"الري" تكشف كيفية مواجهة التصرفات غير المنضبطة للسد الإثيوبي    وزيرة التخطيط تبحث مع نائب رئيس البنك الآسيوى للاستثمار تطوير العلاقات    محافظ كفر الشيخ يستمع لطلبات أهالى سيدى سالم.. ويؤكد: المواطن شريك في التنمية    وزير الحرب الأمريكى: تشكيل قوة مشتركة جديدة لسحق عصابات المخدرات فى الكاريبى    زيلينسكى: ما حققه ترامب فى الشرق الأوسط يثبت قدرته على وقف الحرب الروسية    منتخب إنجلترا يعلن إصابة كوانساه قبل مواجهة لاتفيا بتصفيات المونديال    محمود صبرى يحرز برونزية المجموع فى بطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبية    بن شرقي يحصد جائزة أفضل هدف في الجولة العاشرة من الدوري المصري    القسم الثالث .. إعادة مباراة دمياط وبورتو السويس    تأجيل دعوى إلزام "المطابع الأميرية" بنشر تعديلات قانون الإجراءات الجنائية ل17 يناير    بتهمة خطف طفل وهتك عرضه,, السجن المؤبد لعامل بقنا    قيل بيعها في السوق السوداء.. ضبط مواد بترولية داخل محل بقالة في قنا    ختام مهرجان "جيلنا" باسم الفنان لطفي لبيب.. تتويج "قاهرة" لأحمد علاء إسماعيل بجائزة أفضل فيلم قصير    اليوم، عرض أولى حلقات مسلسل اللايت كوميدي "لينك"    مدبولى يتفقد مشروع مستشفى طوخ المركزى.. ويؤكد: جاهز للافتتاح نوفمبر المقبل    معهد فلسطين لأبحاث الأمن: اتفاق شرم الشيخ يعكس انتصار الدبلوماسية العربية    غدًا.. محاكمة 60 معلمًا بمدرسة صلاح الدين الإعدادية في قليوب بتهم فساد    القنوات الناقلة لمباراة الإمارات وعُمان مباشر اليوم في ملحق آسيا لتصفيات كأس العالم    سكالوني يكشف سبب غياب ميسي عن ودية فنزويلا وموقفه من المباراة المقبلة    تقديم 64 مرشحًا بأسيوط بأوراق ترشحهم في انتخابات النواب    «الري»: التعاون مع الصين فى 10 مجالات لإدارة المياه (تفاصيل)    موسكو: بوتين يرى أن تعزيز العلاقات مع كوريا الشمالية أمر بالغ الأهمية    الجو هيقلب.. بيان عاجل من الأرصاد الجوية يحذر من طقس الأيام المقبلة    الداخلية تكشف تفاصيل ضبط سائق يسير عكس الاتجاه بالتجمع الخامس ويعرض حياة المواطنين للخطر    إحالة أوراق المتهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة في المنيا إلى المفتي    الداخلية تكشف حقيقة سرقة شقة بالدقي    منظمة العمل العربية تطالب سلطات الاحتلال بتعويض عمال وشعب فلسطين عن الأضرار التي سببتها اعتداءاتها الوحشية    «المشاط» تبحث مع المفوضية الأوروبية جهود تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون CBAM    تفاصيل لقاء السيسي بالمدير العام لليونسكو (صور)    أحمد مجدي: مهرجان الفيوم السينمائي يتطلع ليصبح منصة عالمية للسينما والتنمية المستدامة    إيهاب فهمي: "اتنين قهوة" يُعرض في ديسمبر | خاص    اكتشاف قلعة عسكرية جديدة من عصر الدولة الحديثة بسيناء    في 3 أيام.. إيرادات فيلم هيبتا 2 تقترب من 11 مليون جنيه    المدير التنفيذي للهلال الأحمر ل«الشروق»: خطة إنذار مبكر ورفع جاهزية الفروع استعدادا لفصل الشتاء    رئيس جامعة السويس: إدراج الجامعات المصرية في تصنيف التايمز العالمي يعكس تطور التعليم    منها تنظيم السكر وتقليل التوتر.. 7 فوائد صحية لبذور اليقطين    إنفلونزا المعدة.. تعرف على الأعراض وطرق الوقاية من العدوى    «المشاط» تبحث مع المفوض الأوروبى للبيئة جهود تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون    رئيس الوزراء يتفقد مصنع "تي آند سي" للملابس الجاهزة بالقليوبية.. ويوجه بدعم التوسع في الإنتاج والتصدير    عاجل- الدفاع المدني في غزة: 9500 مواطن ما زالوا في عداد المفقودين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    في اليوم العالمي للفتاة.. التعليم العالي: نحو 2 مليون طالبة في الجامعات والمعاهد العليا    الرباعة سارة سمير بعد التتويج بثلاث فضيات ببطولة العالم: دايمًا فخورة إني بمثل مصر    العرفاوي: لا ندافع فقط في غزل المحلة.. ونلعب كل مباراة من أجل الفوز    حان وقت تغيير ساعتك.. كيف تواجه تحديات التوقيت الشتوي؟    «التضامن» تبحث مع مدير مشروع تكافؤ الفرص «EOSD» بالوكالة الألمانية دعم مشروعات الحماية الاجتماعية    انتخابات النواب: رقمنة كاملة لبيانات المرشحين وبث مباشر لمتابعة تلقى الأوراق    الأزهر للفتوى: حرق قش الأرز حرام لما فيه من إفساد في الأرض وإضرار بالنفس والبيئة    الرعاية الصحية: تعزيز منظومة الأمان الدوائي ركيزة أساسية للارتقاء بالجودة    وكيل وزارة الزراعة بالقليوبية يتفقد عددا من أماكن تجميع قش الأرز    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع التطوير العمراني لعواصم المحافظات    منها «القتل والخطف وحيازة مخدرات».. بدء جلسة محاكمة 15 متهما في قضايا جنائية بالمنيا    أكسيوس عن مسؤول أميركي: نتنياهو لن يحضر القمة التي سيعقدها ترامب بمصر    أسعار اللحوم اليوم السبت في شمال سيناء    تعرف على فضل صلاة الفجر حاضر    «رغم زمالكاويتي».. الغندور يتغنى بمدرب الأهلي الجديد بعد الإطاحة بالنحاس    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المخزنجى.. صياد المعانى (1)
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 03 - 2018

خرج علينا الدكتور محمد المخزنجى فى أول هذا العام بعدة كتب مختلفة أنواعها صدرت جميعاً عن دار الشروق؛ قرأت منها اثنين, أحدهما مجموعة قصصية بعنوان «صياد النسيم», أما الكتاب الثانى فيضم نصين: رواية قصيرة جداً بعنوان «بيانو فاطمة», والنص الآخر ضرب من الأدب الصحفى الساخر يتراوح بين المقالة وبين الأمثولة من أدب الحيوان الرمزى, ككليلة ودمنة وخرافات إيسوب, المطعم بما درج عليه المخزنجى فى السنوات الأخيرة من قراءة أديب مندهش لحقائق العلم فيما يخص السلوك الحيوانى. كل هذا نجده مضفراً مع بعض ذكريات الطفولة, ليمتزج أدب السيرة الذاتية بالهجاء السياسى والاجتماعى الساخر بقصص الحيوان بآخر اكتشافات العلم من دراما شديدة الإنسانية فى سلوك المخلوقات البليغة الخرساء التى تنطق عنها عين طفل ترتدى نظارة عالم خبير مدقق. النص يحمل عنوان «البحث عن حيوان رمزى جديد للبلاد», ويستعرض بعض المخلوقات التى عادة ما ارتبطت بمصر ودول أخري, كالنسر والأسد والجاموسة, فيعرض الأسباب المستمدة من العلم أو التاريخ التى ترشح هذا الحيوان أو ذاك ليكون رمزاً قومياً, ثم يفند هذه الأسباب والأسانيد التى قد تؤيدها, ليستقر فى النهاية على مخلوق وديع وصبور, حنون وحمّال أسيّة هو الحمار, الذى تقول كتب العلم إن المصريين القدماء هم أول من استأنسوه ودجّنوه. ثم ينتقل المخزنجى من التاريخ إلى الأدب, المصرى والعالمى, والتراث الشعبى, من حمار جحا لحمار الحكيم لحمار سانكو بانزا التابع الأمى المصدق لحماقات سيده دون كيشوت, وغير ذلك من أعمال أدبية وحكايات فلكلورية, ثم إلى تجربته المباشرة ومرئيات الطفولة التى غرست فى وجدانه مقدار ما تتمتع به عملية التزاوج بين الكائنات من فرحة بكر بريئة ومبرأة من البذاءة والفجاجة. ثم يحكى لنا عن الحمار البرى من واقع قراءاته العلمية, وكيف أنه زوج وعشير مخلص وفيّ يكوّن مع أتانه (الأتان: أنثى الحمار) أسرة متماسكة تتعلق بالأبناء ولا تتخلى عنهم, ويقارنه بالأسد وأنثاه التى هى فى الإخلاص للزوج والأبناء عكس الأتان تماماً. ثم يغوص بنا المخزنجى فى اللغة, وما يمثله «الحمار» واشتقاقات كلمة «حمار» فى عاميتنا من معانٍ, رابطاً بين البلاغة العامية وما تحمله من حكمة شعبية, وبين تاريخنا وتاريخ الإنسانية السياسي؛ بين الاستعمار و«الاستحمار» على سبيل المثال. ويختم المخزنجى نصه بتفريق علمى بين الحيوان البرى المروّض, كأسود السيرك, وبين الحيوانات «المدجنة» التى استأنسها الإنسان ومنها الحمار: ذلك أن الأخيرة تتوالد فى الأسر وتخلق ذرية أسيرة مثلها, أما الكائن البرى «المروض» فلا يتزاوج ولا يتوالد وهو فى أسر الإنسان, بل يخضع مضطراً, وقد يتحين الفرصة ليثب على مروّضه كما يحدث أحياناً فى السيرك.
لم يذكر المخزنجى تاريخ كتابة هذا النص؛ لكن ما يحفل به من إشارات تحصر فترة كتابته بين مطلع هذا القرن ونهاية عقده الأول, ويعكس حالة الزخم والفوران الاجتماعى المتصاعد فى ذلك العقد. إن ذلك «البحث عن حيوان رمزى جديد للبلاد» يوازيه على الصعيد الإبداعى سعى حثيث نحو شكل فنى ونوع أدبى جديد تولده شخصية المخزنجى الغنية الحافلة بالمعرفة العلمية الرصينة وبدهشة الفنان الطفلية فى رحاب الحقائق التى تكشفها المعرفة لذلك العالم, ثم الحيرة الإبداعية التى يجد الكاتب المبدع نفسه فيها حين تُطلب منه كتابة صحفية منتظمة. كل هذا فجّر فى نفس المخزنجى ونصّه هذا المزيج البكر, وتلك الجرأة, بل الجسارة, على اقتحام وإقحام أنواع وأشكال شتّى شكلت فى النهاية نصاً أراه رائداً, ومتهوراً فى اندفاعه الإبداعى تهوراً حميداً بروح طليعية تدعو للإعجاب.. أما «بيانو فاطمة» و«صياد النسيم» فحكايات أخرى نسردها فيما بعد إن أحيانا المولى.
لمزيد من مقالات بهاء جاهين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.