نهايات كارثية شهدناها في الحلقات الأخيرة من غالبية المسلسلات، وذلك يؤكد علي تفشي ظاهرة العنف الدموي بين مسلسلاتنا الحالية، غير أنه من الجائز أن نتقبل بعض هذه النهايات المحزنة والمفجعة في عدد من المسلسلات، على أساس أنها هي العقاب الطبيعي لأي شخصية شريرة أو غير سوية! فمثلا مسلسل " أبو عمر المصري" لأحمد عز الذي جاء قتله في نهاية المسلسل، كضرورة درامية لكونه شخص إرهابي قام بارتكاب عدة جرائم قتل ضد الإنسانية، صحيح أنه تاب وانشق في النهاية عن الجماعات الإرهابية التي كان ينتمي لها، إلا أنه ظل بعدها يمارس سياسة الانتقام من كل من ظلموه في البداية. "رحيم" أيضا كانت نهايته دموية بكل المقاييس، حيث تم قتله وحبس صديقه "حلمي" هو وكل باقي العصابة، وربما تكون هذه النهاية جزاءً وفاقًا لشخص مجرم وبلطجي مثل "رحيم" حتى وإن كنا قد أحببناه!. لا أحد يختلف على جودة المسلسل فنيا وما يحمله من جماهيرية عريضة وهنا تكمن الخطورة، لأن هذا قد يجعلنا نتغاضى شيئا فشيئا عن وجود كل هذا العنف والقتل والبلطجة التي في داخله، إلى أن يتحول الأمر مع الوقت إلى شيء عادي وطبيعي! الممثل الكبير يحيي الفخراني مات هو الآخر في نهاية الحلقات، رغم أنه مسلسل اجتماعي، ومع أننا نعلم بأنها رؤية الكاتب ومخرجة العمل "هالة خليل" إلا أنه خلق لنا حالة من النكد بسبب موت فنان كبير ومحبوب مثله، ظل طوال ال30 حلقة يملأ الدنيا بهجة وألق وحيوية انعكست علينا بتلك الطاقة الإيجابية،على عكس مسلسلات عديدة أخرى.! " سليم الأنصاري" توفي هو أيضا في نهاية حلقات كلبش 2 أو كنا نعتقد ذلك، إلي أن فوجئنا في اللحظات الأخيرة وقبل نزول تترات النهاية أنه ما زال حيا وهذا يشير طبعا بأنه سيكون هناك جزء ثالث له.! أما مسلسل "طايع" فحدث ولا حرج عن أبطاله الذين ماتوا جميعا طوال أحداث المسلسل، حتى "عمرو يوسف" الناجي الوحيد في المسلسل، يتم القبض عليه في النهاية ويحكم عليه بالسجن مدى الحياة. وعلى كل، ورغم مأساوية النهاية، إلا أنه يعتبر هو العمل الوحيد الذي أثبت أنه يحترم القانون، حيث عوقب بطله بالقانون وليس بالبلطجة مثل بعض المسلسلات الأخرى.! وعلى ذكر البلطجة فاعتقد أنه ليس هناك أكثر من مثلها سوي مسلسل "ضد مجهول" لغادة عبد الرازق، التي أرادت أن تستعيد نجاحها السابق في "مع سبق الإصرار" فقامت باستنساخه في مسلسلها الجديد، وإن كانت قد أنهت مسلسلها السابق بكارثة ذبح زوج ابنتها!، فإن الكارثة في هذا المسلسل كانت في أبشع صورها عندما سارت على خطى الدواعش فيما فعلوه مع الطيار الأردني "معاذ الكساسبة" عندما وضعوه داخل قفص وقاموا بحرقه وهو حي، ثم صوروا المشهد وبثوه مباشر ليشاهده العالم.! وها هي تحذو حذوهم وتضع مغتصب ابنتها داخل قفص وتحرقه وهو حى أيضا، وبذلك تعيد إلينا نفس المشهد الذي ما صدقنا أن نتخطاه ونمحيه من ذاكرتنا بصعوبة بالغة. الأردنيون غاضبون من مشهد غادة ومعهم حق طبعا، لأنها باقتباسه تبدو وكأنها تساوي بين المغتصب والشهيد الكساسبة، وتبدو أيضا أنها كما لو كانت معجبة بطريقة الدواعش في القتل، أو على الأقل تؤيدهم فيما فعلوه، وإلا لماذا تجرأت بعرضه أو كررته في مسلسلها.! هذا المشهد يدعو إلى أخذ الحقوق بالبلطجة خارج إطار القانون، والمقارنة هنا تفرض نفسها بين عمالقة الفن فاتن حمامة وفريد شوقي عندما قاموا من خلال أفلامهم بتغيير أو تعديل بعض القوانين، بينما غادة تقوم بعكس ذلك في أعمالها وتنسف القانون من أصله، لتظهر للعالم بأن مصر لا يوجد بها قانون، والجرائم التي ترتكب فيها يقيد الفاعل فيها دائما بعبارة "ضد مجهول".! [email protected] لمزيد من مقالات علا السعدنى;