استيقظ نصف مليون شخص فى بريطانيا فجأة ليجدوا أنفسهم مهددين بالترحيل. تلك هى أزمة مهاجرى جيل “ويندراش” التى عصفت بالحكومة البريطانية فى الآونة الأخيرة وتسببت فى استقالة وزيرة الداخلية أمبر راد التى اعترفت بأنها ضللت البرلمان بشأن خطط الحكومة لترحيل أعداد من مهاجرى “ويندراش” الذين أصبحوا بين ليلة وضحاها “غير شرعيين”. مهاجرو “ويندراش” هم المهاجرون الذين وصلوا إلى بريطانيا بين عامى 1948-1971من دول الكومنولث وتحديدا من حوض الكاريبي، وأطلق عليهم”جيل الويندراش”، وتعود التسمية إلى سفينة باسم “إمبراطورية ويندراش” التى وصلت إلى مرفأ فى مقاطعة إسيكس شرق المملكة المتحدة فى 1948 وتحمل مهاجرين من جامايكا و ترينيداد وتوباجو وجزر أخرى فى استجابة لنقص الأيدى العاملة فى بريطانيا عقب الحرب العالمية الثانية. ولأنه لم يكن ضرورياً وقتئذ امتلاك هؤلاء الأطفال لجوازات سفر خاصة بهم لأنهم كانوا بصحبة آبائهم، فإن الكثير من جيل ويندراش لا يملكون أى وثائق تثبت وضعهم بشكل قانونى رغم أنهم عاشوا وتعلموا وعملوا فى بريطانيا لعقود. وفى عام 1971، منح قانون الهجرة مواطنى الكومنولث المقيمين فى المملكة المتحدة تصريحا بالإقامة لأجل غير مسمي، وعمل العديد من أبناء ويندراش فى الحرف والتمريض وكعمال النظافة وسائقين، وتمكن بعضهم من الصعود فى السلم الاجتماعى ليمثلوا مجتمع السود فى بريطانيا. والحقيقة أن الحكومة البريطانية هى السبب الرئيسى وراء أزمة أبناء مهاجرى ويندراش، فمنذ أن منحهم قانون 71 الحق فى الإقامة لأجل غير مسمي، لم تحتفظ وزارة الداخلية البريطانية بأى سجلات عن هؤلاء المهاجرين ولم تسلمهم أيضا أى وثائق تثبت حصولم على حق الإقامة مما جعل الأمر صعبا على هذا الجيل فى أن يثبتوا شرعية وجودهم فى بريطانيا. إضافة إلى ذلك، فإن وزارة الداخلية أتلفت فى عام 2010 الآلاف من بطاقات الوصول الخاصة بمهاجرى ويندراش الأوائل مما صعب الأمر على أبنائهم فى إثبات انتمائهم لمجموعة المهاجرين الذين وصلوا للمرة الأولى عام 1948.واستمر هذا الوضع لعشرات السنين لتقنين أوضاع هذه الفئة، إلى أن وجد أبناء ويندراش أنفسهم فجأة مطالبين بتقديم وثائق تثبت إقامتهم بشكل شرعى وإلا سيتم حرمانهم من وظائفهم ومن الرعاية الصحية بل باتوا أيضا مهددين بالبقاء فى الملكة المتحدة. ويرجع هذا التغير المفاجيء إلى قانون الهجرة الجديد لعام 2012 الذى يطالب المهاجرين بضرورة امتلاكهم وثائق كشرط لحصولهم على عمل أو إيجار عقار أو حتى العلاج فى إطار نظام الرعاية الضحية. وساهم أيضا فى اشتعال القضية ما كشفت عنه الصحافة البريطانية عن خطة سرية لوزارة الداخلية لترحيل 10٪ من جيل ويندراش، وهو ما نفته وزيرة الداخلية أمبر راد فى البداية ولكنها عادت لتعترف بأنها ضللت البرلمان عندما نفت علمها بتلك الخطة الأمر الذى عرف بفضيحة ويندراش.