمات في الرباط الصليبي    إصابة شخصين في انقلاب سيارة نصف نقل على الطريق الأوسطي بالمنيا الجديدة    إحالة أوراق متهم بقتل شخص فى سوهاج بسبب خلافات ثأرية إلى فضيلة المفتى    الحكومة توضح حقيقة مشكلات الصرف الصحي في قرى مغاغة: سببها التسريب والكسر وليس سوء التنفيذ    رشاوى انتخابية، ضبط 4 أشخاص بحوزتهم أموال وبطاقات هوية مواطنين بالمطرية وحلوان    إصابة شخص إثر انقلاب سيارة ربع نقل بصندوق بالمنيا (صور)    الداخلية تضبط 3 أشخاص لتوزيعهم أموال بمحيط لجان المطرية    إنفوجراف.. شريف سعيد فاز بجائزة نجيب محفوظ 2025    حقيقة انفصال مصطفى أبو سريع عن زوجته بسبب غادة عبدالرازق    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح ملتقى القاهرة الدولي للخط العربي    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    التأمين الصحى الشامل يوفر دواء بمليون و926 ألف جنيه لعلاج طفل مصاب بمرض نادر    المطبخ المصري.. جذور وحكايات وهوية    المحمدي: ظُلمت في الزمالك.. ومباريات الدوري سنلعبها كالكؤوس    أم كلثوم.. حين تتحول قراءة الرمز إلى تقزيم    أوكرانيا تعلن استهداف مصفاة نفطية روسية ومنصة بحر القزوين    شوبير يوضح تفاصيل عرض لاعب الزمالك على الأهلي خلال الميركاتو الشتوي    مشاهد عائلية لافتة في لجان المطرية بجولة الإعادة لانتخابات النواب    «الست» تتصدر شباك التذاكر.. أبرز إيرادات أفلام دور العرض المصرية    درجة الحرارة 1.. غيوم وأمطار غزيرة على مدينة سانت كاترين    ممثل البابا تواضروس: المحبة حجر الأساس لمواجهة خطاب الكراهية وبناء مجتمع متماسك    المصرف المتحد يرعى المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الثانية والثلاثين    البرهان يعلن استعداده للتعاون مع ترامب لإنهاء الحرب في السودان    اتجاه في الزمالك لتسويق أحمد حمدي في يناير    "متبقيات المبيدات" يستقبل وفدا صينيا رفيع المستوى لتعزيز جهود فتح الأسواق العالمية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17-12-2025 في محافظة الأقصر    إقبال كبير على التصويت في جولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب 2025 بالبساتين    تزايد اقبال المواطنين بلجان انتخابات الإعادة لمجلس النواب بالغربية    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    أبو الغيط: الاحتلال يُمعن في إفراغ وقف إطلاق النار بغزة من مضمونه    بعد إدراج الكشري في اليونسكو.. التراث غير المادي مهدد بالاندثار دون توثيق    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    الصحة تكشف تفاصيل تجديد بروتوكول مواجهة الطوارئ الطبية لمدة 3 سنوات جديدة    اسعار الخضروات اليوم الاربعاء 17 ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    «كامل أبو علي»: أتمنى فتح صفحة جديدة وعودة العلاقات مع الأهلي    مرونة الإسلام.. وخلافات الصحابة    من سندرلاند إلى ليفربول.. خريطة غيابات الدوري الإنجليزي في كان 2025    وفاة نيفين مندور بطلة فيلم "اللي بالي بالك"    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاربعاء 17-12-2025 في محافظة قنا    سعر الدولار اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025 في مصر    وكيل صحة الإسماعيلية تُحيل المقصرين بوحدة «أبو جريش» للتحقيق    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السَّاعة النَّفْسِيَّة العربيَّة

يقول الكاتب والخبير العالمى الراحل الدكتور إبراهيم الفقي:هناك ما يُعْرَفُ بالسّاعة النفسية( أو الوقت النفسي)، وهى تستطيع أن تنتقل بك إلى الماضى لتعرض عليك أحداثاً أو تجارب تعرَّضت لها، أو إلى المستقبل لتعرض عليك أحداثاً لم تقع بعد. وهذا الرأى يطرح جملة من التساؤلات، لعل أهمها: كيف نوظف الساعة النفسية؟، وما تأثير استحضار الزمن، سواء أكان ماضيا أم حاضرا؟، وهل هناك ساعة نفسيَّة جماعية، كأن تكون الساعة النفسية عَرِبيَّةً مثلا، أى ذات طابع قومي؟.
بدايةً، علينا أن نُقر أن الوقت النفسى بالنسبة للعرب جميعهم، فرادى وجماعات وشعوب ودول، هو انتقال غير ممنهج إلى الماضي، حيث إن هذا الأخير يَطَال كل جوانب حياتنا، ويحكمنا الأموات، أكثر من ذلك الحضور المطلوب للأحياء، وهو بالطبع فى جانبه السَّوْدَوِى المُظْلم أقرب منه إلى المحطات النورانية، التى يقف لديها البعض بهدف تبرير عودتنا واستحضارنا وتعلقنا وشوقنا إلى الماضى ما يعنى أننا نواجه أزمة حقيقية فى حاضرنا، لا يُسأل عنها أهل الماضى سواء أكان زمنهم مؤسسا على الحقائق والمعلومات أم على الخرافات والأساطير، او حتى على الجمع بينهما، وما بقى بعد ذلك من دعوات فردية، أو ذات صلة بالعمل المؤسساتى لدول عربية تحاول زرع الأمل، من خلال استحضارها أحداث المستقبل وهو فى الغالب الأعم غير مؤسس، ولا يُّعَوَّل عليه كثيرا، لأن الزمن الحاضر مناقض له تماما، إذ كيف لنا أن نتوقع تطوراً وعدلاً فى المستقبل، ونحن نُوسِّعُ اليوم مساحة التخلف والظلم.
على خلفيّة كل هذا، علينا التحرك فردياًّ وجماعياًّ، شعبياًّ وحكومياًّ من أجل توظيف الأحداث والتجارب، حاضرها ومستقبلها، من أجل أن تكون الساعة النّفسية العربية مُحَقَّقة ومُنْجِزَة لأهداف مشتركة، مع إدراكنا التام أننا نتحدث عن غائِبِيْن، الماضى الذى لن يعود أبداً، والمستقبل الذى قد لا يأتى حسب برامجنا وخططنا البشرية المدروسة.. المهم هنا أن التحرك نحو الساعة النفسية الزمنية الخاصة بالأنا الجمعى يكون بمعنى الاستحضار وليس الانتقال، أى نأخذ منها ما يجعلنا نسترشد بالماضي، خاصة فى جانبه المعرفي، ونسعى للمستقبل على اعتبار أنه نتيجة منطقية للحاضر، وليس وُعُوداً كاذبة لنا ولأجيالٍ لم تأت بعد، أى أنها لا تزال فى عالم الغيب، ومسئولة عن صنع حياتها وصياغة تاريخها، وقد يكون استحضانا للمستقبل عبئا عليها فى حاضرها، وربما يكرر بعضها تجاربنا الدموية الراهنة، فتدخل فى خصومات مع الماضي، الذى هو صناعتنا اليوم، تماما مثلما ندخل نحن اليوم فى صراع شرس مع من سبقونا.
من ناحية أخرى، فإن المرء كما يقول إبراهيم الفقى يستمد من الماضى والمستقبل، وهما لَيْسَا مَوْجُودَيْن فى اللحظة الآنية أحاسيس سلبيَّة تؤثر على حاضره سلبيا، فاللحظة الآنية نقيَّة جداّ، ويلوثها الفرد بتفكيره فى تجارب الماضى السلبية أو مخاوف المستقبل..، هنا يأتى السؤال التالي: كيف لنا أن نعتبر اللحظة الراهنة نقية رغم أنها تكون أحيانا حاملة لمآس وأحزان، ومليئة بالأوجاع والمصائب؟.. ربما يمكن اعتبارها نقيَّةً لسببين، الأول: الركون والاستناد إلى المجتمع، حتى لو استعان المصاب بفرد واحد، والثاني: أنه بمقدورنا التعايش معها إذا تعلقت بمسائل وجودية مثل: الموت، والأمراض المزمنة، وتغير العواطف.. إلخ، أو تغييرها إذا كانت متعلقة بإرادتنا، وفى كلّ الحالات فإن ما يتحقق من مصير الفرد فى رحلة الحياة، هو جزء من حاضر أدبر، أو حاضر يتحقق آنياً وما أقصره أو حاضرا سيتحقق فى المستقبل ليغدو ماضيا بعد ذلك.
لذلك ولغيره، يمكن القول: إن العرب فى حاضرهم، مهما تكن الأزمات التى يعيشونها، يملكون زمناً يحمل من النقاء ما يجعلهم أقدر على الصمود والبقاء، ويتجلى ذلك فى عدد من المنجزات ماثلة أمام أعيننا، صحيح أنها تتحقق بصعوبة وبتكلفة باهظة، خاصة بالنسبة للأفراد والعائلات، ولكنها فى المحصلة النهائية تصنع الأنا الجمعى بمعناه القومى فى ظل صراع أممى من أجل البقاء، فإذا أضيف لذلك تراكم التجارب الإيجابية، والتخلِّى عن مخزون الأحداث والتجارب السلبية، فإننا سنتمكَّن من تغيير واقعنا، ولنا فى تاريخنا المعاصر ما يغنينا عن استحضار سلبيات الماضي، أو تضخيم المخاوف من المستقبل، من ذلك انتصار الثورات العربية، وهى بديل عن ظلم المستعمرين وظلامهم، وقيام مؤسسات عربية جامعة كثيرة، أهمها: جامعة الدول العربية بدل تفرق أصواتنا فى المحافل الدولية، وتجمعنا وانتصارنا فى حرب أكتوبر بدل ترديد هزيمة 1967.. إلخ.
إن السَّاعة النَّفسية العربية من خلال الأحاسيس والمشاعر القومية الجارفة، تنتقل بنا اليوم فى رحلة الحياة، وهى تفتح ملفات وتطوى أخرى من خلال الإبعاد والنسيان والتجاهل، وفى ذلك نحن جماعات وشعوب متفرقة، لذلك بأسنا بيننا شديد، ولكى نخرج من هذه الحالة، لا نملك إلا الحاضر، وخصوماته ونزاعاته كثيرة، لا تُعلق على السَّابقين، ويجب ألا تحال إلى اللاحقين، لذا علينا أن نحل من يتخذ من نَقَاء اللَّحظة الزَّمنيَّة مدخلاً.
لمزيد من مقالات ◀ خالد عمر بن ققه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.