موعد وجدول امتحانات أولى ثانوي بالقليوبية الفصل الدراسي الثاني 2025    سعر الريال السعودى مقابل الجنيه اليوم الإثنين 12-5-2025    تغير المناخ يهدد زراعة الموز في العديد من البلدان    "تعليم النواب" توافق على موازنة ديوان الوزارة وتوصى بصرف مستحقات معلمى الحصة    بيطري أسوان ينجح في تحصين 40 ألف رأس ماشية خلال أبريل ومايو 2025    وزير الإسكان يعقد اجتماعا لمتابعة مشروع تطوير موقع التجلي الأعظم بمدينة سانت كاترين    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب منطقة "شيتسانغ" جنوب غربي الصين    صحيفة فرنسية: حلفاء زيلينسكي نصحوه بقبول عرض بوتين وبدء المفاوضات دون شروط مسبقة    وزير الخارجية يثمن التزام الجانبين الأمريكي والإيراني بمواصلة المسار الدبلوماسي    «وقت إضافي أم ركلات ترجيح».. ماذا يحدث حال تعادل مصر وغانا في كأس أمم أفريقيا للشباب؟    النصر ضيفًا على الأخدود لمصالحة جماهيره بالدوري السعودي    الأهلي يختتم مرانه اليوم استعدادًا لمواجهة سيراميكا    فلوريان فيرتز يصدم بايرن ميونخ بسبب مغامرة جديدة    ضبط لصوص المساكن والشركات في القاهرة    طقس اليوم فى مطروح.. غائم جزئيا معتدل نهارا وليلا واستقرار نشاط الرياح    محافظ المنوفية: ضبط 50 طن قمح بمخزن غير مرخص بالباجور    نسرين طافش توجه رسالة دعم ل بوسي شلبي    ختام فعاليات مهرجان الفنون المسرحية لطلاب جامعة الإسكندرية بدورته الرابعة عشر    مسرح 23 يوليو بالمحلة يشهد ختام العرض المسرحي الطائر الأزرق    جنوب سيناء.. فريق الحوكمة والمراجعة الداخلية يرصد مخالفات بمستشفى دهب    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بدار السلام بسوهاج    مصرع وإصابة 4 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين فى النزهة    أكبر صندوق سيادي بالعالم يسحب استثماراته من شركة إسرائيلية بسبب المستوطنات    تشكيل الهلال المتوقع لمواجهة العروبة في الدوري السعودي    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    4 ملايين مشاهدة، بيسان تتصدر تريند اليوتيوب ب "خطية"    عمرو سلامة يعلق على تصنيفه من المخرجين المثيرين للجدل    ما حكم الأضحية إذا تبين حملها؟.. الأزهر يوضح    تعويض 2000 جنيه.. البترول تعلن خلال ساعات آلية تقديم أوراق المتضررين من البنزين.. فيديو    «قصر العيني» يحصل على اعتماد الجمعية الأوربية لأمراض القلب    القافلة الطبية بقرية الوسطاني بدمياط تقدم خدمات علاجية مجانية ل 1758 مواطنا    قرار عاجل من الأهلي بشأن عماد النحاس.. مدحت شلبي يكشفه    رئيس جامعة حلوان يشهد افتتاح فعاليات المهرجان الأول لتحالف جامعات إقليم القاهرة الكبري    اليوم.. إعادة محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية فى بولاق    إصابة طالب بحروق إثر حادث غامض في البراجيل    برلماني أوكراني يشير إلى السبب الحقيقي وراء الإنذار الغربي لروسيا    قبل بوسي شلبي ومحمود عبدالعزيز.. زيجات سببت أزمات لأصحابها في الوسط الفني    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    المطورين العقاريين: القطاع العقاري يُمثل من 25 إلى 30% من الناتج القومي    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    حكم اخراج المال بدلا من شراء الأضاحي.. الإفتاء تجيب    تزامنا مع زيارة ترامب.. تركيب الأعلام السعودية والأمريكية بشوارع الرياض    يارا السكري ترد على شائعة زواجها من أحمد العوضي (فيديو)    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب جنوب غربي الصين    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    حقيقة وفاة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق    تكليف «عمرو مصطفى» للقيام بأعمال رئيس مدينة صان الحجر القبلية بالشرقية    حبس وغرامة تصل ل 100 ألف جنيه.. من لهم الحق في الفتوى الشرعية بالقانون الجديد؟    عاجل- قرار ناري من ترامب: تخفيض أسعار الأدوية حتى 80% يبدأ اليوم الإثنين    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    انتخاب المهندس أحمد عز رئيسًا للاتحاد العربي للحديد والصلب    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    منافسة رونالدو وبنزيما.. جدول ترتيب هدافي الدوري السعودي "روشن"    مع عودة الصيف.. مشروبات صيفية ل حرق دهون البطن    حسام المندوه: لبيب بحاجة للراحة بنصيحة الأطباء.. والضغط النفسي كبير على المجلس    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور علىّ الدين هلال ل «الأهرام»:
التعددية الحزبية فى مصر «عبثية» ولابد من قانون لوقف نشاط الكيانات غير الجادة
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 05 - 2018

المجتمع القوى يتطلب التمكين والمشاركة ليسند الدولة القوية

أكد الدكتور عليِّ الدين هلال أن مصر تحتاج فى الولاية الثانية للرئيس إلى إعادة رسم الخريطة التنموية، وأن يكون الإصلاح المجتمعى والتربوى هو الجهاد الأكبر، وإعادة منظومة القيم التى توحشت فى فترة الفوضي.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية المرموق أن التعددية الحزبية قبل عام 2011 كانت مقيدة، وأصبحت بعده مفرطة وعبثية، وأن هذا الوضع يستلزم قانونا جديدا للأحزاب يقضى على إنشاء الكيانات الحزبية غير الجادة، ويضع شروطا منها أن من لا يُمثل فى مجلس النواب من هذه الأحزاب يتم حله.
وأشار هلال فى حواره ل«الأهرام» إلى أن الجلبة والضجيج السياسى الموجود حول تعديل الدستور هدفهما فى الأساس مادة فترات الرئاسة، وليس شيئا آخر، وأنه يؤيد تعديل هذه المادة فقط وللرئيس السيسى وحده
د. على الدين مع محرر الأهرار


وليس من يأتى بعده، وذلك هو ما يتطلبه الظرف الاستثنائى الذى نعيش فيه.. وإلى تفاصيل الحوار:


توشك ولاية الرئيس السيسى الأولى أن تنتهي، وبدء ولاية ثانية، والمصريون يتطلعون فى الولاية الثانية إلى كثير من الأحلام والآمال.. برأيك ما أهم الملفات التى نحتاج التركيز عليها؟
نحن نعيش مرحلة مهمة من التطور الاقتصادى والاجتماعى والسياسي، وفى اللحظة الفاصلة بين فترتى الرئاسة الأولى والثانية للرئيس لابد أن تكون هناك لحظة تدبر وتأمل، وأعتقد أنه ينبغى مراجعة ما تم إنجازه خلال السنوات الأربع المنتهية، ونحدد أولويات المرحلة القادمة، وأن نستفيد من كل الأفكار والأطروحات المثارة فى الرأى العام.
فالأرجح أن الدوائر العليا فى السلطة تقوم بعمليات مراجعة شاملة وتقييم متكامل لمجمل السياسات والإجراءات التى شهدتها سنوات المرحلة الأولي، ومراجعة أيضا للأشخاص الذين يتولون مسئوليات التنفيذ.
والأرجح أيضا أن جزءا من هذه العمليات يقوم به الرئيس بنفسه، وهذه المراجعة هى من أجل بلورة سمات المرحلة القادمة والاستجابة لتوقعات المصريين وتطلعاتهم منها، فالفترة الأولى شهدت عملا جسورا لمشروع وطنى لوطن أكثر حداثة وحيوية، لا أعتقد أننى بحاجة إلى سرد تفاصيل المشروعات والسياسات فهى معروفة، لكنى أضعها وأجمعها تحت عدد من العناوين المختصرة.
أول عنوان هو إعادة رسم خريطة مصر التنموية على مستوى البنية التحتية وشبكة الطرق والمواصلات والاتصالات، التى تمت بشكل مكثف وسريع، وهى أساس تقدم الاقتصاد والعمران.
أما العنوان الثانى فهو رفع مستوى سقف طموحات المصريين، وثقتهم وقدرتهم الجماعية على الإنجاز وعلى مواجهة التحديات مهما كانت صعوبتها، فلم تعد الطموحات متواضعة.
بينما العنوان الثالث يتمثل فى فتح صفحة جديدة فى تأكيد المواطنة المصرية والشعور بالوحدة الوطنية بين كل أبناء الوطن.
والعنوان الرابع عودة الأمن الفردى للمواطن بعد فترة من الانفلات والفوضى الاجتماعية، لابد من النهوض بالقيم المجتمعية، وإعادة منظومة القيم التى توحشت فى فترة الفوضي.
فهناك إنجازات مشهودة يدركها الجميع، وهى تفتح الباب لمواجهة تحديات كبرى فى المرحلة القادمة لا تقل خطورة عن المرحلة السابقة، وهى الاستمرار فى الطريق الذى بدأته مصر فى إعادة البناء وتوسيع نطاقه وترسيخ أركانه، وعلينا أن نواصل العمل والجهد، وعدم التراخي، وأن ننتقل كما يقول علماء التكنولوجيا من «الهارد وير» إلى «السوفت وير»، وهو لا يقل خطورة عن «الهارد وير»، و«السوفت وير» هنا هو البشر، فهناك تحديات جديدة تتطلب نقاشا مجتمعيا.
هناك تحديات اجتماعية ومجموعة من القضايا التى يمكن وصفها بالإصلاح الاجتماعى والتربوى وهو الجهاد الأكبر مثل الزيادة السكانية التى يؤدى استمرارها إلى استنزاف جزء من عوائد التنمية أولا بأول، وهناك قضية التعليم، وها نحن نشهد بدايات موفقة فى هذا المجال لتبنى نظام تعليمى يتجاوب مع الثورة العلمية والتكنولوجية التى تجتاح العالم، ثمّ قضية التنشئة الاجتماعية والسياسية وتأكيد مفهوم المواطنة الإيجابية، وأخيرا قضية بعض مظاهر السلوك الاجتماعى السلبية مثل ارتفاع نسبة الطلاق بين الشباب المتزوج حديثا.
دكتور عليّ، من واقع التاريخ، ومن واقع التجربة، كيف تتحقق الديمقراطية فى مصر، وهل هى طريق صعب، أم طريق طويل؟
الديمقراطية طريق طويل، وطريق وعِر، وهى ترتبط بالتطور الاقتصادي، والتطور الاجتماعي، والأوضاع الإقليمية، وأى ديمقراطية ينبغى أن يكون فيها أحزاب، والأحزاب هى الأداة الوحيدة للمنافسة السياسية، والانتخابات تجرى فى الأساس بين أحزاب سياسية، أو بين أفراد يمثلون أحزابا سياسية.
وجوهر الديمقراطية هو فكرة الاختيار بين بدائل، والبدائل هى الأحزاب السياسية، فهى سمة أساسية للنظم الديمقراطية.
وتاريخيا، على مدى السنين فى مصر، كانت هناك تجربة حزبية قديمة بدأت عام 1907، بثلاثة أحزاب هى الأمة، وحزب الإصلاح على المبادئ الدستورية والحزب الوطني، 1919 كان هناك حزب الوفد والأحرار الدستوريين والكتلة الوفدية والسعديين، وغيرها، ثم مرت مصر بمرحلة تنظيم سياسى واحد، كالاتحاد الاشتراكى وقبله الاتحاد القومى وغيره، ثم التجربة الحزبية المقيدة، فلم يكن حق تكوين الأحزاب مطلقا، كانت هناك قيود تضعها لجنة الأحزاب على أثرها رفضت كثيرا من الأحزاب، التى بدورها لجأت إلى القضاء، ثم جاءت فترة ما بعد يناير لتنقلب الآية تماما، فإذا كان ما قبل يناير تعددية مقيدة، فإن ما بعده كان تعددية مفرطة، أو تعددية عبثية، وللتدليل على ذلك، فحين تنظر إلى انتخابات مجلس النواب الأخيرة نجد أن من ال104 أحزاب الموجودة على الساحة السياسية، دخل الانتخابات 49 حزبا، ومن حصل منها على مقعد فأكثر 18 حزبا فقط، وهنا نجد مفارقة غريبة، فهذا البرلمان يشهد أكبر عدد من الأحزاب تُمثل فيه، فلم يحدث أن كان لدينا هذا العدد من الأحزاب داخل البرلمان، فعلى مدى تاريخه كانت هناك ثلاثة أو أربعة أحزاب بجانب الحزب الوطني، هذا شيء إيجابى من جهة، لكن من جهة أخرى فإن عدد المستقلين فى البرلمان أكبر من عدد الحزبيين، وقد أفهم وجود هذا العدد إذا كانت هناك قيود على الحياة الحزبية، كون كل منهم يحمل رؤية سياسية لم يجد الحزب الذى يمثله، لكن فى ظل وجود هذا العدد الكبير والغريب من الأحزاب علينا أن نضع تحته علامات استفهام متعددة، فهذا العدد الكبير من المستقلين، إلى جانب هذا العدد الكبير من الأحزاب غير الممثلة، هو وضع غير طبيعي، الطبيعى فى كل دول العالم أن ممثلى البرلمان هم بالأساس أعضاء لأحزاب سياسية، ولكن ذلك صراحة يعبر عن أننا ما زلنا فى مرحلة انتقالية، فلم تستقر بَعدْ مؤسسات النظام السياسى والعلاقات بينها.
ما الحل فى التعامل مع هذا العدد الكبير من الأحزاب الموجودة فى مصر؟
أطالب بفتح حوار لإصدار قانون جديد للأحزاب يكون من شأنه وقف نشاط الكيانات غير الجادة، وعلينا النظر بعين الاعتبار لتجارب الدول الأخري، حيث أصدرت قوانين منظمة لهذه الأحزاب، تقضى بأن الحزب الذى لا يرشح أعضاء له فى البرلمان دورتين متتاليتين يتم حله، وهناك دول تقوم بحل أحزاب ليس لها وجود فى البرلمان لدورتين متتاليتين. والحزب الذى اكتشف أن له مقرا واحدا فى العاصمة، وليس له وجود سياسى أو تنظيمى خارج هذا المقر ينبغى حله. وأنا ضد أى قرار إدارى للحل، وأى مخالفة للقانون، ولكن هذا العدد من الأحزاب غير مطلوب للديمقراطية، ولننظر إلى كل دول العالم، كم عدد الأحزاب لديها؟ فال104 أحزاب هو انفلات ديمقراطى ولا يعبر عنها على الإطلاق. كان مفهوما ذلك فى البلاد التى لم يكن لديها حرية تكوين أحزاب، فوجدنا عشرات الأحزاب، لكن ذلك لا يطول، هو ثلاث أو أربع سنوات لا أكثر، ثم بعد ذلك تبدأ فى بناء قواعدها وتدرك أن التشرذم الحزبى هو ضعف لها، وبالتالى ضعف للنظام الديمقراطي.

يدور على الساحة الآن، حديث عن حزب جديد، وحديث عن دمج الأحزاب.. كيف تنظر إلى هذه الأخبار؟
علينا الآن أن نترك الأمور تجرى بمقاديرها، فنحن الآن لدينا بعض الكتل الائتلافية موجودة بالبرلمان تتحدث عن إنشاء حزب جديد، قد تنجح وقد لا تنجح، ولكن الحديث فى حد ذاته مهم، ذلك أن نشأة الأحزاب فى العموم تنشأ من أناس ذوى مشارب ورؤى متقاربة.
وقد جلس رؤساء بعض هذه الأحزاب مع الرئيس السيسي، وطلبوا منه مد يد العون، فلم يمانع، ولكن كان الرد ليس لكل هذا العدد من الأحزاب، مطلوب توحيد ودمج حتى يسهل التعامل، ولكن، ما النتيجة؟ لا شيء، لم يتفاعلوا مع المطلب، وللعلم لا أحد يملك حل حزب قائم، فهى أحزاب تأسست بناء على قرارات لجنة الأحزاب السياسية، وهى لجنة قضائية بحتة، والقانون القائم ينظم كيفية حل أو دمج هذه الأحزاب، فالحل يكون بناء على خرق هذه الأحزاب للقانون، بينما الدمج بمحض إرادتها.
هل ترى أن الحزب الجديد سيكون حزب الرئيس؟
المشكلة فى الوقت الحالى أن لدينا رئيسا ينظر له الشعب على أنه المنقذ و«المُخَلِّص»، القائد الذى أنقذ البلاد من حكم الإخوان، هذا الشخص يلتف حوله القطاع الأكبر من الشعب، وحين نطلب منه أن يكون له حزب، فالطبيعى ألا يتحمس لهذا المطلب، ذلك أن كل مؤيديه لن يكونوا أعضاء بالحزب، وإذا طلبنا أن يكون كل مؤيديه أعضاء بالحزب، إذن نحن نعود لتجارب الحزب الواحد، الاتحاد الاشتراكى والحزب الوطنى على سبيل المثال.
هناك من يرى أن التأخير سببه أن يولد هذا الحزب كبيرا؟
أهم خطر على الأحزاب هو الرغبة فى التغول، أن يكون هناك حزب يرغب قبل إنشائه فى السيطرة على نسبة كبيرة من الأصوات الممثلة فى البرلمان، فيكون الهدف إدخال كل الناس فيه، دونما النظر إلى اتجاهات المنضمين، من أفكار متقاربة، أم أفكار متنافرة، فحين ينضم أصحاب الرؤى المختلفة فى كيان واحد، إما أن تحكم عليه بالجمود، وإما يكون شكلا من دون مضمون، ذلك أن الإنشاء على عجل يحدث صراعات وانقسامات بداخله، فلا يزال الأفضل بكثير أن يكون فى الحياة الحزبية ثلاثة أو أربعة أحزاب كبار، يحصل أحدها على عدد أكبر من مقاعد البرلمان، أو يحدث ائتلاف بينها فى المستقبل.
وبدلا من أن نؤلف أشياء، نبدأ بما نملك، فلدينا ثلاثة أحزاب كبيرة نسبيا داخل البرلمان، هي: الوفد ومستقبل وطن والمصريين الأحرار، وهى تقترب من نحو 150 مقعدا فى البرلمان، وهذه الأحزاب لديها فرصة كبيرة فى زيادة عدد أعضائها، سواء من البرلمان أو من الشارع.
هل من الممكن أن يتحول الائتلاف إلى حزب؟
حين يتحول الائتلاف إلى حزب فهناك خطورة حزبية، فهذه الائتلافات حين نشأت لم تنشأ على أساس برنامج سياسي. هى نشأت من أجل قضية بعينها، وهدف محدد، لا برنامج من الأساس، فلو أن الرؤى واحدة لأصبحت حزبا، هم أشخاص ائتلفوا واتفقوا حول موضوع ما، وبالتالى مطلوب أن يتحول هذا الائتلاف إلى حزب أو جزء منه إلى حزب، وأن تقوم الأحزاب السابقة الإشارة إليها بتوسيع قاعدتها الحزبية والبرلمانية، هذا كله يحتاج صبرا ودراسة، وليس بين يوم وليلة.
وبما تنصح الائتلاف الذى يسعى لإنشاء حزب جديد؟
= نصيحتى أن يسألوا أنفسهم، ما هو شكل الحزب؟، فالحزب ينشأ من مجموعة أشخاص متقاربى التوجه، سواء كان ليبراليا أو رأسماليا، أو توجها يميل إلى العدالة الاجتماعية، وهكذا، ثم أن يكون لديهم تنظيم موجود فى المحافظات، ثم برنامج الحزب.
لا يزال الحديث عن تعديل الدستور يثير جلبة وضجيجا، برأيك، هل يحتاج الدستور إلى تعديل، خاصة بعض المواد مثل نسب التعليم والصحة وإعادة توطين أهالى النوبة وغيرها؟
الرأى عندي: لا يوجد سبب لتعديل الدستور، فلم يتسبب هذا الدستور فى تعطيل الرئيس أو تعطيل الحكومة فى إقرار قانون أو تنفيذ سياسة، رغم أن هناك مواد فى الدستور لم تطبق، فلم نجد ضغطا شعبيا لإجراء هذا التعديل، أو ضغطا سياسيا عنيفا من أجل التعديل.
ولكن هناك مطالبات بالفعل لتعديل مواد كثيرة بالدستور؟
= عندما يتعلق الأمر بمصالح الأوطان لابد من الصراحة، فكل الجلبة والضجيج الدائر حول تعديل الدستور هدفهما تعديل مدة الرئاسة، وغير ذلك ليس الأساس.
وما الذى يمنع تعديل مدة الرئيس إذا كان ذلك مطلبا شعبيا؟
الرأى الواضح عندى فى هذه القضية، هو أن الأشخاص زائلون، والمؤسسات هى القائمة، فى الماضى القريب قام الرئيس السادات بتغيير الدستور ظنا منه أنه سينتفع منه، لكن من استفاد منه كان الرئيس مبارك، أما إذا كنا نحن المصريين نتفق على أن الرئيس السيسى يحتاج إلى فرصة للبناء، فيكون التعديل فى مادة واحدة فقط، تخص الرئيس السيسى فقط، ولا أحد غيره أو بعده، يدور نصها حول «يجوز للرئيس الحالى استثناء من أحكام المادة كذا وكذا أن يترشح مددا رئاسية»، لكن المرفوض حقا هو التعديل على عواهنه، وأن تكون مادة أساسية تسرى على جميع الرؤساء من بعده فهذا هو الخطأ بعينه، ذلك أننا عن حق فى فترة استثنائية، فينبغى أن يكون التعامل استثنائيا أيضا، ولا يجوز أن يكون التعامل مع وضع استثنائى بحل دائم، ذلك أن الدساتير ليست مضغة، هى عنصر استقرار للمجتمع، فليس معقولا أن يكون لدينا دستور تم وضعه عام 2013 فيجرى التعديل عليه بعد ثلاث أو أربع سنوات، هذا انتهاك ومخالفة لأبسط أمور الدستور الذى هو الملاذ الأخير.
قلت من قبل إنه لا يمكن بناء دولة قوية على أنقاض مجتمع ضعيف، ما المطلوب كى يكون لدينا مجتمع قوي؟
مطلوب أولا: تأهيل المواطنين، من خلال نشر التعليم والاستنارة العقلية، فلدينا أكثر من 30% من المصريين أميون، ثم بعد ذلك المطلب الثاني، وهو التمكين والمشاركة، وأهم هذه المشاركة، هى الانتخابات المحلية، فليس مطلوبا من كل مواطن فى كل قرية ونجع أن يتحدث عن السياسة الخارجية، وما يحدث فى سوريا وإيران وغيرهما، هو عنده مشاكله الحياتية وهمومه المحلية يحتاج حلولا لها، لديه مشاكل فى الصرف الصحي، والتكدس فى المدارس ورى الأرض، ثم يأتى بعد ذلك المطلب الثالث من خلال تشجيع الناس على المشاركة، وهنا يأتى دور الجمعيات الأهلية، وينبغى أن يعلم المواطنون بدور هذه الجمعيات، وأن هدفها هو تنمية المجتمع المحلي، وأن من يعمل بالسياسة منها وحقوق الإنسان لا يزيد على 20 أو 30 جمعية، بينما لدينا ما يقرب من 40 ألف جمعية أهدافها كلها تشجيع العمل التنموى والتطوعي، فالمجتمع القوى هو شعور كل مواطن بأنه صاحب هذا الوطن، فنحن لسنا سكانا فى هذا البلد، نحن شعب، فحينما يشعر المواطن بالانتماء لمدرسته وقريته وجمعيته، وحينما يحدث الالتحام بين الفرد والمجتمع، هنا سوف يتقن الفرد عمله، سوف يكون أكثر حرصا على نظافة مجتمعه، فالمجتمع القوى يسند الدولة القوية ذلك أن قوتها ليست بالمؤسسات ولكن بشرعية نظام الحكم، والتفاف الشعب حول سياسات النظام.
إجابتك عن السؤال السابق، تطرح سؤالا مهما وهو المحليات، وأنت تحدثت كثيرا عن تحقيق اللامركزية، واعتبارها حلما، فمتى تتحقق اللامركزية فى مصر، خاصة أن قانون المحليات لم يصدر حتى الآن، وكثير من التقارير تقول إن هناك خلافات بين الحكومة والبرلمان حول هذا القانون؟
مادة اللامركزية فى الدستور، هى نفسها المادة الموجودة فى دستور 71، وما تحقق منها قليل جدا، وينبغى أن نصل إلى نتيجة، فلا تزال العاصمة ترفض التنازل عن اختصاصاتها للمحافظات، السلطة المركزية فى مصر عتيدة وعنيدة، وتشعر بأن الكفاءة تتطلب المركزية، ولم يثبت هذا فى أى دولة من الدول، وعندما نطلع على وثائق الأمم المتحدة، وكل وثائق التنمية المستدامة، نجد أن أحد العناصر الرئيسية للتنمية المستدامة هى اللامركزية، وأن يصبح أبناء القرية هم المسئولين عن قريتهم، وبالطبع فى إطار السياسة العامة للدولة، ففى دستور البرازيل، هناك ما يسمى الموازنة التشاركية، وعندهم ما يسمى الديمقراطية التشاركية، جوهرها مشاركة الناس، فما الذى يمنع أن يتشارك مواطنو محافظة ما فى وضع أولويات المحافظة، قد يختلفون فى البداية، ولكن حتما سيتفقون، ونفس الأمر على مستوى المركز، ثم القرية وهكذا، لأن البديل عن مشاركة الناس هو القرارات الإدارية، التى يتخذها موظف يعتقد أنها فى المصلحة العامة، لكن التاريخ أثبت عكس ذلك، أثبت أن القرارات المركزية ليست دائما فى مصلحة المواطن، ما حدث فى التجمع الخامس مؤخرا يؤكد ذلك، من اتخذ القرار موظفون مركزيون، وهذا الموضوع إذا تُرك للجهات الإدارية المركزية لن يتحقق شيء.
طرحت الدولة منظومة جديدة للتعليم قبل الجامعي، كيف تنظر إلى هذه المنظومة، ولماذا لم تُطرح منظومة للتعليم الجامعي، وماذا يريد المجتمع من التعليم؟
أرى أن المسألة توقيتات، تبدأ بما قبل الجامعى حتى تصل إلى الجامعي، ما قبل الجامعى يوجد له هيكل وطلبة ومناهج وغيرها، والتعليم الجامعى بدأ على كل حال، فاتخذت أولى خطوات التعليم الطبي، وهناك دراسات لتطوير التعليم الهندسي، وهكذا يتم تطوير كل قطاع على حدة.
التعليم هو البوابة الملكية للتنمية والديمقراطية والمشاركة والانتماء، هو آلية أساسية لتربية الوجدان الوطنى والأخلاقي، وتنمية المهارات الحياتية والفنية للناس، فالتعليم الجيد يؤدى إلى مجتمع ناهض ودولة قوية، والتعليم الفاشل يؤدى إلى مجتمع مفكك ودولة هشة، فالعمود الفقرى للدول هو التعليم، فأمريكا منذ 25 سنة أدركت أنها «أمة فى خطر» وبدأت نهضة فى التعليم.
جوهر التطوير يعود إلى أن الثورة التكنولوجية فى العالم غيرت العديد من الثوابت والمفاهيم، منها فهمنا للتعليم وفهمنا لدور المدرسة، فأصبحت تفقد دورها كمصدر فى المعرفة المباشرة، حيث أصبح لهذه المعرفة مصادر أخرى أكثر يسرا، ويمكن الحصول عليها فى أى وقت، فاختلف دور المدرس، واختلف دور المعلم، والكتاب المدرسى يندثر تدريجيا، ويحل محله التابلت، مفهوم الامتحان سيختلف، حيث يقيس قدرات ومهارات الناس، فما أعلن حتى الآن عن هذه المنظومة إيجابى جدا، لكن هذه المنظومة سوف تواجه بمعارضة شديدة عند التنفيذ من أصحاب المصالح، من طبع كتب، كان ينفق عليها بلايين الجنيهات، من أصحاب الدروس الخصوصية، وسوف يعتبرون هذا التطوير خطرا، وسوف ينتهزون أى خطأ فى التنفيذ لتهويله وتخويف المسئولين، وهذا الخطأ وارد فى التجربة بلا شك، فالناس أعداء ما جهلوا، هذا خطر أول، أما الخطر الثانى وهو المهم فهو عدم اليأس، فأى تطوير للتعليم يحتاج على الأقل من 10 إلى 14 سنة، حتى يتخرج الطفل فى الجامعة، ثم تقيّم التجربة، فبحوث التربية كشفت أن أخطر مرحلة فى تعليم الإنسان هى المرحلة الأولى من «كى جى وان» وحتى الابتدائي، هذه المرحلة التى يتم فيها تكوين الاتجاهات الأساسية للأطفال، وأعتقد أن علينا كمجتمع وإعلام أن ندعم هذه المنظومة، فالإنسان هو المادة الخام لأى شيء.
وهل أدى تدهور التعليم إلى أزمة مثقفين، وأزمة ثقافة فى العموم؟
أزمة الثقافة والمثقفين لها جذور أخري، ففى منتصف الستينيات كتب محافظ القاهرة صلاح دسوقى مقالين فى الأهرام عن أزمة المثقفين، وكتب محمد حسنين هيكل كتابا عن أزمة المثقفين، وعن أن الثورة لجأت إلى أهل الثقة وليس أهل الخبرة، فنشأة أزمة المثقفين سببها أن من يعرفون أكثر مبعدون عن اتخاذ القرار، أو عن النصح والإرشاد، والمثقفون شأنهم شأن فئات كثيرة فى المجتمع، منهم الجاد والمحترم، ومنهم المنتهز ومن يأكل على كل الموائد وساروا فى ركاب كل الحكام.
الإرهاب شهد طفرة كبيرة خلال الأعوام الأخيرة بسبب الأوضاع الإقليمية، فما دور مؤسساتنا في القضاء على جذور الإرهاب وحاضناته الثقافية والاقتصادية والسياسية والفقهية؟
لا تستطيع أى دولة فى العالم أن تقضى على الإرهاب، القضية هى حجمه وانتشاره وذيوعه، ومصر نجحت خلال السنوات الثلاث الماضية فى تحجيم الإرهاب من حيث عدد العمليات، والنطاق الجغرافى للعمليات ونوعية هذه العمليات، وأنه لا يمكن مواجهة الإرهاب أمنيا فقط، ما أنا متأكد منه أن الجانب الأمنى يقوم بدوره كاملا، ولكن ما لست متأكدا منه هو دور الهيئات الأخرى فى مواجهة الإرهاب، لست متأكدا أن الهيئات الدينية والمؤسسات التعليمية والأحزاب السياسية تقوم بدورها فى مواجهة هذه القضية، وهذه الهيئات بصراحة لديّ علامة استفهام كبيرة حول دورها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.