تميزت مصر قديما بكثير من الخيرات من مأكل وملبس دون غيرها ويقول الدكتور علوي خليل استاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الازهر: فمن ذلك: القصب الملون والشرب مما يبلس الرجال والنساء والدبيقي والمقصور, وان الثوب منه يبلغ مائة دينار, واختصاص تنيس بفن دون دمياط, وان القصب والشرب لا يعملان إلا بدمياط, وان الملون من كل فن الألوان لا يعمل إلا بتنيس, والقموني من كل لون وكل نقش والمناشف. ومنها طراز الصعيد من الصوف في المطارف والشقاق, وأنها أوفي الصوف, فانه معاوية لم يدفئه لما علت سنه الا صوف مصر. ومن ذلك طراز الصعيد في عمل الستور, والمقاطع, والخيم, وفرش الطنافس, والمياتر, والآجلة, والبراقع. ومن ذلك اختصاصها بالقراطيس, وبمصر نتاج الخيل والبغال والحمير, يفوق نتائج سائر الدنيا, وليس في الدنيا فرس يشبه العتيق الا فرس مصر. ولا يعرف في الدنيا فرس يردف الا فرس مصر, بسبب ارتفاع صدره وكانت الخلفاء, ومن تقدمهم, يؤثرون ركوب خيل مصر فإنها تجمع فراهة العتيق مع اللحم والشحم. ومن خصائص مصر القمح اليوسفي, وزيت الفجل الحلو والحار, يدخل في الإدام والعلاجات وبها الأبنوس الأبلق, وبمصر دهن البلسان هو لا ينبت إلا بمصر والخوخ الزهري الأحمر, وليس هو في الدنيا. وبمصر السمك الابرميس, يحمل إلي الأفاق مملوحا وبمصر البسر البرني الأحمر وليس هو في الدنيا. وليس في الدنيا نهر تجري فيه السفن أكثر من نيل مصر, ويحمل المركب الواحد ما يحمله خمسمائة بعير وأكثر. وقال بعض الحكماء: عوفيت مصر من مشاتي الجبال, ومصايف عمان, وغلاء العراق, وصواعق تهامه, ودماميل الجزيرة, وجرب اليمن, وطواعين الشام, وطخال البحرين, وحمي خيبر, وزلزال شيراز, وعقارب تصيبين وعسكر مكرم. وفضلت العلماء مصر علي البصرة لعذوبة نيل مصر وشدة حلاوته, وانه يجري علي رمل وطين حر, واختلاط ماء البصرة بالملح.