ما طبيعة عمل الإدارة العامة للحماية من الضوضاء؟ - تُعد هذه الإدارة إحدي الإدارات الرئيسية التابعة لقطاع نوعية البيئة، وتختص بملف مُكافحة التلوّث السمعى على مستوى الجمهورية، والذى يحدث نتيجة التعرّض المُستمر لمستويات مُرتفعة من الأصوات غير المرغوب فيها. حيث تحتل شكاوى المواطنين من الضوضاء المرتبة الثالثة ضمن الشكاوى البيئية الواردة إلى الوزارة بعد تلوث المياه والقمامة. لذا تعمل الإدارة على تنفيذ خطّة قومية لمُكافحة الضوضاء البيئية والحد من مصادرها بالتعاون مع العديد من الجهات المعنية، وذلك من خال شبكة رصد تضم مجموعة من المحطات الثابتة والمُتنقلة، التى وصل عددها حتى الآن إلى 30 محطة موزّعة على مناطق مختلفة بمحافظات القاهرة الكُبرى. غير أننا بدأنا بالفعل بالتوسع فى إقامة محطات الرصد بعواصم المحُافظات الأخرى ذات الكثافة السكانية المُرتفعة. كما أعددنا دلياً إرشاديًا لتوحيد وتنظيم عمليات رصد وقياس مستويات الضوضاء البيئية. كيف تتم عملية قياس مستوى الضوضاء؟ - هذه العملية تتم من خال مجموعة خطوات تبدأ بالتحليل الترددى للأصوات المُختلفة، عن طريق أجهزة حديثة لرصد الضوضاء البيئية تعمل بشكل مستمر داخل « مايكروفون » محطات الرصد، وتضم جهاز خاص يجمع الموجات الصوتية ويرسلها إلى وحدة إلكترونية تقوم بتحليل هذه الإشارات، من وهى الوحدة العالمية لقياس » الديسيبيل « خال مستويات الصوت. لتصل هذه البيانات لحظيًا » سيرفر « إلى غُرفة العمليات لدينا، والتى تضم مُتصا بجميع المحطات. حيث نقوم بترجمة ترددات الصوت وتحديد مصادر الضوضاء وقياساتها، وذلك لإتمام عمليات المسح التى نستهدفها. وانتهينا بالفعل من إعداد خرائط كنتورية لمعظم أحياء القاهرة الكبرى، منها الموسكى وباب الشعرية وميدان الجيزة، حيث تُعد من أعلى المناطق فى مستويات الضوضاء. وتعتمد عملية قياس الضوضاء البيئية على محددات رئيسية تتضمن الحدود القصوى لمستويات الضوضاء المسموح بها، وتتمثل فى مكان ووقت التعرّض لها، وفق المعايير الواردة فى الائحة التنفيذية لقانون البيئة رقم 4 لسنة 2004 والمُعدّل . بقانون 9 لسنة 2009 حيث يُحدد وقت التعرّض بفترتين، تبدأ الأولى من السابعة صباحاً حتى العاشرة مساءً لتتبعها الفترة المسائية. كما نقوم بتقسيم المناطق الخاضعة للقياس إلى ست تصنيفات، منها المناطق الصناعية والضواحى السكنية الداخلية، والمناطق الواقعة على شوارع رئيسية يزيد عرضها عن 12 مترًا أو تلك التى تقل عن ذلك. حيث يتم على أساسها توزيع المحطّات. بخلاف المناطق والمنشآت الحساسة للضوضاء. حدثينا عن المنشآت ذات الحساسية؟ - تشمل المنشآت ذات الحساسية الوحدات الأكثر تأثرًا بالتلوث السمعي. ويأتى على رأسها المستشفيات التى يُفترض أن تقل بها مستويات التعرّض للضوضاء. لذا نسعى للتنسيق مع وزارة الصحة لمراعاة الاشتراطات الخاصة بتصميم المستشفيات، واتباع الإجراءات التى تُسهم فى عزل الصوت الخارجى ومصادر الضوضاء الداخلية عن المرضى. ومنها تنظيم أوقات وعملية الزيارة ووضع إشارات تنبيهية لعدم الإزعاج. غير أن المكتبات العامة، والمنتجعات السياحية تعد أيضًا من المنشآت ذات الحساسية. بخلاف المدارس التى تتعرض للأسف لمستويات مرتفعة من الضوضاء وفق نتائج الرصد الذى نجريه. وفى هذا الصدد نُخاطب هيئة الأبنية التعليمية بشكل مستمر لإجراء دراسات تقييم للأثر البيئى فى إنشاء المدارس. لكن لا يتم مراعاة قواعد الحماية من التلوث السمعى فى اختيار المواقع المناسبة للمدارس طبقا للاشتراطات. كما نقوم بالتعاون مع الإدارة المركزية للتفتيش وشرطة البيئة والمسطحات، باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد مصادر الضوضاء، التى تتضمن المخالفات والمحاضر التى تجريها حملات التفتيش الدورية للحد من تأثير هذه المصادر. ما أبرز المصادر التى يتم رصدها؟ - هناك العديد من المصادر التى نرصدها بصفة مستمرة، تنقسم إلى مصادر ثابتة وأخرى مُتحركة. ويُكن القول بأن عشوائية التخطيط العُمرانى وعدم مراعاة إقامة مناطق للخدمات والأنشطة التجارية، منفصلة عن المناطق السكنية هو ما يفتح المجال لمصادر الضوضاء. حيث تعد الأنشطة التجارية من أكثر الأنشطة المُقلقة للراحة والمُسببة للتلوث السمعي. لذا نسعى لإغلاق المحلات التجارية غير الضرورية فى العاشرة مساءً كما هو مُتبع فى دول العالم، نقدم توصياتنا بشكل مستمر إلى المحافظات لكن للأسف لا يتم الاستجابة إلينا. وحتى عندما بدأت محافظة القاهرة بدراسة القرار، تراجعت عنه بسبب ضغط مسؤولى الغُرف التجارية. أود أن أُشير هنا إلى أن مؤشرات فترات حظر التجوّل المتفرقة خلال السنوات الأخيرة وبخاصة عام 2013 كانت الأفضل بصورة مذهلة. ما يعنى أن الحد من النشاط يترتب عليه تخفيف مستويات الضوضاء. غير أننا رصدنا تحسنًا ملحوظًا فى هذه المستويات، بعدما تم نقل الباعة الجائلين بمنطقة وسط البلد وميدان رمسيس إلى أسواق أخرى. كما تمتد مصادر التلوث السمعى إلى المنشآت الصناعية والورش العشوائية التى تتخلل الكُتل السكنية، وخاصة بمناطق مثل شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية. غير أن هناك شكاوى عديدة ترد إلينا بشأن الضوضاء التى تُسببها الكافيهات والكازينوهات والمراكب والعائمات النيلية. إلا أن المركبات ووسائل النقل العام بأنواعها تأتى على رأس المصادر التى يتم رصدها، وذلك بسبب ارتفاع الطاقة الصوتية الصادرة عن المركبات وغيرها من العوامل. ما جعلنا نضع ملف المرور على رأس أولوياتنا. ما الإجراءات التى يُفترض أن تتم للحد من ضوضاء المرور؟ - نعمل على التنسيق فى هذا الملف مع الإدارة العامة للمرور بوزارة الداخلية. ونسعى حاليًا لإدخال بند قياس ضوضاء المركبات، كأحد بنود الفحص البيئى الخاص بترخيص المركبة، مثلما هو مُتبع فى قياس الانبعاثات. إلا أن ذلك يتطلّب تعديلاً تشريعيًا لقانون المرور. لذا قدمنا العديد من التقارير التى توضح أهمية هذا الإجراء لوزارة الداخلية، وقمنا بالفعل بشراء أجهزة حديثة لإجراء الدراسات الأولية. كما نوصى بتطبيق البنود الخاصة بالضوضاء فى قانون المرور وتوقيع العقوبة على المُخالفين. فالقانون يحظر استخدام منبهات وأبواق السيارات دون داعِ، كذلك ينع إقامة مواكب الأفراح. غير أننا نحتاج بشكل كبير إلى إقامة حواجز للصوت فى الطرق السريعة والتى تخترق المناطق المأهولة بالسكان عن طريق زرع الأحزمة الخضراء، فعملية التشجير تؤثر إيجابًا على مستوى الضوضاء. كما يجب أن تهتم هيئة الطرق والكبارى بتحسين شبكة الطرق والتأكيد على جودة الرصف، حيث إن احتكاك الإطارات بالطرق له تأثير فى مستويات الصوت. كما نعمل على تشجيع وسائل النقل غير الآلى بإقامة مسارات للدراجات، هذه الثقافة نحتاج إلى نشرها وترسيخها فى المجتمع. للحد من الأضرار الهائلة المُترتبة على التلوث السمعي. بالتأكيد هناك أضرار كثيرة نتيجة التلوث السمعي. ما أبرزها؟ - لا شك أن التلوث السمعى يعد من أهم القضايا البيئية عالميًا، فالآثار الصحية المُترتّبة على تعرّض الإنسان لمستويات مُرتفعة ومستمرة من الضوضاء خطيرة جدًا، وللأسف لا يتم الالتفات إلى ذلك. فلا يقتصر تأثيرها على قدرات الإنسان السمعية فقط، ولكن تُسبب أيضًا تأثيرات فسيولوجية كبيرة على الدورة الدموية وضغط الدم، غير اضطرابات الجهاز العصبى والآثار النفسية التى يُحدثها التلوث السمعى على قدرة الإنسان على العمل والإنتاج. كما أثبتت العديد من الدراسات أن هذه التأثيرات تطال بشكل كبير الأطفال، ما يؤثر على قدراتهم التحصيلية ومستواهم الدراسي، وتُسهم فى زيادة نزعة العنف لديهم. لذا نعتمد فى قياس مستويات الضوضاء على الحدود الآمنة التى يُكن للإنسان أن يتعرض لها دون أن يلحقه أى ضرر، وهى التى تُكافئ درجة السمع وفق ما تحدده مُنظمة الصحة العالمية. وبخلاف المصادر الخارجية المُسببة للضوضاء يجب الاهتمام بمكافحة التلوث السمعى الناتج عن البيئة الداخلية، خاصة الظروف التى يتعرض لها بعض العمال داخل المصانع، حيث تقع مسؤولية السلامة والصحة المهنية ضمن مهام وزارة القوى العاملة.