► زيادة بند الأجور 24.47% ودعم السلع التموينية يقفز 101.87% ► نمو الاستثمارات الحكومية 114.44% وتكافل وكرامة يرتفع 98.86% ► معيط: لا نمتلك رفاهة الوقت.. والبرنامج عزز قدرتنا على توفير احتياجات الدولة ► حسنين: الإصلاح أنقذ مصر من دخول دائرة التعثر ونال ثقة مؤسسات التصنيف العالمية
شوهت سياسات الحماية على مدى عقود هيكل الاقتصاد المصرى، وأخلت آليات تسعير المنتجات نتيجة توجيه الدعم لغير مستحقيه، بسلوك المستهلكين، وعززت من تأصيل عادات اتسمت بالسفة الاستهلاكى حتى بات الاقتصاد يئن من جِراحه الغائرة، ووصل إلى مرحلة يحتاج إلى تدخل عاجل قبل أن ينفلت عقده. وراهن الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ اليوم الأول له فى حكم مصر على وطنية المصريين، ولم يمض فى طريق شراء الرضاء الشعبى على حساب الأجيال المقبلة، وكانت تكليفاته واضحة، وإصراره على بناء اقتصاد قوى يحمى حقوق الأجيال المقبلة ويعيد مصر لخريطة الاستثمارات العالمية من جديد. لماذا الإصرار على تجرع الدواء المر؟ خارت قوى الاقتصاد على مدى سنوات سياسات الشتات التى تعزه تارة على سياسات حماية العملة، والمكابرة من أجل صنع مركز وهمى للجنيه أمام العملات الحرة، لدرجة جعلت مصر من أكبر المصدرين للدعم للخارج، من خلال إنتاج منتجات تلتهم دعم المصريين ثم توجه لشعوب الدول المتقدمة، وكأننا نهدى ثرواتنا للعالم على حساب فئات عريضة من محدودى الدخل. وكبدت تلك الممارسات مليارات كان من الممكن أن توجه إلى أوجه إنفاق اساسية تمس حياة المصريين وتعزز من الخدمات فى مختلف القطاعات، وسبب ذلك التقاعس عقداً بعد عقد فى تعميق جراح الاقتصاد، وباتت تحتاج من ينكؤها ويطهرها حتى تتماثل للشفاء من سقم تراكم عليها وأجهد كامل الجسد. ورغم مرارة الإصلاح إلا أن الدواء فى جميع الحوال مر ولابد من شربه حت نستطيع مواصلة السير فى طريق لا حيد عنه، حيث عُبِد من قبل مهندسى الإصلاح، بوصفة مصرية 100%. ولا مناص من تنفيذه، حتى لو لم نكن بحاجة لقرض صندوق النقد الدولى، الذى ساند هذا الاصلاح، وأطلق عليه صراحة قرض مساندة، لأنه يؤمن بأن مصر سارت على طريق التنمية، وكان بمثابة شهادة، قبل أن يكون بقيمة 12 مليار دولار. وبعد مرور 18 شهرا تقريباً على خطط الاصلاح، وليس برنامج الاصلاح، لأنه ليس برنامجاً واحداً ينتهى بل هى خطط متواصلة حصد الاقتصاد المصرى بعضاً من ثمار هذا الإصلاح، حيث ان خبيئة هذا البرنامج الطموح لم يكشف عنها بعد، وستأتى ببشائر تعكسها سياسات النمو الاحتوائى التى ستشمل مظلتها الجميع وليس نمواً لصالح فئة على حساب أخرى، وهى المعدلات التى كانت قبل 2010، حيث لامس بل وتجاوز اقتصاد البلاد معدلات بنحو 7.2% لكنها كانت لفئات بعينها. وبمقارنة بعض من مؤشرات مكاسب تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادى، يتبين أن قيمة الأجور فى الموازنة العامة للدولة والتى شهدت بداية تطبيق برنامج الاصلاح فى 3 نوفمبر 2016 بلغت نحو 213.7 مليار جنيه خلال موازنة عام 2015-2016، وتمكنت سياسات البرنامج من زيادة هذا البند خلال فترة تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادى بنحو 24.47% لتصل توقعاتها فى موازنة العام المالى المقبل 2018 2019 إلى نحو 266 مليار جنيه. حماية اجتماعية وعلى صعيد دعم السلع التموينية، فقد شهدت زيادة كبيرة وتضاعفت، بعد أن تم ترشيد بعض من البنود التى كانت تستنزف موازنة البلاد، وارتفعت بنحو 101.87% لتصل إلى مستويات متوقعة بموازنة 2018 2019 تلامس 86.2 مليار جنيه، مقارنة بنحو 42.7 مليار جنيه فى موازنة 2015 2016. وحرصت الحكومة على وجود قدر كبير من الحماية اثناء تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادى، فقامت الحكومة خلال الفترة الماضية بالتوسع فى برنامج دعم السلع التموينية من خلال زيادة قيمة الدعم الشهرى للفرد إلى 50 جنيهاً فى يونيو 2017 بدلاً من 15 جنيهاً فى يونيو 2015 ورفع كفاءة المنظومة لضمان توافر السلع الاساسية للمواطنين بأسعار مناسبة وجودة عالية، وتبلغ فاتورة دعم السلع التموينية فى موازنة 2017-2018 لنحو 82 مليار جنيه، مقابل 47.5 مليار جنيه فى العام السابق بنسبة نمو قدرها 72.9%. ومن أهم ثمار هذه الاصلاحات، تعزيز برامج الحماية الاجتماعية للمواطنين من خلال الدعم النقدى الذى يشمل معاش الضمان الاجتماعى وبرنامجى تكافل وكرامة والذى ارتفع من 8.8 مليار جنيه خلال موازنة بداية الإصلاح فى 2015 2016 لتصل مستهدفاتها فى الموازنة المقبلة بنحو 17.5 مليار جنيه، بنسبة زيادة تصل لنحو 98.86%، وذلك بفضل إعادة ترشيد الدعم وتعزيز حائط الحماية الاجتماعية لحماية غير القادرين على مواجهة أعباء تكلفة الاصلاحات الاقتصادية. وكشفت بيانات وزارة التضامن الاجتماعى عن مؤشرات إيجابية، حيث رصدت زيادة عدد المستفيدين من تلك الحزمة الاجتماعية من نحو 700 ألف مستفيد خلال العام المالى 2015 2016، لتصل لنحو 3.2 مليون مستفيد العام المالى المقبل. الاستثمارات الحكومية وعززت الحكومة خلال هذه الفترة من تنشيط السوق بوصفها مشجعا للاستثمار، حيث ان استثماراتها شجعت القطاع الخاص على تعزيز ثقته فى قدرة الاقتصاد على النمو، من خلال رؤيا العين والتى رصدت زيادة فى الانفاق الاستثمارى الحكومة، والذى قفز من مستويات 69.25 مليار جنيه من موازنة 2015 2016 إلى نحو 148.5 مليار جنيه فى مستهدفات موازنة 2018 2019 بزيادة نسبتها 114.44%. أما عن زيادة الحصيلة الضريبة والتى عززت من زيادة الموارد السيادية للموازنة العامة فسجلت 306 مليار جنيه خلال العام المالى 2015 2016، لتصل مستهدفاتها لنحو 770 مليار جنيه بموازنة العام المقبل 2018 2019 وتعكس تلك الزيادة التى تصل نسبتها لنحو 151.63%، توسيع المجتمع الضريبة، إلى جانب القدرات الانتاجية، ويؤشر أيضا على أن الاقتصاد أخذ فى الصعود بشكل يعزز من توفير فرص العمل والقدرة على استيعاب طموحات الشباب، وهو الأمر الذى عززته المؤشرات الخاصة بالبطالة، حيث تراجعت فى مستهدفات العام المالى المقبل لنحو يتراوح بين 10% إلى 11% مقارنة بمعدلات سجلت 12.5% فى موازنة 2015 2016. عن اتخاذ أى إجراءات لإصلاح تلك المؤشرات التى باتت معوقاً كبيراً أمام نموه. ومكن ذلك من تراجع نسبة البطالة ما بين 1.5% إلى نحو 2.5% وهو مؤشر آخر على تعزيز الطاقات الانتاجية والمشروعات الجديدة التى استوعبت تلك الفئات. وليس بخاف عن الجميع أن مؤشرات الدين العام إلى الناتج المحلى الاجمالى كانت قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء بسبب سياسات تستنزف موارد الموازنة وتدفع الحكومة لمزيد من الاقتراض من أجل سد فجوة لا تنتهى، مما فاقم مؤشرات الدين وباتت موضع رصد من كافة المؤسسات المالية عالمياً ومحليا، إلى أن وصلت لنحو 102.8% بموازنة العام 2015 2016، وبعد جهد جهيد، وإجراءات الترشيد التى راقبت إنفاق قطاعات عديدة، استطاعت موازنة العام المقبل من وضع مستهدف لتخفيض تلك النسبة عند 91%، واستطاعت ان تكبح جماح هذا المؤشر الذى يعد صداعاً فتاكاً فى رأس الموازنة، لما يسببه من إزعاج عند كل مراجعة دورية لتصنيف البلاد ائتمانياً. وحصد البلاد نتيجة هذه الاصلاحات تراجعا فى تلك النسبة المزعجة بنحو 11.8%، فيما تتواصل مستهدفات خفض لمستويات جديدة مع مواصلة الاصلاحات الاقتصادية التى ستتواصل، حتى بعد انتهاء التزامات مصر مع صندوق النقد الدولى، وفى برنامجها الاصلاحى التى قدمته طواعية رغبة منها فى بث رسالة طمأنة للعالم حول استقرار البلاد اقتصاديا، وكذلك سياسيا، باعتبار أن الاقتصاد والسياسية وجهان لعملة واحدة. ومن ثمار برنامج البلاد الاصلاحى ترشيد استيراد السلع الاستهلاكية، وغيرها ليس من باب المنع بل بسبب سياسات وضعت أسعار المنتجات وفق أطر تضمن تطبيق آليات السوق، الأمر الذى جعل المصدرين يفكرون الف مرة ويتحسسون خطاهم، بعد القضاء على حالة التشوه السعرى الذى وصل لمرحلة استيراد أى شىء. وتسببت فترة ما قبل الاصلاح الاقتصادى فى ترهل تشوهات الدعم لدرجة أدت إلى تشوهات فى تسعير المنتجات والاستثمارات بوجه عام، ففى عام 2014 والذى شهدت تحركاً لأعلى فى أسعار المحروقات إلا أن سعر لتر المياه المعدنية كان يصل إلى نحو 290 قرشا تقريبا، مقابل نحو 260 قرشا لسعر لتر البنزين أوكتين 92 بعد تحريك أسعاره بنحو 40.5%، فيما يصل سعر لتر المياه الغازية لنحو 450 قرشاً، وهو مثال صارخ على تكبد موازنة البلاد خسائر بسبب منظومة طاردة لمناخ الاستثمار. زادت توقعات النمو إلى مستويات 5.8% خلال العام المالى الجديد الذى سيبدأ غرة يوليو، بعد أن سجل مستويات 4.3% خلال عام 2015 2016، بارتفاع نسبته 1.5%، وتبشر تلك الخطى بمزيد من النمو، فى ظل تضيق الخناق على عجز الموازنة العامة للدولة والذ تستهدفه موازنة 2018 2019 عند 8.4% مقارنه بنحو 12.5% فى موازنة 2015 2016. تدخل الدولة وقال الدكتور محمد معيط، نائب وزير المالية لشئون الخزانة العامة إن برنامج الاصلاح الاقتصادى عزز من قدرتنا على توفير احتياجات الدولة ومن قدرتنا على التوسع فى الاستثمارات بشكل كبير، وفى غياب تلك الإصلاحات كانت الأمور ستكون صعبة للغاية. وأضاف أن الاصلاحات منحتنا القدرة على إعادة توزيع الدعم لمستحقة من خلال أطر متنوعة منها تعزيز دعم بطاقات التموين ودعم رغيف العيش وكذلك المعاشات، حيث منحتنا هذه الاصلاحات مساحة بالموازنة العامة للفئات الأولى بالرعاية. وأكد أننا فضلنا أن نخوض الطريق الصعب، حيث نستهدف تعزيز قدرات الاقتصاد من خلال تلك الاصلاحات، لاننا لم يكن أمامنا خيار آخر، كما أن بدء عمليات الاصلاح لا مناص منها فى ظل متغيرات تحتاج لمواجهة حاسمة للمشكلات بعيداً عن المسكنات التى تزيد الأمور تعقداً. وأشار إلى أن منظومة الدعم كانت بحاجة إلى إعادة هيكلة، لأنه الأمور لا تستقيم فى ظل منظومة كانت تساوى فى الدعم بين يقطن قصراً، ومن يسكن العشوائيات، ومن لديه سيارات فارعة، ومن لدية سيارة واحدة، قام بشرائها بشق الأنفس. وأضاف أننا لدينا بنود تسحق توجيه الموارد لها بشكل يضمن تحسين جودتها منها الصحة والتعليم وهما قطاعان رئيسيان فى حياة المواطن، وبالتالى لم نكن نمتلك رفاهية الوقت ولا استنزاف موازنة البلاد من أجل الابقاء على منظومة مشوهة أدت إلى استهلاك غير محسوب. وقال: إن الفترة الأخيرة شهدت عدداً من المؤشرات لا يمكن إغفالها، وهى استقرار التيار الكهربائى، وودعنا معه ظاهرة انقطاع الكهرباء، بفضل تلك الاصلاحات، حيث إن عدم استقرار التيار الكهربائى من الظواهر الطاردة للاستثمار، وبالتالى فإن حل هذه المشكلة ترتب عليها خدمات أفضل للمواطنين، وتشجيع المستثمرين على توسيع أنشطتهم وبالتالى توفير فرص عمل، إلى جانب تعزيز مناخ الاستثمار بوصف الطاقة من العوامل الأساسية لجذب الاستثمارات. وأكد أن الفورة الكبيرة فى الاسكان الاجتماعى قضت على العشوائيات، ووفرت بدائل متعددة للأفراد بدلاً من تفاقم الأمور خلال السنوات الماضية والتى جعلتهم يسكنون فى القبور بسبب عدم الاهتمام بتلك الفئات. وأوضح ان برنامج الاصلاح لا يعنى أن الدولة تترك الأفراد دون تكوين شبكة حماية أو رقابة على المنتجات، بل إن الاصلاح يعطى الدولة قوة أكبر فى الرقابة والتدخل وقت الأزمات، مشيراً إلى أن الأزمة المالى العالمية فى 2008 غيرت كل المفاهيم، حيث تدخلت الولاياتالمتحدةالأمريكية فى الأسواق رغم انها معقل الرأسمالية. وأضاف أن حالة اللحوم فى مصر خير شاهد على قوة الدولة، حيث قضت على طموحات الفئات التى كانت تسعى للتحكم فى الاسعار وزيادتها على المستهلكين، إلا ان تدخل الدولة من خلال منافذ التوزيع المتحركة والثابتة أثبت قوة فى مواجهة المحتكرين، ووفرت السلعة للمواطن بجودة وسعر مناسبين، مما أدى إلى ضبط تلك الاسوق من الانفلات. وأكد أن تدخل الدولة ضمن توفير السلعة بسعر عادل للمستهلك، وأكد للمصريين أن الدولة لها اليد العليا فى حماية المستهلكين من أى موجات غلاء مفتعلة، مشيرا إلى أن التدخل دائما يكون مؤقتاً لحين ضمان عدم الاخلال بآليات العرض والطلب. تصنيف ائتمانى وقال الدكتور عمرو حسنين استاذ التمويل بالجامعة الامريكية ورئيس وكالة «ميريس» للتصنيف الائتمانى، إن الاصلاحات الاقتصادية انقذت مصر من الدخول فى دائرة التعثر. وأشار إلى أن وكالات التصنيف العالمية كانت قد أدرجت مصر فى درجة تصنيف «سى» ويعنى هذا التصنيف أنها أصبحت قريبة من التعثر، مشيراً إلى أن كل المؤسسات عالمياً كانت تراقب عن كثب أداء الاقتصاد المصرى، ولولا الإعلان فى الوقت المناسب عن برنامج الإصلاح الاقتصادى لكنا دخلنا فى مرحلة «دى» وتعنى مرحلة التعثر، وبالتالى كنا سنخسر كل الاستثمارات الجنبية التى تسعى للاستثمار خارج الحدود. وأشار إلى أن برنامج الاصلاح الاقتصادى لم ينقذنا فى الدخول فى مرحلة «دى» فقط، بل عزز من ثقة جميع مؤسسات التصنيف العالمية بالكامل فى قدرة هذه البلد على النمو، خاصة أن برنامج الاصلاح الاقتصادى نال رضاء صندوق النقد الدولى، بل واقنع البرنامج صندوق على منح هذه البلد قرض مساندة لتنفيده. وأضاف أنه من أهم إيجابيات برنامج الاصلاح الاقتصادى أنه بعث رسالة للعالم بأن هناك التفافا وطنيا من الشعب حول رئيسه، وتقبل الشعب المشاركة فى بناء الاقتصاد وتكبد تكلفة هذا الإصلاح.