كان شائعا قديما ومازال، امتلاء الحكى الشعبى بالخرافات والخزعبلات. وحين نغوص فى ثناياه نكتشف خلجات الشعوب النفسية واهتماماتهم الروحية. الأدب الشعبى غنى بالمغزى والرموز التى تكشف عن تجارب الفرد الشعبى مع نفسه ومع الكون كله.والأدب الذاتى يختلف فى شكله وتعبيره عن الأدب الشعبى، فالإنسان الذى يحرص على تدوين اسمه فى تاريخ الأدب، يتحتم عليه أن يكون أدبه مجليا لذاتيته وروح عصره فإن فشل لا يعيش عبر الأجيال. وهناك مظاهر أخرى تفرض نفسها فى شكل تعبير أدبى. والنشاط اللا شعورى الجمعى كبير للغاية وتصدر عنه الأفعال والتعبيرات الواعية التى لا يمكن إدراك مغزاها إلا إذا بحثنا عن جذورها النفسية. مثل الطقوس والسحر وميلاد الطفل البطل وكثير من الخيالات والحكايات الخرافية كل هذا لا يحتاج إلى شرح فلكلورى فحسب إنما يحتاج لكشف عن جذوره التى نبع منها. والأسطورة الكونية وأساطير الأخيار والأشرار والحكاية الخرافية والحكاية الشعبية واللغز والمثل الشعبى والنكتة كلها أنواع أدبية شعبية لكنها تختلف عن بعضها البعض الآخر اختلافا جوهريا وإن كانت الشعبية تجمع بينهما. ونحاول دراسة كل نوع من أنواع الحكى الشعبى على حدة. ونبدأ بالأسطورة: تردد على الألسن كلمتا الأسطورة وخرافة بوصفهما كلمتين مترادفتين، فى الحقيقة إن الأسطورى والخرافى متساويتان فى معنيهما عند كثير من الناس يطلقون الصفتين على كل ما هو يعتقد أنه بعيد عن المنطق والمعقول لكن فى الأنواع الأدبية الشعبية يتحتم علينا التفرقة التامة بين الأسطورى والخرافى. وتهدف الأسطورة لإعادة النظام للحياة وتنتمى إلى سلوك روحى آخر غير الذى تنتمى إليه الحكاية الخرافية. والأسطورة هى محاولة فهم الكون بظواهره المتعددة أو تفسير لهذا الكون. وقد تنوعت الأسطورة من حيث مضمونها إلى عدة أنواع منها الأسطورة الطقوسية التى تحتفى بالأفعال التى من شأنها أن تحفظ للمجتمع رخاءه ضد القوى المتعددة المهولة التى تحيط بالإنسان مثل «وزوريس» عند القدماء المصريين. وهناك أيضا الأسطورة الكونية التى تصف لنا خلق الكون مثل أسطورة التكوين البابلية. الأسطورة التحليلية التى يحاول فيها الإنسان البدائى يعلل ظاهرة ما تستدعى نظره لكنه لا يجد تفسيرا مباشرا لها، من ثم يخلق حكاية أسطورية تشرح سر وجود هذه الظاهرة مثل ظاهرة الخط الأسود فى الفاصوليا. والأسطورة الرمزية تتضمن رموزا تستوحى التفسير. ألفت فى مرحلة فكرية أرقى من مراحل الأساطير السابقه، ليس فى الظواهر الكونية فقط أو الأجواء السماوية إنما يتعداها إلى العالم الأرضى وعالم الإنسان مثل أسطورة بشيشة وكيوبيد. وأشهر أنواع الأساطير هى أساطير الأخيار والأشرار. كان يهدف الإنسان أن يكون بنفسه ولنفعه تفسير الحدود وفلسفة محدده الظواهر. الإنسان أصبح معنيا أو مهتما بفكرة الخير والشر وكان ذلك منذ القدم.الخير هذا يتمثل فيما يعود على الإنسان من الظواهر الكونية بالنفع مثل المطر وشروق الشمس ومقدم الربيع أما الشر يتمثل فى الظواهر الكونية التى تعود على الإنسان بالضرر مثل الجدب والظلام ومقدم الشتاء والطوفان وغير ذلك.