بعض المصريين من الخبراء والمتخصصين فى الاقتصاد والشئون المالية انتفضوا طوال الأسبوع الماضى على وسائل التواصل الاجتماعي. وبلغة خطاب علمى ومحترم قدموا رؤى وخططا عاجلة وآجلة لعدم تحميل المصريين مزيدا من المعاناة نتيجة الإجراءات الجديدة فى برنامج الاصلاح الاقتصادى وآثاره المؤلمة التى أرجو أن يدرك الجميع مدى جسامة وقسوة توابعها بعد كل دفعة جديدة من قرض صندوق الهم الدولي، أو التعبير عن الغضب والألم والبحث عن حلول جادة لتخفيفه لا يعنى عدم استعداد المصريين لأن يحتملوا الأكثر والأصعب من أجل سلامة بلدهم.. ولكن إذا كان بالإمكان اللجوء إلى سياسات واجراءات تجعل جموع المصريين أكثر أمنا وأقل معاناة وأكثر قدرة على الحياة بشروط إنسانية وعادلة أليس واجبا الأخذ بهذه الرؤي؟!! تجاوز الأمر تعريفات الركوب. رغم تحولها لأزمة وصدام ومحاولات للإفلات من محاولات السيطرة وتحويل الخط الواحد إلى خطين بأجرين بدلا من أجر واحد! محاولات التحايل لا تتوقف وسعار الأسعار يمتد إلى جميع السلع والخدمات وتكاليف الحياة.. وما سارع إلى اقتراحه خبراء ومتخصصون من رؤى وحلول لتحقيق العدالة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية عاد يؤكد المؤكد ويثبت المثبت وما لم أتوقف عن تناوله فى عديد من المقالات عن مصادر إنفاق وتمويل وثروات طبيعية وثروات منهوبة وكنوز مهدرة ولا يُحسن استثمارها .. أخيرا بدأ استثمار ثروة مصر من الرمال السوداء.. المكون الرئيسى للمفاعلات النووية وصناعة الطائرات والتى تدخل فى 50 صناعة صدق أو لا تصدق كان المسئولون فى المحاجر يبيعون حمولة السيارة ربع النقل من هذه الرمال الثروة.. ب 15 جنيها وقيمتها الفعلية ثلاثة ملايين جنيه!! هل كانوا لا يعرفون.. وقس وزد كما تريد عن تبديد وإهدار مصادر الغنى والثروة لشعب جعلوه يعانى هذه الدرجات القصوى من الألم والعوز!!بينما لا أحد يعرف كيف تتم إدارة دخولها.. وهل تدار باعتبارها ملكا لهذه القطاعات والمؤسسات أم ملكا للشعب مثل قطاع البنوك وهيئة قناة السويس وقطاع البترول ألا يقتضى رفع أسعار المحروقات أن نعرف النفقات الضخمة لهذا القطاع والذى أعتقد أنه يفوق فى حجمه ونفقاته ما فى دول بترولية!! وهل استجابت الحكومة لدعوة البرلمان لها بالتقشف.. وهل وجه البرلمان هذه الدعوة لنفسه؟! لماذا لا يتكون من الخبراء الماليين والاقتصاديين ممن كتبوا واقترحوا رؤى بالغة الأهمية ولدى مصر أرصدة بشرية محترمة من هذه الخبرات من مختلف الأطياف الوطنية لجنة إنقاذ وطنى لتخفيف مخاطر وتوابع مواصلة برنامج الإصلاح الاقتصادى وحسن وترشيد إدارة ثروات هذا الوطن وبما ينهى احتياجه لمصادر خارجية وبكل ما يمثله هذا الاعتماد من مخاطر وتهديدات... فى خطابه المهم عقب أداء اليمين الدستورية لفترة الرئاسة الثانية أكد الرئيس أن من أهم توجهات السنوات الأربع القادمة فتح شرايين العمل والمشاركة السياسية بين جميع القوى الوطنية فى إدارة ملفات الدولة وحل مشكلاتها ولا استثناء إلا من اختار العنف والإرهاب والتطرف. هموم ومشكلات اقتصادية كثيرة تستطيع هذه اللجنة الوطنية أن تتصدى لها وفى مقدمتها كيف يذهب ما تبقى من دعم إلى مستحقيه الحقيقيين وطرح أنظمة ضريبية وسياسات مالية تحافظ على صمود وصلابة الطبقة المتوسطة وتكافئ الملايين من أرصدة الصمود الشعبى بما تستحق وتخفف الغضب المشروع من سياسات وقرارات وهى تتبنى الاصلاح الاقتصادى وبما لا يؤدى إلى مضاعفة الوجع الاجتماعى والإنسانى والاقتصادى وتتجه إلى مصادر تمويل مازال عدم الاهتمام بها يشكل علامات استفهام كثيرة وتغيب عنها تماما حق المصريين فى الوضوح والشفافية وأشرت فى عديد من المقالات من قبل إلى مليارات المتأخرات الضريبية ومليارات الصناديق الخاصة ومليارات ما استرد وما لم يسترد من أراض زراعية وما تعنيه عودة الحياة الى القلاع الصناعية والتى كانت فى مقدمة ما دمر وأهدر من ثروات المصريين المدهش الحديث الذى لا يتوقف عن المناطق الصناعية الصينية والروسية!! والفشل المتواصل فى استرداد ما نهب قبل 25 يناير من مليارات تفاوتت أرقامها الحقيقية وفشلت محاولات كشف الحيل الجهنمية التى تمت لاخفائها من رءوس ورموز النظام الأسبق والذين دخل بعضهم فى مساومات لرد ما لا يتجاوز فتات بعض ما نهب من مليارات الأسبوع الماضى وبعد الفشل التام فى استرداد هذه الأموال تذكر أحد النواب ان لجان استرداد هذه الأموال أنفقت فى عمليات وبعثات البحث عن هذه الأموال 500 مليون جنيه بدلات سفر!! للأسف أن يحمل المواطن المسروق والمنهوب والمغلوب على أمره والعاجز عن مواجهة المطالب الضرورية للحياة أعباء إصلاح اقتصادى تفرض أبسط فروض العدالة الاجتماعية والانسانية أن توجد سياسات تحمله أقل نصيب من الألم والمعاناة. لا أجد فى المواجهة مثالا للجدية فى فرض العدالة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية عما عاد مهاتير محمد يفعله فى ماليزيا والذى عاد بعد أكثر من 15 عاما من وضع بلاده على الطريق الصحيح وتحويلها لواحدة من أكبر اقتصاديات العالم. عاد مهاتير متجاوزا التسعينيات من عمره ملبيا دعوة الشعب لإنقاذه من الفساد ومن خلال ما أطلقوا عليه إرادة وثورة الصناديق عاد وخلال أيام قليلة من العودة للحكم تم القبض على رءوس الفساد الكبرى من رجال حكم والشرطة والقضاة ورجال الأعمال . وأغلق المجالين الجوى والبحرى منعا لهروب الفاسدين وفى ضربة واحدة أعاد 55 مليار دولار الى الخزينة الماليزية ووضع خطة لنظام ضريبى يطبق من يونيو الحالى يخفضها على الأقل قدرة ويصعدها على القادرين. الحرب على الفساد مع التحية لضربات الرقابة الإدارية ولكن الأمر يظل اكبر وأخطر ويحتاج الى ثورة تشريعات وجدية حقيقية فى تطبيق القوانين على الكبار قبل الصغار وجميع أشكال التميز الأمر أيضا اكبر وأوسع من محاولات الحكومة للسيطرة على تعريفة الركوب والصيادلة يعلنون أن تحريك أسعار الوقود يهدد استمرار الصيدليات!! ووزيرة الصحة تعلن أنه لا نية لرفع أسعار الأدوية ومع تمنياتى لها بالتوفيق فى بدايات موفقة كثيرة.. وألا يتوالى الارتفاع والاتجار بالأزمة.. وبالطبع لا تكفى النيات لابد من سياسات وتشريعات وقرارات تدرك ما يعيشه الناس وحجم معاناتهم وتحيل المزيد من الألم المطلوب تحمله الى الأقدر على تحمله والتعلم من دروس الشعوب التى نجحت فى مواجهة أزماتها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية بإمكاناتها الذاتية وبمواجهات جادة وحاسمة لا تدلل الفساد والفاسدين ولا تعيدهم للحياة أكبر وأقوى مما كانوا ودرس ماليزيا وقائدها العائد أمامنا. وأعود لأؤكد أن من الذين يختلفون ويغضبون من علماء وخبراء ومتخصصين من يجب الاستماع الى ما يطرحونه من رؤى وحلول جادة لأزمات بلدهم لتعبر سالمة وآمنة أيامها الصعبة وعدم الخلط بينهم وبين من يريدون إشعال كل ألم ووجع وتحويله الى نار تحرق وطن وتحقق مخططاتهم وجرائمهم السياسية. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد