مع اهتمام الدولة بمواجهة التلوث البيئى إلا أن الجهود التى تبذلها وحدها مازالت غير كافية لمواجهة ذلك الوحش الذى يحاصر المصريين ويهدد صحتهم وسلامتهم، وليس الأمر مقصورا فقط على الصحة العامة بل أصبح يهدد أيضا سمعة البلاد ويضرها سياحيا، فالتحذيرات من زيارة القاهرة تتداولها المواقع الالكترونية فى كل أنحاء العالم، بسبب ارتفاع معدلات تلوث الهواء وانتشار القمامة والضوضاء والزحام الخانق والخارج عن السيطرة. ولا يمكن مواجهة ذلك بإصدار بيانات تؤكد أن البيئة لدينا فى أفضل أحوالها، وأنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان، فقد استمعنا مسبقا من مسئول كبير إلى تصريحه بأن نهر النيل أصبح أنظف أنهار العالم، ثم جاء من بعد من يقدم لكبار المسئولين تقارير عن التقدم المذهل فى تحقيق الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة إلى آخره، بينما كانت مشاهد الواقع المؤلم تبوح بالتدهور المستمر فى أحوال البيئة. وأمامى الآن نتائج استبيان دولى حول البيئة فى مصر أجراه موقع متخصص حول التلوث فى مدن العالم، جعل القاهرة تقبع فى المركز السابع دوليا من حيث ارتفاع مؤشرات التلوث، بعد كابول فى أفغانستان ودكا فى بنجلاديش وكاتماندو فى نيبال ومدن أخرى بالهند، وحظيت المؤشرات الخاصة بتلوث الهواء والقمامة ونقص المساحات الخضراء وانتشار الفوضى بتقدير (مرتفع جدا)، بينما حظيت مؤشرات تلوث المياه والضوضاء بتقدير (مرتفع). نحن أمام تحد خطير لا يقل خطورة عن الإرهاب لضرره الشديد وآثاره السلبية على الدخل القومى ومقدرات البلاد ومستقبلها وهو التلوث، وهو ما يقتضى تضافر كل الجهود الرسمية والشعبية لمواجهته، وأن يتحول ذلك إلى مشروع قومى يشارك فيه الجميع. لمزيد من مقالات فوزى عبد الحليم