القمة العربية.. الرئيس السيسي: القضية الفلسطينية لا حياد فيها عن العدل والحق    غدًا.. انطلاق فعاليات الأسبوع التدريبي ال37 بمركز التنمية المحلية في سقارة    رئيس الوزراء: تشغيل المرحلة الثانية من مشروع الأتوبيس الترددي يوليو المقبل    مناقشة موازنة جامعة كفر الشيخ بمجلس النواب    بريطانيا تتفوق على الصين في حيازة سندات الخزانة الأمريكية خلال مارس الماضي    نص كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية ببغداد    لوبوان: الإقامة في السجون ليست مجانية في الدنمارك    قيادي بحزب مستقبل وطن: القمة العربية ببغداد فرصة لتعزيز الجهود وتوحيد الصفوف لحماية الأمن القومي العربي    فتح ترحب ببيان دول أوروبية وتدعو لإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل    إيمليانو مارتينيز يدخل حسابات الدوري السعودي    أسامة نبيه: القدر أنصف منتخب مصر للشباب بتأهله لكأس العالم    ضبط مخبزين لتصرفهما في 21 شيكارة دقيق بلدي مدعم بالبحيرة    عاجل.. الأرصاد تناشد المواطنين تجنب التعرض لأشعة الشمس    قطار ينهى حياة شاب أمام إحدى القرى ببني سويف    مواعيد وإجراءات التقديم للصف الأول الابتدائي ورياض الأطفال للعام الدراسي 2025/2026    عيد ميلاد الزعيم.. يسرا تتربع على عرش سينما عادل إمام ب17 فيلمًا    رئيس الوزراء العراقى: غزة تتعرض لإبادة جماعية غير مسبوقة ونرفض التهجير    تحت شعار السينما في عصر الذكاء الاصطناعي".. انطلاق الدورة 41 من مهرجان الإسكندرية    مؤتمر قصر العيني لجراحة المسالك البولية يحتفي بتراث علمي ممتد منذ 80عامًا    بدعوة رسمية.. باكستان تشارك في مراسم تنصيب البابا ليون الرابع عشر    20 نصيحة وقائية و5 إرشادات للاستحمام في حمامات السباحة    أسعار ومواصفات شيفرولية أوبترا موديل 2026 في مصر    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    "من زفّة إلى جنازة".. شقيق يُضحي بحياته لإنقاذ عريس قبل أيام من فرحه في البحيرة    الإسكان: غدًا.. غلق باب التظلمات بمبادرة سكن لكل المصريين 5    هل طلاب الصفين الثاني والثالث الثانوي ملزمون برد «التابلت» بعد الدراسة؟.. الوزارة تجيب    «تغولت على حقوق الأندية».. هجوم جديد من «الزمالك» على الرابطة    كيف وصف نجوم الفن الزعيم عادل إمام في عيد ميلاده ال85؟    منال سلامة عن الزعيم في عيد ميلاده: " عادل إمام من مدرسة فؤاد المهندس ومدبولي"    حكم من نسي قراءة الفاتحة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يوضح    يسري جبر: يوضح الحكمة من نداء النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة ب"يا ابنة أبي أمية"    مواعيد مباريات السبت 17مايو - 3 مواجهات حاسمة بالدوري المصري    متهمو "خلية داعش الهرم" أمام القضاء اليوم (تفاصيل)    بحضور وزير الصحة.. بدء احتفالية اليوم العالمي للطبيب البيطري    لا للتصريح الأمني.. نقيب الصحفيين يطلق حملة لتعديل المادة 12 بقانون الصحافة    السكة الحديد تعلن مواعيد حجز تذاكر القطارات خلال عطلة عيد الأضحى    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تدريبات جوية ويدعو لتكثيف الاستعداد للحرب    السكك الحديدية: تأخر القطارات على بعض الخطوط لإجراء أعمال تطوير في إطار المشروعات القومية    رئيس الوزراء يستمع لشرح تفصيلى حول التشغيل التجريبى للأتوبيس الترددى    متحدث حكومة العراق: فلسطين محور قمة بغداد والزعماء العرب مجمعون على دعم غزة    الأرجنتين تعلق استيراد الدجاج البرازيلي بعد تفشي إنفلونزا الطيور    حتى 22 مايو.. الحجز إلكترونيا للحصول علي مصانع جاهزة بالروبيكي    دار الإفتاء المصرية: الأضحية شعيرة ولا يمكن استبدالها بالصدقات    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية في شمال سيناء    محافظ جنوب سيناء يعلن آليات جديدة لتيسير نقل مرضى الغسيل الكلوي    "فن وإبداع".. معرض فني نتاج ورش قصور الثقافة بالمنيا    «الزمالك» يعلن تطور مفاجئ في قضيه بوبيندزا    نقيب العلاج الطبيعي: إحالة خريجي التربية الرياضية للنيابة حال ممارسة الطب    أزمة «محمود وبوسي» تُجدد الجدل حول «الطلاق الشفهي»    مقتل عنصر أمن خلال محاولة اقتحام لمقر الحكومة الليبية في طرابلس    "هزيمة الإسماعيلي وفوز تشيلسي".. نتائج مباريات أمس الجمعة    حزب الجيل: توجيهات السيسي بتطوير التعليم تُعزز من جودة حياة المواطن    اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة    شقيقة سعاد حسني ترد على خطاب عبد الحليم حافظ وتكشف مفاجأة    أستون فيلا يفوز بثنائية أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    «أنقذوا الإسماعيلي».. كبير مشجعي الدراويش: أغمي عليا والهبوط بالنسبة لي صدمة عمري    جورج وسوف: أنا بخير وصحتى منيحة.. خفوا إشاعات عنى أرجوكم (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسلسلات ترفع شعار «محاربة الإرهاب والفساد» من بداية الحلقات
الإثارة والتشويق على جناح الأكشن!

يبدو أن صناع موسم رمضان لهذا العام رفعوا شعار»محاربة الفساد والتصدى للإرهاب فى عقر داره»، فقد اتسمت معظم المسلسلات بالإثارة والتشويق، وكأن الجميع ينحت من الكاتالوج نفسه، وتألق معظم نجوم الصفين الأول والثانى والشباب فى أداء أدوارهم بعناية فائقة على جناح التجسيد الحى الذى يبرز قدراتهم الإبداعية، عندما انخرطوا فى قصص تجنح نحو دراما الغموض و«الأكشن»، بينما غاب المسلسل الاجتماعى الذى يعالج قضايا الطبقة الوسطى فى مصر، على الرغم من نجاح تلك النوعية من الدراما فى الموسم الذى سبق رمضان مباشرة، وللعام الثانى على التوالى تخفق الكوميديا فى رسم البسمة على وجوه البسطاء من أبناء مصر فى وقت يتوقون فيه لمساحة فكاهية رحبة تنتشلهم من براثن ارتفاع الأسعار والظروف الاقتصادية .. تعالوا معنا نستعرض أبرز الظواهر والمفارقات والقضايا المثيرة للجدل فى قلب دراما رمضان 2018 فى السطور القادمة.


«محمد رمضان» يدخل حرب تكسير عظام فى الحلقات الأخيرة..
«نسر الصعيد».. بضاعة جيدة أتلفها الأداء!
تظل الدراما الصعيدية لها خصوصياتها فيما تقدمه من شخصيات، وتظل أيضا محفورة فى أذهان المشاهدين، سواء كانت تحمل صفة المثالية أو تتجه نحو الشر، ولقد نجحت «الدراما الصعيدية» نجاحا كبيرا ومشهودا خلال السنوات الماضية، لأن جذورها ممتدة من البذور، نعم تمتد من الأرض الخضراء والجبل اللذين كونا عنصرى القسوة واللين معا، ولعل الفضل فى ذلك يرجع إلى واحد من أهم كتاب تلك النوعية من الدراما، حيث تألق فى نقل صورة شفافة عن الصعيد، إنه السيناريست الراحل الكبير «محمد صفاء عامر»، مستشار بمحكمة الإسكندرية، غلبه حب الدراما حتى تملك منه، فترك القضاء، وتفرغ للكتابة، خاصة الدراما الصعيدية، فهو ابن بيئته، إذ أنه تربى فى مجتمع صعيدى، تتحكم فيه العادات والتقاليد، التى هى نسيج سيناريو أى عمل درامى يتناول ذلك المجتمع المليء بالإثارة والحبكات الدرامية، كما قدم لنا من خلال مسلسلات مثل (ذئاب الجبل»، «الضوء الشارد»، و»حلم الجنوبى»، و «الفرار من الحب، حدائق الشيطان..).
................................................
ولا شك فى أن تاريخ الصعيد يمتد كنهر النيل من رحم أروع حضارة فى الدنيا، وصولا إلى العصور الوسطى التى كان الصعيد فيها يمتلك معظم منافذ التجارة الخارجية والداخلية، جغرافية المكان التى اختارتها حضارة الفراعنة لتحمل فوق وتحت ترابها ثلث آثار العالم، الهوية الصعيدية لم تطرح نفسها للدراسة بل أجبرت الكثير على البحث والكتابة عنها، بل ووثقوا كلماتهم بالواقعية، مثل السيناريست المبدع «عبد الرحيم كمال» فى روائعه «الخواجة عبد القادر، شيخ العرب همام، الرحايا، دهشة..»، ولأن أى مدخلات على الرجل الصعيدى ستقلل حتما من قيمة الشخصية ذاتها، فقد انتقد الجمهور والنقاد بعض المشاهد حول الصعايدة فى مسلسل «نسر الصعيد» للسيناريست «محمد عبد المعطى»، والذى يعد واحدا ضمن حفنة مسلسلات تخاطب المشاهد الصعيدى فى رمضان 2018.
على أى حال، يبدو هيكل قصة «نسر الصعيد» سهلا بسيطا وبشكل متكرر، وكان بحاجة أن يملأ بأحداث ساخنة وحوار عالى المصداقية بحيث يكون متوافقا مع الشخصيات، فالشخصيات فى مجملها قليلة التراكم، ربما لايوجد بها عيب صارخ، لكن فى نفس الوقت لا يوجد فيها تميز واضح، كما لايوجد فى نفس الوقت عمق كاف إلى حد كبير، وعلى مستوى الحوار يبدو متوسط الجودة، والقصة للأسف كانت بحاجة لحوار مدوٍ وذكى، لكن الكاتب لم يتمكن من بناء ذلك على أسس درامية قوية، وهو ما يتجلى فى أكثر من مشهد رئيسى ومهم أخفق فيه الحوار بشكل واضح جدا، مثل المشهد الذى يعمل فيه الحاج صالح القناوى على حل الخصام بين عائلتين.
لقد أدرك معظم مشاهدى «نسر الصعيد» منذ البداية أنه إعادة تدوير لنفس سيناريو مسلسل «الأسطورة»، ولكن باختلاف طفيف حيث ان زين «محمد رمضان» يعمل ضابطًا بعد أن كان مجرما فى العمل السابق، بخلاف هذا سنجد معظم تفاصيل العمل متشابهة ومكررة إلى حد قريب، والطريف أنه حتى «الكوميكس» المرتبطة بالعمل تتشابه مع تلك الخاصة ب»الأسطورة»، مثل وضع شريطة سوداء على صورة الحاج «صالح القناوى»، وكتابة «زين مش هيسيب حقك»، وهو نفس ما حدث مع صورة «رفاعى الدسوقى» فى المسلسل السابق، وهناك أيضًا التعليق على الممثلات اللاتى يقعن فى حب «محمد رمضان»، من نوع «حد يسيب القمر دى عشان يتجوز القمر دي؟» وهو تعليق أيضًا مكرر بالحرف من المسلسل السابق.
ومع ذلك فقد نجح كاتب السيناريو «محمد عبد المعطى» إلى حد ما فى إضافة أسلوب وروح مرحة إلى عدد من العلاقات بين الشخصيات المقدمة فى المسلسل، لكن باستثناء هذه اللحظات القليلة من الظُرف، يقدم «نسر الصعيد» القليل من الترفيه الحقيقى، إذ يسقط فى الكثير من فخاخ الدراما القديمة التى تسعى مسلسلات رمضان الحديثة وبشكل متزايد إلى تجنبها كالمبالغات الدرامية تلك المقترنة بضعف التمثيل وضعف نوعية الإنتاج، ومع ذلك تبدو أحداث المسلسل إجمالا سريعة ومناسبة للمحتوى القصصى فيها، لكنها لا تخدم بعضها البعض فى تكوين صورة نهائية متكاملة، لكن على الأقل سرعتها تسهم فى قتل كثير من الملل، والانتقال الزمنى فيها جيد جدا، وهو أمر يحسب لكاتب السيناريو بالذات، نظرا لندرته فى المسلسلات العربية الحالية التى تميل إلى «التنطيط» وعدم احترام وقت المشاهد الجالس أمام الشاشة.
لابد أن نعترف بأن بداية «نسر الصعيد» كانت جيدة جدا، حيث تمكن المؤلف من التعريف بالشخصيات الرئيسية وهيكل القصة عموما عدا مشكلة فى المشاهد الأولى، والتى هى فى الواقع عبارة عن لقطات استعراضية عن الأرض المصرية لتبدو وكأنك تشاهد فيلما وثائقيا، وهذا لا يناسب أجواء المسلسل بصفة عامة ، كما يوجد أيضا خطأ فى البداية وهو عدم نضج بعض الأحداث بالشكل الكافى، وذلك بسبب عدم وجود حدث رئيسى داعم يسهم فى بلورتها، ومنها على سبيل المثال، وفاة زوجة الأب «صالح القناوى» باعتبارها امرأة غالية عليه، ومع ذلك فإن خطوات التنفيذ فى المسلسل إجمالا جيدة جدا، وهو أمر مفقود فى العديد من المسلسلات المصرية سابقا، لكن يبدو أن المخرجين أصبحوا بفضل استغلال التقنيات الحديثة أكثر قدرة على قيادة العمل، ومن ثم أصبح تحقيق جدية عالية فى التنفيذ أفضل من ذى قبل.
ومن العيوب القاتلة فى المسلسل إصرار محمد رمضان على القيام بدورين، إنه الأب وإنه الشاب، وقد يبدو متميزا فى أدائه بعض الشيء خاصة فى دور الشاب، إلا أن جسمه وشكله لايناسب دور الأب أبدا، حيث لم يحسن تقمصه على الوجه الأكمل، ولست أدرى لماذا سمع المخرج كلامه ولم يأت بممثل آخر للقيام بالدور، ومن ثم فإن قراره بفرض نفس الممثل للقيام بالدورين ليس سوى نوع من التبختر، ولقد بالغ «رمضان» فى طريقة تمثيله إلى حد إتلاف كثير من المشاهد، حيث أراد أن يظهر أن الشخصية التى يلعبها نموذجا للشجاعة، صحيح أن العنف والثأر وخلافه كانت عناصر جذب للمشاهدة، ولكن الشيء المزعج فى المسلسل هو إصرار «محمد رمضان» على تأدية الدورين، وخاصة أنه كانت بهما أبعاد جذابة فى البداية، وأجمل ما كان فى تلك البداية هو حب «صالح» لزوجته «صالحة»، ولو أنه بدا متحرشا جنسيا أو مارس نوعا من ذلك الحب المفضوح، وربما هو ما أثار حفيظة كثيرين، حتى قام أحد المحامين برفع دعوى قضائية ضده يتهمه فيها بإثارة حفيظة المشاهد، عبر مداعبات لم يكن لها داع على الإطلاق، فكيف نشعر أننا فى حضرة جريمة، خاصة أن الأم كانت تهتم ب «زين» طول الوقت، ففى المشهد الذى كان يقوم بالتحرش بزوجته انتقل إلى مشهد «زين» وهو يصلى، وهذا لا يؤدى إلى الإقناع بشكل كبير، خاصة أن الممثل واحد هو «محمد رمضان» فى كلتا الحالتين.
زوايا الكاميرات بإدارة المخرج «ياسر سامى» كانت جيدة إلى حد معقول رغم أنها تعد تجربته الدرامية الأولى فى الإخراج، كما أن اختياره للأبعاد ليس عشوائيا بل له معنى، وهو أمر أعجبنى بدرجة كبيرة، كما أعجبتنى الموسيقى التى كانت تتألق دوما بالطابع الصعيدى، وكذلك أغانى المقدمة والنهاية، وهو ما يعد اختيارا مناسبا ويوافق تماما أجواء المسلسل، فضلا عن أن كل توقيتات إدخال الموسيقى والخروج منها كانت صحيحة وجيدة، ومن هنا فقد بدا المسلسل فى مجمله جميلا وممتعا بعض الشيء، لكن سرعة الأحداث، قادت بالضرورة إلى عدم نضج بعض تفاصيل القصة هنا أوهناك، ولا أعتقد أن المسلسل يعد تحفة فنية كما خططت له جهة الإنتاج، اعتمادا على أن «محمد رمضان» جواد رابح، فالممثل أثبت نجاحا كبيرا وقدرة على جذب أعداد كبيرة من المشاهدين لمتابعة أعماله التى أدى فى معظمها دور شاب مصرى قوى قادم من قلب المناطق الشعبية، وظلت تروج لهذا المفهوم طوال الأيام الماضية، حيث أشارت على موقعها إلى أنه حقق أعلى مشاهدات لفيديو منفرد فى تاريخ الدراما العربية على «يوتيوب»، وأعلى إجمالى مشاهدات للحلقات العشر الأولى فى موسم رمضان الحالى، وهو ما يشير إلى احتمالية تجاوز 150 مليونا فى نهاية رمضان، وهو رقم لم يصل إليه مسلسل فى العالم العربى من قبل، فى حين أنه على أرض الواقع العملى يتأرجح فى المنافسة بين المركز الثانى والثالث مع مسلسل «رحيم» لياسر جلال، بينما تصدر المرتبة الأولى مسلسل «كلبش» لأمير كرارة طوال الأسابيع الماضية بلا منافس.
وفى هذا الصدد هنالك حقيقة ينبغى أن نذكرها بأن الفنان «محمد رمضان» يعرف الأدوار التى يريد جمهوره أن يشاهده فيها، لذا يختار تقديم شخصيات تنجح فى الفوز بإعجاب متابعيه، وبلاشك تتصدر مسلسلاته سباق موسم رمضان كل عام، حتى منح نفسه لقب «الأسطورة» بعد النجاح الكبير الذى حققه بالمسلسل الذى حمل نفس الاسم، وتم عرضه قبل عامين، وهو فى مسلسله الجديد «نسر الصعيد» يسعى جاهدا إلى أن يصبح «سوبر هيرو» أيضًا؛ فهو يرى فى نفسه انه يمتلك قدرات خارقة فى العمل، إذن ما الذى ينقص النجم الشاب ليصبح «سوبر هيرو مصرى»؟.
إنه هنا يذكرنا فى «نسر الصعيد» بشادويك بوزمان فى Black Panther.، وهو واحد من أهم أفلام «السوبر هيرو» الأمريكية مؤخرًا، لكن نسر الصعيد هنا يبدو ضد Black Panther ، حيث يلعب محمد رمضان دورين الأب «صالح»، والابن «زين» ضابط الشرطة الذى يدخل فى صراع شرس مع رجل أعمال مشبوه «هتلر»، يقوم بدوره سيد رجب، وتتطور الأحداث فى صراع لا ينتهى بين «زين» و»هتلر»، وفى نفس الوقت يواجه زين مشاكل كثيرة تخص عمله كضابط شرطة، منها مواجهات مع الإرهاب، ومع مسجل خطر فى قنا يدعى «سيد السبع»، عليه أحكام 180 سنة، و7 إعدام، إلا أن «رمضان» بقواه الخارقة يتمكن من اقتحام «مخبأ السبع» وقتل رجاله بأكملهم وإلقاء القبض عليه، بينما الأخير يردد أنه كان يتوقع أن «زين» سيقبض عليه، وهنا نتساءل: بأى منطق تكون الدراما هكذا؟! خاصة أن هناك شروطا يجب أن تتوافر فى «ملحمة البطل الشعبى»، والتى تتطلب بالضرورة أن يتعرض البطل للظلم كمبرر للغضب، وأن يتعرض للخيانة كمبرر للسقوط، وأن يتعرض للحب كمبرر للمقاومة، وأن يتعرض للموت كشرط للتطهير، فالبطل الشعبى يجب أن يبدو ناجحا، لنصف الملحمة على الأقل، وهو ممثل للمعايير الأخلاقية السائدة فى وقته، وليس ما يجب أن يكون.
ربما لا يختلف اثنان على نجومية «محمد رمضان» وقدرته على التقمص ومعايشة الشخصية والولوج إلى أدق تفاصيلها، كما لا نشكك فى شعبيته الجارفة، خاصة لدى قاعدة ليست بالقليلة من الشباب، وتلك النجومية منحة «ربانية» منحها الله عز وجل لهذا الشاب المجتهد، ورمضان بلا جدال فنان موهوب ويعمل لجمهوره ألف حساب، لكن المقياس الحقيقى للنجومية لا يعتمد فى الأساس على أن يكون الفنان نجما لبضع لحظات أو حتى شهور ومن ثم يختفى، بل إن الأمر يعتمد على الاستمرارية، أى أن النجم لن يكون نجما إلا إذا بقى خالد الذكر فى مجالس الأجيال التى عاصرته، والأجيال التى تأتى بعده، ومثال على ذلك الضاحك الباكى «نجيب الريحانى»، الذى خلد ذكره دون عن غيره من عمالقة أبناء جيله. ونظرا لأن «محمد رمضان» يعد الفنان الشاب الوحيد الذى بدأ الصعود على سلم النجومية مبكرا، ومؤخرا اجتمع الجمهور لمشاهدة أعماله فى المقاهى تماما كما يحدث فى مباريات كرة القدم، إذ تفرغ الشوارع وتمتلئ أماكن السهر والسمر، ومع ظهور رمضان فى أحد الإعلانات أثبت أن نوعية معينة من الجمهور تتعطش له ولأعماله بشكل كبير، لكنى أذكره هامسا فى أذنه بأنه لا يوجد عرش ثابت للنجومية، وتثبيت عرش «محمد رمضان» يحتاج منه إلى المثابرة والجهد وكأنه يقدم عمله الأول، بالإضافة إلى تجديد الأعمال التى يقدمها، وهناك قاعدة شهيرة فى أصول الفقه تقول: «إن الاستثناء يعتبر معيارا للعموم»، ومنذ أكثر من نصف قرن قال الكاتب الكبير الراحل «محمود السعدنى»: «إن خيبتنا الحقيقية فى عصرنا أننا بلا مقياس وبلا حدود وبلا ضابط وبلا رابط»، ولما كان حال الفن وأهله فى مصر تطبيقًا للمَثل المأثور: «تقرأ مزاميرك على مين يا داود؟» فإن الحديث عن موهبة فنية عملاقة ظلمها صناع السينما والدراما وظلمت نفسها قبلهم، يصبح من قبيل آخر مسمار فى النعش! . «محمد رمضان» هو الاستثناء الذى يمكن أن نستدل به على العموم؛ فلقد أجمع المصريون نقادًا وشعبًا على أنه ظاهرة فنية، وقبل أن يمتلك كاريزما جارفة لا يختلف عليها اثنان أصبح العدو الأول للنقاد بامتياز، جراء بعض تصرفات تتسم بالرعونة التى تصل إلى حد الغرور أحيانا، ومع ذلك فمازالت الفرصة الآن مواتية للنجم الشاب ليصنع لنفسه مجدا فريدا، فقد تخطى مرحلة الانتشار وأصبح الآن فى مرحلة الاختيار، وهو مايفرض عليه قيودا فيما يختار مستقبلا من أعمال تتسم بالتنوع والخروج من نمطية البطل الأسطورى الذى لايقهر. جدير بالذكر أن حسن الأداء فى «نسر الصعيد» يحسب للفنان القدير سيد رجب فى دور هتلر، وكذلك الأداء السلس العذب للفنانة «وفاء عامر» فى دور «صالحة»، وكذلك الفنان الشاب» محمد عز» فى دور «مسعد»، فقد برعوا جميعا فى تجسيد الشخصيات على النحو الصحيح الذى يكتب لهم التفوق والنجاح، لكن «درة» جاء أداؤها باهتا خاليا من أى نوع من التألق والبريق الذى فقدته فى هذا المسلسل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.