لو أن كل «مواطن» يعرف حدوده ولا يتدخل فى عمل الآخرين ما كنا قد وصلنا الى تلك الحالة الشديدة الارتباك فى المشهد العام.. فقد أصبح البعض يفتون فى أى موضوع دون علم أو خبرة أو حتى حس وطنى فتكون النتيجة المزيد من الارتباك والتدهور. وبينما كنت اتابع ما يجرى من أحداث سريعة ومتلاحقة، تذكرت الحكاية التى كانت سببا فى المثل القائل «إدى العيش لخبازه» .. وهى حكاية خباز عجوز حينما قرر اعتزال المهنة اختار شابا كان يعمل معه وتنازل له عن المخبز، واشترط عليه الا يصنع خبزا أكثر من احتياج سكان الحى وأن يرسل له يوميا 4 أرغفة .. وظل الشاب ملتزما بما طلبه منه الخباز العجوز صاحب الخبرة الى أن لعب الشيطان فى عقله وقرر إدارة المخبز على طريقته الخاصة فقرر زيادة إنتاج الخبز كما قام بتخفيض حصة الخباز العجوز الى النصف بحجة أنه يعيش وحيدا ولا يأكل كل هذا العدد من الأرغفة. وذات يوم ذهب الشاب ليشترى دجاجة ليتناولها فى العشاء لكنه لم يجد دجاجا فى السوق بالكامل وفى أثناء عودته الى بيته قرر زيارة الخباز العجوز فوجد بجوار بيته عشة لتربية الدجاج فارغة تماما وعلم منه أنها هى التى كان يأخذ منها اصحاب المطاعم الدجاج.. فسأله عن سبب هذا الخراب فقال له حينما قمت بإنتاج الخبز اكثر من احتياج سكان الحى استهلكت كميات القمح الذى كان يتم استخدامه فى غذاء الدجاج.. أما نحن فقد كنا نأكل رغيفين ونطعم الدجاج بالباقى، وبعد أن توقفت عن إرسال الحصة بالكامل مات الدجاج من الجوع وكانت النتيجة كما ترى «العشة» أصبحت خاوية ولم يعد لدينا ما نرسله للمطاعم. ومن يومها ردد أهل الحى «إدى العيش لخبازه» وصارت مثلا يتناقله الناس جيلا بعد جيل كلما رأوا شخصا أحمق تصدر عنه تصرفات يعتقد أنها صحيحة بينما هى الخطأ بعينه . [email protected]