بعد تشغيل حقل ظهر العملاق للبترول بالبحر المتوسط وكذلك أكبر موقع عالمي للطاقة الشمسية بمنطقة بنبان بأسوان، بدأت مصر مشروعا قوميا جديدا بإقامة مصنع على مساحة 80 فدانا بمنطقة البرلس بكفر الشيخ، لاستخراج 41 عنصرا معدنيا من الرمال السوداء التى تنتشر بالساحل الشمالى من رشيد وحتى رفح فى أقصى الشرق بطول 400 كيلو متر، فى 11 موقعا رئيسيا، لتفتح مجالات كثيرة لمصر فى صناعة الطائرات والمفاعلات النووية، وتنمية مختلف الصناعات الحيوية، وبمعدلات إنتاج تتخطى مبدئيا قيمتها 3 مليارات جنيه سنويا، حيث يبلغ الاحتياطى التقديرى من تلك الرمال بطول السواحل نحو 300 مليون طن، لتفتح مجالات للإنتاج وتوفير 20 ألف فرصة عمل للشباب. نقلة نوعية بداية يؤكد اللواء أشرف سلطان مستشار الشركة المصرية للرمال السوداء أن المشروع يعتبر نقلة نوعية واستثمارية فى الاقتصاد المصرى ومع وضع البنية الأساسية له بدأ العمل مؤخرا فى إقامة مصنع لاستغلال الرمال السوداء بمنطقة البرلس بكفر الشيخ باستثمارات مبدئية مشتركة بين جهاز مشروعات الخدمة الوطنية وهيئة المواد النووية ومحافظة كفر الشيخ تبلغ مليار جنيه، وهو أكبر مصنع على مستوى الشرق الأوسط من حيث التصنيع والاستثمارات، للاستفادة من عناصر الرمال السوداء التى تتواجد بوفرة فى هذه المنطقة، حيث يجرى فصلها من خلال المصنع، ومن المقرر أن يبدأ الإنتاج الفعلى بالمنطقة بحلول عام 2020 حيث يتيح فرص عمل لنحو 20 ألف شاب معظمهم من أبناء المنطقة المحيطة، كما يتوقع أن تصل قيمة الناتج السنوى أكثر من 3 مليارات جنيه مع التطوير..و استغلال الرمال السوداء بسواحل مصر يتيح الاستفادة من 41 معدنا استراتيجيا واقتصاديا منها مثل المونازينت واليورانيوم المشع والزريكون ومعادن أخرى كثيرة تستوعبها 41 صناعة نوعية، وهى معادن تدخل في صناعات كثيرة ومهمة منها : صناعة الصواريخ والطائرات، وهياكل السيارات والسيراميك والبويات، ومواد الإشعاع النووي، ومواد التجميل، بالإضافة إلى المواد الخام التى تستخدم فى الصناعات الحديثة. المشاركون فى المشروع وأضاف أن المشاركين فى المشروع هم جهاز مشروعات الخدمة الوطنية وهيئة المواد النووية محافظة كفر الشيخ وبنك الاستثمار القومى والشركة المصرية للثروات التعدينية بمشاركة وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة وهيئة المواد النووية وحصلت على موافقات من الهيئة العامة للتنمية السياحية، والهيئة العامة للتخطيط العمراني، والهيئة العامة للتنمية الصناعية، واللجنة العليا لحماية الشواطئ، وجهاز شئون البيئة، وانتهى استلام أعمال الرفع المساحى لأرض المشروع بمنطقة كثبان البرلس فى غرب مصرف الغربية بطول 18 كيلومترا بمساحة إجمالية حوالى تبلغ 2400 فدان، وجار استلام أعمال الرفع المساحى من مديرية المساحة بكفر الشيخ لاتخاذ الإجراءات اللازمة. وأوضح أن أهداف المشروع تتمثل فى نقل تكنولوجيا تعدين الرمال السوداء، وتطبيق معايير الجودة فى مجال استغلالها وتكوين وتدريب كوادر فنية متخصصة فى مجال تعدين وفصل مكونات ركاز المعادن المستخلصة منها والدخول فى مجال الصناعات التعدينية ، وزيادة مصادر الدخل من العملة الأجنبية، وتوفير متطلبات السوق المحلية من المعادن المنتجة، وتصدير المعادن الثقيلة وبيعها فى الأسواق منها الزركون والإلمنيت والروتايل والقصدير والمونازيت والتانتالوم ونيوبيوم والتنجستين . خطورة استخدامها كمواد البناء ويوضح الدكتور عبد الله علام، عميد كلية الآداب بجامعة كفر الشيخ وأستاذ الجيولوجيا ، أن مشروع الرملة السوداء مشروع قومى مهم مثل مشروعات قناة السويس، فالرمال السوداء عبارة عن ترسيبات جاءت مع فيضانات وتدافع ماء نهر النيل نحو البحر المتوسط شمالا من أثيوبيا والجبال التى تمر عليها، لذلك فهى تتركز عند مصبى نهر النيل بفرعى دمياط ورشيد مكونة من معادن ثقيلة، وهى مفيدة أيضا فى حماية الدلتا من خطر الأمواج، إلا أن المشكلة تكمن فى أن بعض الأهالى الذين يسكنون فى مواقعها يستخدمونها فى مواد البناء برغم أن بها مواد مشعة خطيرة تسبب لهم الإصابة بأمراض السرطان خلال عشر سنوات. الثروة الذهبية
ويعد هذا المشروع ثروة ذهبية تضاف أيضا لأبناء محافظة كفر الشيخ، لأنها تستوعب البطالة بها، بعد افتتاح أكبر مزرعة سمكية فى غليون. والرمال السوداء تتمتع بقيمة اقتصادية عالية ومبشرة لاحتوائها على معادن نادرة كالذهب، والكاسيتريت الالمنيت، وتستخدم فى إنتاج معدن التيتانيوم لصناعة هياكل الطائرات، والصواريخ المقاومة للعوامل المناخية والأرضية.. كما يستخدم الزركون فى صناعة السيراميك المزجج عالى القيمة وهو ضرورى أيضا لامتصاص النيترونات فى المفاعلات النووية لمنع أخطار التعرض لها، وهو غنى أيضا بمعدن الثوريا الذى يستخدم فى المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة. كنز ومنجم ويضيف الدكتور أسامة حسين شعبان - أستاذ الجغرافيا الطبيعية بجامعه المنيا والخبير بالهيئة العامة للتخطيط العمرانى - أن الرمال السوداء كنز ومنجم ذهب حقيقى بكل إمكاناته من المعادن الخطيرة، وهى مكونة من المعادن الثقيلة التى يزيد تركيزها علي 3.5 %، ولأنها ثقيلة ولها تركيب كيميائى ثابت لا تتأثر بعوامل الجو والبيئة، وشدة صلابتها تجعلها مقاومة للتعرية الفيزيائية. وقد تكونت نتيجة التفتت لعوامل كثيرة ومع تحركها مع مياه النيل ترسبت بالشواطئ الشمالية، وبها عدد من الأحجار الكريمة، أما أهم المعادن الثقيلة الموجودة فى هذه الرواسب هى : الذهب والبلاتين والمونازيت وهو من المعادن المشعة، والزركون والكاسترايت, مما يساعد على استحداث صناعات جديدة لاستخدامها فيها، لتحقيق أكبر قيمة مضافة فى الوقت الذى أكد فيه الخبراء أن فصل هذه المعادن واستخلاصها من الرمال يتم بطريقة سهلة جدا اعتمادا على الفصل المغناطيسى فتنجذب المعادن فى محيط الجهاز، بينما تترسب المكونات الأخرى فنحصل على معادن ذات نقاوة عالية للغاية. الزحف العمراني واضاف شعبان: إن هذا المشروع جاء فى وقت متأخر للأسف - بعد محاولات كثيرة - لإنقاذ هذه الثروة المعدنية المهددة بالزحف العمراني، مما يزيد من إهدارها. وأن المشكلة الآن فى طريقة تعامل المواطنين الخاطئ مع الرمال لعدم الوعي الكافى خاصة في مناطق تركزها مما يعرقل الاستغلال الأمثل لها فنجد أن أهم مميزات الرمال السوداء هى إمكانية توظيف استخدامها فى المجالات الطبية، كما تحتوى الرمال على مادة أكسيد الحديد ويمكن استغلالها فى صناعة الحديد، والبويات، وبطانات البويات فإن كل مادة ومعدن مستخلص له أهميته الاقتصادية للنهوض ودعم الصناعات الحالية وفى نفس الوقت تعتبر مواد خام لكثير من الصناعات، بما يسهم فى إقامة استثمارات صناعية متعددة جديدة ومتميزة ولها قيمة اقتصادية عالية.