فى كوارث إنسانية مفجعة وحوادث مؤسفة تخطت هدفها وضلت طريقها باتت هستيريا الرصاص الطائش التى تخرج من فوهة مسدس لأغراض بعينها تنسج معها ذكريات موجعة وقصائد ألم تقشعر لها الأبدان لا تتطلب أرقاما صادمة لندرك هول المأساة التى أصبحت جزءا أصيلا من حياتنا وظاهرة خطيرة تلاحقنا ليل نهار بفعل فوضى استخدام السلاح. الذى يخترق رءوس أبرياء يسقطون فى ساحات منازلهم أو فى الدروب أو فى مركباتهم .. حكايات مؤلمة ومآس كثيرة تنزف لها القلوب ومواجع تحكى قصص أطفال يتموا ففقدوا أحد الوالدين ونساء رملت وفجعت بفقد شريك حياتها ووالد أطفالها وآباء مكلومين وأمهات ثكالى فقدن فلذة أكبادهن يقف لهم جميعا ملك الموت ليكتب الفصل الأخير فى حياتهم دون مقدمات وبصورة مفاجئة فى حوادث بشعة. يمتزج فيها الرصاص مع أصوات الأهازيج الشعبية فى الأفراح، فرصاص الفرح هو نفسه رصاص القتل الذى يصيب ضحاياه ويسلبهم الحياة ليتحول الفرح إلى ترح وفى حالات أخرى يصيب تبادل إطلاق النار العشوائى بين مجموعات جنائية فى معارك مسلحة ضحايا آخرين كانوا يجلسون بعيدا عن أماكن إطلاق النار لتسقط عيارات الغدر القاتلة وتحصد أرواحهم الآمنة دون أن تتوقف هذه الظاهرة الخطيرة, كما حدث أخيرا مع هذه «المعلمة» التى كانت تعمل من أجل تحقيق أحلام أسرتها وكان لديها الحاضر الزاهر والمستقبل الواعد بعد أن انجبت طبيبين. فقد قادها حظها العثر قبل أيام إلى الجلوس داخل توك توك إلى جانب نجلها فى طريق عودتها إلى منزلها عندما سقطت فجأة داخل التوك توك مغشيا عليها دون حراك بعد ان كانت تلهو مع طفلها وهما يستقلان «توك توك»، ولكن الأم لا تعلم ما يخبئه لها القدر الذى رسم لها واقعا مريرا فى رحلتها الأخيرة إلى العالم الآخر. ولم تكن تدرك الأم البريئة ان رصاصة موت طائشة أطلقها أحد الأشخاص فى مشاجرة من سلاحه ستخترق مقدمة التوك توك وتحطم رأسها وتودى بحياتها فى أثناء عودتها برفقة نجلها بعد ان أطلق أحد الشباب طلقة من الخرطوش وفى لحظة حزينة وفاصلة هشمت رأس المسكينة وطال نزيف دمائها المتدفق نجلها والسائق وتوزع اثر الدماء على مقاعد وباب المركبة الصغيرة لتكتوى أسرتها بنيران فراقها للأبد وتسرق عقود فرحتهم لتنفرط آبار الشجن بعد ان تحول التوك توك إلى مقبرة قضت فيها نحبها اثر طلقة عشوائية مجنونة تعلن وفاتها ولتجعل من يوم ميلادها ذكرى مؤلمة. إنها احدى رصاصات الخطأ التى انطلقت صوب هذه البريئة لتفجر رأسها فى الحال لتتحول الرحلة إلى محنة ويستقر الحزن فى منزلها. ولم يبق للأسرة سوى ذكرى أليمة بعد أن نزل الخبر على الزوج والأبناء كالصاعقة وبخطوات مسرعة يهرعون إلى مكان الحادث وصرخاتهم تكاد تهز أرجاء المنطقة ليقفوا مشدوهين من هول الموقف وسط مئات الأسئلة تسبقها الدموع وحزن يهز النفوس عما يعانيه أهل الضحية اليانعة البريئة وسط صدمة صاعقة غير مصدقين أنهم فقدوا أغلى وأعز الناس. وقد تم اخطار اللواء جمال عبد البارى مساعد وزير الداخلية لقطاع الامن العام بالواقعة. وتقدم الزوج إلى المقدم اسلام قطب رئيس مباحث الدلنجات وأمر اللواء محمد أنور هندى مدير الإدارة العامة لمباحث البحيرة بتشكيل فريق بحث للقبض على الجانى. «قضاء الله وقدره « بهذه العبارة بدأ الزوج الموجه بالازهر حديثه عن الفاجعة الأليمة قال بعد ان عجز عن اخفاء دموعه وهو يستذكر ما جرى فى هذا المساء المشئوم قائلا : هاتفى المحمول دق وتسارعت دقات قلبى مع علو صوت الهاتف أخبرونى أن زوجتى وأم أولادى استهدفتها رصاصة طائشة وتوفيت فى الحال وأخذت قلبى معها ولن يصدق انه سيحرم منها للأبد ولن يراها ثانية لأنها كانت بمثابة كل شيء للأسرة. هذا هو مشهد جديد من دفتر أحوال حوادث صناعة الموت الملئ بالغرائب والعجائب وفى مشهد من مشاهد الفوضى والعشوائية لتنامى ظاهرة انتشار الأسلحة والذخائر التى ضربت حياتنا واغتالت العديد من الأبرياء دون ذنب اقترفوه وكأن هناك حروب غير معلنة فى كل مكان فلا يكاد يمر أسبوع إلا وينهش الرصاص الشارد فى أجساد بنى هذا الوطن الجريح ليسرق أحلامنا ويخلف لنا حسرة ودمارا ورغم وحشية هذا الشبح الذى يطارد الجميع ويؤرقهم فى حياتهم اليومية فإن المسئولين مازالوا لا يدركون ان هذه الظاهرة اللعينة أصبحت كابوسا مزعجا وسيفا مصلتا على حياة شرائح واسعة من الضحايا الذين سكن قلوبهم الرعب الكامن.