كتبت:أميمة رشوان عن المدن المصرية قديما ومايميز كل منها يقول الدكتور علوي أمين خليل أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون: كل مدينة بمصر فإنما هي مسماه باسم ملك جعلها له أو لولده أو زوجته ما ينتفع به الناس وتدخره الملوك. فمنها: تنيس وبها بباب الكتان الدبيقي والمقصور والشفاف والأردية وأصناف المناديل والمناشف الفاخرة للأبدان والأرجل, والمخاد, والفرش القلموني المعلم والمطرز. ويبلغ ثمن الثوب المقصور منه مائة دينار فما فوقها, ولا يعلم في بلد ثوب يبلغ مائتي دينار فما فوقها, وليس فيه ذهب الا بمصر وبها ثياب النساء من الأصناف من المعلمات ما ليس في بلد, ومنها لغمر الدنيا, وليس في الدنيا ملك جاهلي ولا إسلامي يلبس خواصه وحرمه غير ثياب مصر. ومنها: دمياط, يعمل فيها القصب البلخي من كل فن, والشرب لا تشارك تنيس في شيء من عملها, وبينهما مسيرة نصف يوم, ويبلغ الثوب الأبيض بدمياط, وليس فيه ذهب, ثلاثمائة دينار, ولا يعمل بدمياط مصبوغ ولا يعمل بتنيس ابيض, وهما حاضرتا البحر, وبهما من صيد البر والبحر من الطير والحيتان ما ليس في بلدي. ومنها: الفرما بها البسر الفرماوي والرطب والتمر, إذا فرغت ارطاب الدنيا, وبسرها هو, فلم يبرح اكثر الشتاء حتي يجتمع مع الرطب الجديد, ليس هذا بالحجاز ولا اليمن ولا البصرة, وربما وزنت البسرة منه فكانت عشرين درهما, ولا يعرف بسر في خلقته ومنها العريش وسميت كذلك لأن أخوة يوسف عليه السلام لما أقحط الشام ساروا إلي مصر يمتارون, وكان ليوسف عليه السلام أحراس علي أطراف مصر من جميع جوانبها, فمسكوا بالعريش, وكتب الحرس بالعريش إلي يوسف يقول له: أن أولاد يعقوب الكنعاني قد وردوا يريدون البلد للقحط الذي نزل بهم فأبي أن يأذن لهم, وعملوا لهم عريشا يظلون به من الشمس فسمي الموضع العريش, فكتب يوسف إلي عامله يأذن لهم في الدخول إلي مصر وكان ما قصه الله تعالي في كتابه العزيز. ومنها: مدينة المحلة وبنا وبوصير وسمنود, وما فيها من الكتان الذي يحمل الي بلاد الإسلام وبلاد الكفر وأقاصي الدنيا وبها الاترج الجافي, وبها الإوز الذي ليس في خلقته ولا وزنه( مثيل له) يكون وزن الطير الواحد رطلا. ومنها: دقهلة ومدينتها التي يعمل فيها القرطاس الطومار الذي يحمل منه إلي أقاصي بلاد الإسلام, وما في أعمال أسفل الأرض بمصر كوره إلا وتختص بنوع دون الأخر وسائر فواكه الشام في كور أسفل الأرض. ومنها: إسكندرية وعجائبها, ومنارتها طولها مائتا ذراع وثمانون ذراعا وفيها المرآة التي يري فيها كل من يمر بالقسطنطينية. وبها الملعب الذي كانوا يجتمعون فيه, لا يري احد منهم شيئا دون صاحبه وليس لأحد سر دون صاحبه من نظر او سماع, البعيد والقريب فيه سواء.