كثير من الكتاب فى مصر يبذلون جهودا مضنية، حتى يتثنى لهم نشر كتاباتهم فى دور نشر عامة أوخاصة، وإذا سألت أيا منهم هل تتمنى أن يترجم كتابك للإنجليزية واللغات الأخرى فإنه يضحك لأنه حلم بعيد المنال عنه، فلا توجد جهة ترجمة تسعى للاهتمام بترجمة كتابه، ولا هو يملك المقدرة المالية التى تمكنه من إنفاق المزيد من المال لتغطية تكاليف الترجمة، ثم تكاليف نشر الكتاب المترجم، هذه مأساة كتابنا مع الترجمة والنشر. قد يسأل أحدنا ولماذا نترجم كتبنا العربية؟ سبق أن تواجدت ككاتبة عربية فى محافل أدبية فى الغرب، وكنت أتحدث إليهم وأخبرهم عن كتاباتى فى أدب الرحلة والقصة القصيرة، ولم يكن معى وقتها سوى كتاب وحيد عن مصر مشترك ومترجم للأنجليزية.. وشعرت حينئذ بأننى بحاجة شديدة إلى ترجمة بعض من كتبى لأتمكن من المشاركة بشكل أكثر فعالية فى هذه المحافل، وبالفعل، بحثت عن مترجم ثم بحثت عن ناشر للترجمة، فلم أجد من يرحب بالنشر لكاتب عربى خارج وطنه إلا النشر الذاتى من خلال شركة أمريكية، أتاحت لى نشر ثلاث كتب مترجمة لي، إلكترونيا وورقيا، ومكنى ذلك من المشاركة فى بعض مؤتمرات دولية وندوات، إلا أننى وغيرى من الكتاب لانزال بحاجة إلى حركة ترجمة وطنية قوية تدفع بكتاباتنا إلى المحافل الدولية بخطى ثابتة وعلى نطاق أوسع. أن يتشابه العالم العربى والصين فى مميزات الدولة العظمي، معدلات الإنتاج الكبيرة ومجالات الصناعات الواسعة التى تنافس أكبر دول العالم فهذا لا شك سيكون شيئا عظيما وعلامة على الطريق الصحيح للتقدم المنشود. وإنما عندما يتنافسان فى أنهما يمثلان أقل معدلات الترجمة فى العالم ، فهذا أمر لا يثير إلا الحزن على حال الترجمة فى عالمنا العربي. إذا علمت أن معدلات الترجمة العالمية ترصد أن نسبة 41% من الترجمة تتم من اللغة الإنجليزية إلى غيرها من لغات العالم، وأنها تتربع على عرش الترجمة، وعلى النقيض من ذلك نجد أن العالم العربى والصين يقتسمان نسبة أقل من 1% من نسبة الترجمة من اللغة العربية والصينية للغات الأخري. لست بحاجة للقول بأهمية الترجمة فى عالمنا الصغير الذى يتواصل الآن بسهولة أكبر مما سبق من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ولا للقول بأن عمليات الترجمة التى جرت فى القرون الوسطى لمؤلفات كبار العلماء والمفكرين العرب كانت سببا رئيسيا فى تفاعل الحضارات وتقدم كثير من دول الغرب. كشف حجر رشيد مثلا كان من الممكن ألا يكون له أية قيمة دون الترجمة التى كانت مكتوبة عليه من اللغة الهيروغليفية للغة اللاتينية القديمة التى كان يجيدها الفراعنة وأيضا العالم الفرنسى شامبليون الذى فك رموز لغة المصرى القديم ففتح بذلك كشوفات عظيمة من صفحات التاريخ المصري. إذا سألت مسئولا فى مجال الترجمة عن واقع الترجمة فى مصر، سيؤكد لك أننا نترجم أمهات الكتب العالمية ومازلنا نترجم من الغرب إلى العربية وليس العكس، لماذا؟ هل يعتقد البعض أن مؤلفاتنا العربية فى مجالات العلوم والفنون والأداب والتاريخ دون المستوى كى يهتم المعنيون بالأمر بترجمتها؟ متى يكون هناك هيئات معنية بترجمة أدابنا وعلومنا بثقة وفخر فى أنها تنافس أفضل مستويات كتب الغرب؟. متى نتبنى آدابنا ونسعى للترويج لها عالميا ونسعى لجذب الناشرين الدوليين لها من كل مكان لترجمة ونشر أعمالنا العربية كما تفعل كثير من دول العالم مع كتابها من مختلف الأجيال؟ لمزيد من مقالات سلوى الحمامصى