فى رحلة الحياة سوف تسقط منك أشياء كثيرة.. سوف تختفى أسماء منحتها الثقة والأمان، وسوف تتلاشى صور وجوه أحببتها ومنحتها العمر والمشاعر، وسوف تنسى آلاف العناوين التى زينت أجندة أيامك.. إن هذه هى طبيعة الحياة والأشياء.. انظر إلى الشجرة كم عدد الأوراق التى تساقطت وتغيرت ألوانها..انظر إلى السماء كم تغير لونها فى اليوم الواحد.. انظر إلى الشوارع وما ألت إليه.. لا تحزن على صديق لم يكن على مستوى الصداقة، ولا تحزن على حبيب خدعك أو زمان ضل، إن الحبيب الذى خدع لم يكن جديراً بأن يحب كما أحببت أنت..إن الناس كما يقولون معادن هناك الذهب والصفيح، وفى كل مكان قد تجد الصفيح ولكنك قليلا ما تجد الذهب.. لا تصدق كل الأشياء حولك لأن أزمنة الزيف تستطيع أن تزيف كل شىء ابتداء بالبشر وانتهاء بالمشاعر ليس كل من أحبوك كانوا صادقين معك وليس كل الأصدقاء كانوا أوفياء لك، فلا تحزن على هذا وذاك.. سوف ينفض الجميع من حولك كلما هبت عليك نسائم الخريف.. إن للخريف وحشة، وأكثر الأشياء التى يشعر بها الإنسان حين تزوره أطياف الخريف أن الزحام حوله يتراجع وأن الوجوه تختفى وان سوق المشاعر يغلق أبوابه.. فلا الأحباء كما كانوا ولا الأصدقاء كما عهدت فيهم وعليك أن تعتاد على وحشة الخريف ولياليه الطويلة.. أجمل الأشياء حين يزورك الخريف أن تسافر مع نفسك.. هناك كنوز كثيرة داخل الإنسان لا تظهر فى شبابه ولكنها تختفى فى زحام الناس وضجيج البشر وحين يطل الخريف يبدد هذه الأشياء.. انه لا يرى الكون ولكنه يحاوره ولا يرى الناس ولكن يبحث عن احوالهم.. انه لا يرى الوجود ولكنه يسأل دائما عن أسراره وهو حين يجلس مع نفسه ليس من الضرورى أن يجد ونيساً أو أنيساً لأنه يبدأ رحلة جديدة من حب الذات والحوار معها حتى لو اختلفا.. أخر الحكاية مهما طالت إننا نختار ركنا فى هذا الكون نجلس فيه ونستمتع بالخريف الزائر وقد نجد فيه ما لم نعرف أو نتعلم فى مشوارنا الطويل مع فصول أخرى تصورنا إنها الأجمل..إن للخريف حلاوة. [email protected] لمزيد من مقالات فاروق جويدة