أكد الدكتور عبدالفتاح عبدالغنى العواري، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، أن الإرهابيين يحملون أيديولوجيات عدائية للأوطان والشعوب العربية والإسلامية، بهدف تخريبها. وقال فى حوار مع «الاهرام» إن النصر حليف لنا، وإن وطننا مصر محفوظ بحفظ الله، وستبقى مصر واحة الأمن والأمان ودرة الأوطان على مر الزمان. ودعا وسائل الإعلام مقروءة ومسموعة أن تقدم مادة إعلامية جيدة تتناسب مع عبادة الصوم.. وإلى نص الحوار: ما ذكرياتكم فى شهر رمضان؟ وما الكلمة التى توجهها إلى الصائمين؟ رمضان فرصة غالية لكل مسلم يريد أن يراجع نفسه، ويعقد صلحا مع ربه، فى شهر الصيام، وهو شهر القرآن، وشهر القيام، وشهر البر والإحسان، وهنيئا لمن أمد الله له فى عمره، وأدرك صيام هذا الشهر الفضيل، وأقوى ذكرى عندى بالنسبة لشهر رمضان، هى تلك الليالى الساهرة على مائدة القرآن الكريم، وبيوت العائلات والدواوين التى تتنافس فى جذب كبار القراء ومشاهيرهم من أجل إحياء ليالى هذا الشهر الفضيل، وما كنا نشاهده ونحن فى مرحلة الصغر فى قرانا فى صعيد مصر من تنافس البيوت فى إخراج موائد الإفطار وحرص كل بيت أن يحصل على من يفطر على مائدته، أمام بيته أو فى ديوان العائلة، وبعدها ما كنا نؤديه من صلاة التراويح خلف شيخ المسجد، دون تطويل ممل، وبعد فراغنا من التراويح هناك تزاور العائلات بعضها البعض فى الليالى الساهرة على استماع كتاب الله عز وجل، ويتنافس القراء فى تجويد قراءتهم وإمتاع الناس، وإشباع الأنفس المشتاقة لكلام الله رب العالمين، وبعد فراغ القارئ من القراءة يقع الاختيار على أحد العلماء الجالسين فى سهرة سماع القراءة لإلقاء الضوء على ما تلاه القارئ من القرآن، وهذا هو أعظم موقف وافتقدناه فى غير قرانا. وبماذا تدعو الإعلام فى شهر رمضان؟ أدعو وسائل الإعلام مقروءة ومسموعة أن تقدم مادة إعلامية جيدة تتناسب مع عبادة الصوم، وقيم الصوم، والحياة الروحية التى يعيشها الناس فى أيام وليالى الصيام، وألا تكون هذه الوسائل مدعاة لإحباط الأجر والعمل عند الصائمين، لما نراه ونشاهده، إن شهر رمضان يكون بمنزلة مزاد عالمى يقدم فيه ما يزكم أنوفنا ويصيب أعيننا بالعمي، باسم الفوازير والمسلسلات الهابطة، وغير ذلك، بما لا يليق وقداسة الشهر الكريم، وأدعو وسائل الإعلام أن تلتزم بعرض كل ما يبنى جوانب الحياة فى المجتمع، وذلك فى سائر أيام السنة، فأخلاق رمضان وأخلاق العبادات يجب أن يعمم نفعها سائر أيام وشهور العام، لأن رب رمضان هو رب سائر الشهور. ماذا ترى فى العملية الشاملة سيناء 2018؟ رأيت أن رجال جيشنا البواسل والشرطة فى سيناء الحبيبة عملية يثمنها كل مواطن مصرى يعرف قيمة تراب الوطن، وأن الذرة منه يجب على كل مصرى أن يحميها ولا يفرط فيها، مهما كلفنا ذلك، فهؤلاء الأبطال يقومون بدور سيسجله التاريخ بسطور من نور، ولا يقل أهمية عن حرب تقع بين جيش الوطن وعدوه، لأن جماعات الإرهاب المتدثرة بزى الوطن والمتسربلة بعباءته هم أشد خطرا من الأعداء الواضحين للوطن، وأنا على يقين أن النصر حليف لجيشنا وجنودنا، وهنيئا لمن تكتب له الشهادة منهم، وأن وطننا مصر محفوظ بحفظ الله، وستبقى مصر واحة الأمن، والأمان ودرة الأوطان على مر الزمان. لماذا انتشر الإرهاب فى الآونة الأخيرة؟ ظاهرة الإرهاب انتشرت فى الآونة الأخيرة، ويحمل الإرهابيون أيديولوجيات عدائية للأوطان والشعوب خاصة الأوطان العربية والإسلامية، ولعل السر فى انتشار هذه الظاهرة الإجرامية يعود إلى الجهات التى لها أجندات ضد الوطن، فتقوم بتربية هؤلاء الإرهابيين، وإمدادهم بكل ما يريدون تكنولوجيا، بل وتقوم بتدريبهم عسكريا، وتسلمهم خرائط للبلدان المستهدفة، كى يقوم هؤلاء بتخريب هذه الأوطان، وهدم العمران فيها وإفساد الحرث والنسل باسم الدين، والدين منهم براء، إنما هم فى الحقيقة سواء أكانوا واعين لما يقومون به، أم مغيبين ينفذون جرائمهم من أجل خدمة أعداء أوطانهم، يقومون بدور خطير لا يمكن لأعداء الوطن أن يقوموا به، ويشوهون صورة الإسلام التى تدين به هذه الأوطان فى نظر العالم حتى صح لمن يعملون فى الدوائر السياسية والبحثية فى الغرب أن يطلقوا على الإسلام الذى يرونه فى شخص هؤلاء الإرهابيين ممن صنعتهم الصهيونية العالمية، يطلقون على الإسلام مصطلح (إسلاموفوبيا)، ويعنون بذلك أن الإسلام عدو مخيف، وهذا أمر إنما ينم عن خبث الطوية وسوء النية، لأنه محال لذى عقل، أن تحاكم شريعة من الشرائع الإلهية بتصرفات وسلوكيات بعض أفرادها، يستفيد العدو من هذا كله، إحياء النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية، ضرب الوحدة الوطنية فى مقتل، إثارة القلاقل والاضطرابات بين المواطنين، ومن ثم يجدون لأنفسهم ذريعة للتدخل السافر باسم حماية الأقليات، وحماية الحريات، وتطبيق الديمقراطية، وهم فى حقيقة الأمر لا يعنيهم شيء من هذه الشعارات التى يرفعونها، إنما الذى يعنيهم الاستيلاء على الثروات ومقدرات الشعوب وتفتيت وحدة الدول، وإضعاف قوتها العسكرية والاقتصادية والسياسية، وتقسيم البلاد كما جاء فى مشروعهم الخبيث المسمى ب «الشرق الأوسط الجديد». وقد شاءت إرادة الله أن يحمى مصر فهيأ لها الأسباب تحقيقا لوعد الله بهذا البلد الذى أقسم به فى القرآن من قبل أن يقسم بالبلد الحرام، فقال تعالي: «والتين والزيتون وطور سينين، وهذا البلد الأمين»، فحمى الله مصر من هذا البلاء واستخلصها من أيدى حفنة غير أمينة عليها، وكان جيش مصر لهذه الحفنة من خصوم الوطن بالمرصاد، فقام الجيش بواجبه، وحافظ على اللحمة الوطنية، وحقق عوامل الاستقرار، وأصبحت مصر هى الدولة الوحيدة فيمن حولها التى تهنأ بالطمأنينة والأمن والسلام. ما دور الأزهر فكريا فى مواجهة هذه الجماعات المتطرفة؟ للأزهر الشريف بسائر هيئاته دور بارز لا يخفى على أحد، وذلك منذ أن كانت هناك مراجعات فى السجون لفكر الجماعات الإسلامية التى أحدثت زمنها نوعا من البلبلة فى المجتمع المصرى فكريا واستقطبت بعضا من الشباب فى الجامعات المصرية، والتى انتهت بالحادث الأليم الذى اعتصر قلوب المصريين جميعا، وأدمى أنفسهم، وهو قتل الرئيس الراحل محمد أنور السادات. ونتذكر ندوة للرأى كان يقيمها التليفزيون المصرى والتى يدعى لها كبار العلماء والمفكرين من الأزهر لمناقشة الشباب ومعرفة فكرهم، وبيان الحق وتوجيه الشباب إلى الصواب، وذلك فى سائر مناحى الحياة، فلم يكن مقصورا على المواعظ فى المساجد، بل كان يذهب إلى الشباب فى مراكزهم، ويعقد الندوات فى النوادى الكبرى والصغري، والمصانع، ويشحذ همم الجنود والمقاتلين الذين يحمون الوطن، وما زال دوره إلى الآن باقيا، بل اتسع الدور نظرا للتطور التكنولوجي، فترى الأزهر من خلال مراكز الرصد للفتاوى الشاذة التى تنشرها جماعات التطرف والإرهاب عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى كى يستقطب بها شبابنا وبناتنا، ترى الأزهر يقوم بتفنيد هذه الأفكار المغلوطة والرد عليها ونشر الردود بأكثر من 10 لغات عالمية، وبث ذلك فى مواقع التواصل الاجتماعي.