فاز نيكولاس مادورو بولاية ثانية تبقيه رئيسا لفنزويلا لمدة ست سنوات قادمة حتى عام 2025- تبدأ الولاية الجديدة فى يناير2019-، ولقد أثارت هذه الانتخابات التى جرت الاسبوع الماضى الماضى العديد من ردود الأفعال على الصعيد الداخلى والدولى، وهو ما ينذر بدخول فنزويلا فى معترك جديد، يضاف إلى جملة المصاعب والعقبات التى تعانيها منذ عدة سنوات على كافة المستويات سواء الاجتماعية أو الإقتصادية والتي أدت بها إلى الوصول إلى حافة الانهيار والإفلاس. ومابين إدانات دولية ومقاطعة المعارضة، أعلن المجلس الوطنى للانتخابات فى فنزويلا فوز الرئيس المنتهية ولايته نيكولاس مادورو (55 عاما)، و أنه استنادا إلى نتائج فرز 90% من الأصوات فقد حصل مادورو على 6.19 مليون صوت بنحو67.7% من الأصوات، متقدما بفارق شاسع عن منافسه هنرى فالكون(56 عاما) الذى حصل على 21٫2% من الأصوات ودعى نحو عشرين مليون فنزويلى للمشاركة فى هذه الانتخابات الرئاسية المبكرة، ولكن قاطع الانتخابات 52% من الناخبين المسجلين وهى أعلى نسبة مقاطعة منذ اعتماد النظام الديمقراطى فى 1958، كما أن نسبة الإقبال على التصويت بلغت 46% فى مقابل 80 % فى الانتخابات الرئاسية السابقة في 2013. وطعن بشرعية النتيجة منافسه الرئيسى هنرى فالكون الذى طالب بإجراء انتخابات جديدة قبل نهاية العام، وشكا من وضع الحكومة نحو 13 ألف منصة موالية للحكومة قرب مراكز الاقتراع، وأن هناك بطاقات أصدرتها الدولة للحصول على مزايا من بينها صناديق طعام وتحويلات مالية كجوائز للناخبين بعد التصويت لصالح مادورو ،الذى اتهمته المعارضة بالسيطرة على المجتمع بوعده بتقديم مكافآت إلى حاملى «البطاقة الوطنية» التى تسمح بالاستفادة من البرامج الاجتماعية، وأن الحكومة استغلت الكثير من موارد الدولة خلال الحملة الانتخابية ومارست ضغوطا على الموظفين الحكوميين للتصويت، ولكن رئيسة المجلس الوطنى الانتخابى استبعدت احتمال دفع أموال إلى الناخبين، ولقد قاطعت المعارضة الانتخابات ووصفتها بأنها تتويج لديكتاتور بسبب منع اثنين من أكثر قادتها شعبية من الترشح، مما دفع تحالف المعارضة «منصة الوحدة الديمقراطى» إلى الدعوة لنحو مائة مظاهرة فى المدن التى يقيم فيها فنزويليون فى العالم تحت شعار «مادورو ارحل». وفى المقابل دعا الرئيس الفنزويلى جميع أحزاب المعارضة فى البلاد إلى الحوار،وقال «إننى أدعو المرشحين الذين شاركوا فى الانتخابات وفرقهم السياسية إلى عملية المصالحة والحوار الوطنى». وعلى الصعيد الدولى تفاقمت الأزمة وسط تنديدات ورفض وفرض عقوبات وعزلة وتهديدات عسكرية، وردود أفعال من كافة الأطراف، فلقد أمر مادورو بطرد القائم بالأعمال الأمريكى تود روبنسون وبريان نارانجو وهو دبلوماسى كبير آخر وطلب منهما مغادرة فنزويلا فى غضون 48 ساعة. بعدما فرضت أمريكا عقوبات اقتصادية جديدة على بلاده بعد إعادة انتخابه، ورفضها الاعتراف بالانتخابات، فيما وصفه مادورو بأنها «مؤامرة وتدخل فى الشئون الاقتصادية والسياسية لفنزويلا». وهددت واشنطن بالرد بالمثل على طرد القائم بالأعمال الأمريكى. وللمرة الأولى ربطت واشنطن بين مادورو وتجارة المخدرات. وقال ترامب فى بيان «ندعو نظام مادورو إلى استعادة الديمقراطية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة وإطلاق سراح كل السجناء السياسيين فورا وبدون شروط وإنهاء القمع والحرمان الاقتصادى لشعب فنزويلا». وذلك بعد أصداره أمرا تنفيذيا يقيد قدرة فنزويلا على تسييل الأصول المملوكة وفرض مزيد من العزلة الاقتصادية،وهددت الولاياتالمتحدة التى وصفت التصويت بأنه «عار ومهزلة» بفرض حظر على قطاع النفط حيث تستورد ثلث النفط الخام الفنزويلى، كما حظرت على الأمريكيين التعامل بالديون الفنزويلية. وجاء رد مادورو على وقع موسيقى الريجى التى ترافق تجمعاته عادة «لا يهمنى أن يصفونى بالديكتاتور لن نستسلم للابتزاز. لا يهم ألا يعترفوا بالانتخابات،رئيس فنزويلا منتخب من الشعب وليس من قبل دونالد ترامب».و العقوبات جزء من «حملة عدوان منظمة» وكذلك جاء رد فعل دول الاتحاد الأوروبى رافضا للانتخابات، حيث يفرض عقوبات على غالبية المسئولين الحكوميين الفنزويليين ،كما ندد بتجاوزات عديدة شابت الانتخابات الرئاسية فى فنزويلا، وقالت منسقة السياسة الخارجية للاتحاد فيديريكا موجيرينى فى بيان إن «الاتحاد الأوروبى ينظر فى فرض عقوبات»، وأن هناك «عوائق كبيرة أمام مشاركة أحزاب سياسية فى المعارضة وقادتها» و«تجاوزات عديدة تخللت يوم الانتخابات بما فيها شراء أصوات». ولكن مادور أتهم الاتحاد الأوروبى بأن لديه أفكارا مسبقة عن الانتخابات فضلوا الغرق فيها وأصدار أحكام لا أساس لها. وفي نفس السياق أعلنت الحكومة الإسبانية إن الاقتراع لم يحترم «أدنى المعايير الديمقراطية»، وإن إسبانيا ستدرس مع شركائها الأوروبيين اتخاذ التدابير المناسبة لوضع حد للأزمة الإنسانية التى يعيشها المواطنون فى فنزويلا.وأنه لايمكن الصمت أمام تلك الأوضاع الخطيرة، والتى تؤثر على ما يقرب من 200 ألف إسبانى مقيم فى فنزويلا وعلى الدول المجاورة للمنطقة. وفى ذات الإطار أعلنت مجموعة ليما التى تضم 14 دولة منها الأرجنتين وكندا وجزر الكاريبى، أنها استدعت سفراءها من فنزويلا احتجاجا على نتائج الانتخابات التى قالت إنها «غير شرعية ،وكانت قد علقت عضوية فنزويلا سياسيًا فى السوق المشتركة لدول أمريكا الجنوبية (ميركوسور) «لانتهاكها النظام الديمقراطى» . وأكد خوان مانويل سانتوس الرئيس الكولومبى إن الحكومة الفنزويلية نقلت كولومبيين إلى فنزويلا لكى يصوتوا للرئيس مادورو ،وأتهمت وزارة الخارجية البرازيلية، جارتها بتعميق أزمتها بهذا التصويت وأنه «عزز الطبيعة الديكتاتورية للنظام»، ولكنها ستواصل العمل عبر منظمة الدول الأمريكية لإعادة المؤسسات الديمقراطية فى فنزويلا.، كما رفضت تشيلى وبنما وكوستاريكا الاعتراف بنتائج الانتخابات. وفى خضم الرفض الدولى لما يحدث فى فنزويلا ،لايزال هناك دول تناصر الرئيس مادورو وتسانده وعلى رأسها روسيا والصين اللتان قدمتا مليارات الدولارات من التمويل لفنزويلا فى السنوات الماضية،وتركيا وكوبا والسلفادور، واعتبرت روسيا أن التصويت فى الانتخابات الرئاسية بفنزويلا «ناجحً ».و الدعوة لعدم قبول نتائج الانتخابات فى فنزويلا بمثابة تهديد بزعزعة الاستقرار. وقال مادورو «إن علاقات التعاون القوية توحد فنزويلا مع روسيا، وسنواصل العمل معا لبناء عالم متعدد الأقطاب». وكان الرئيس الأمريكى قد تحدث من قبل عن خيار عسكرى ضد فنزويلا، وحول هذا الاحتمال، أكد مادورو أن هذا الأمر لن يحدث أبدا، و فى حال قيام أمريكا بتوجيه ضربة عسكرية، فإنه ستكون هناك ضربة مضادة قوية مثل التى وقعت فى شهر أبريل عام 2002. وبالرغم من هذه الأزمات الطاحنة التى تواجه فنزويلا داخليا وخارجيا ،إلا أن مادورو وقف أمام الجماهير وقال «الثورة هنا لتبقى» وتعهد بأن يكون للتعافى الاقتصادى أولوية بعد خمس سنوات من الركود فى الدولة التى يقطنها 30 مليون نسمة. مضيفا» فزنا مجددا! نحن قوة التاريخ التى تتحول إلى نصر دائم . وهتف أنصاره «هيا بنا يا نيكو» .