حزمة من الإصلاحات للتشريعات الاقتصادية طالت مجموعة كبيرة من القوانين، لتتواكب مع خطط التنمية التى تشهدها البلاد، ودفع عجلة الاستثمار، إلا أن آثار نتائج تلك الإصلاحات لم تظهر بعد على الأوضاع الاقتصادية، وتحسن مستوى الدخول والأسعار وتراجع أعداد البطالة. وفى حوار ل «الأهرام» مع النائب عمرو غلاب، رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب ونائب رئيس ائتلاف دعم مصر، أكد أن ثمار خطط الإصلاح الاقتصادى ستظهر مع نهاية العام الحالي، داعيا إلى تغيير الثقافة التوظيفية والتخلى عن فكرة «الوظيفة الميري» لمواجهة البطالة، خاصة أننا نسعى إلى التحول من كوننا سوقا استهلاكية إلى اقتصاد إنتاجي. وتطرق غلاب خلال الحوار إلى الحديث عن مراكز خدمة المستثمرين، التى قضت تماما على سلبيات الاستثمار السابقة، وطبقت أخيرا فكرة «الشباك الواحد» التى طال الحديث عنها، وكشف عن خطط ائتلاف دعم مصر لمواجهة أزمة غياب النواب عن جلسات البرلمان. وإلى نص الحوار: النائب عمرو غلاب خلال حواره مع مندوب «الأهرام» صاحب إصدار قانون الاستثمار الجديد ولائحته التنفيذية حالة من الجدل والتعطيل، فهل ذلك يرجع الى عدم التوافق فى الرؤى بين الحكومة والبرلمان؟ بداية أود الإشادة بدور الحكومة خلال إصدار لائحة قانون الاستثمار، وحرصها علي عرض اللائحة قبل إصدارها على البرلمان، وهو الأمر الذى جسد قمة التعاون بين الحكومة والبرلمان، ومع أن إصدار اللائحة هو حق أصيل للحكومة، إلا أن الحكومة ممثلة فى وزيرة الاستثمار سحر نصر، استنت سنة حسنة من خلال حرصها على عرض اللائحة على اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب قبل إصدارها، ولم يكن ذلك لمجرد العرض فقط، بل إن الحكومة أخذت فى اعتبارها ملاحظات اللجنة على اللائحة، واستجابت لعدد من ملاحظاتها، وأدخلت تعديلات عليها بما يراعى ملاحظات اللجنة. وماذا عن أهم الإيجابيات فى قانون الاستثمار؟ الحديث عن إيجابيات القانون تسحبنا للبحث فى فلسفة إصدار القانون، التى تمثلت فى القضاء على السلبيات وسد أوجه الخلل التى كانت تواجه المستثمرين بشكل عام، وكان على رأسها بالطبع طول الإجراءات، لذلك حرص المشرع عند وضع القانون على وضع توقيتات زمنية لحصول المستثمر على الموافقات بشأن تأسيس الشركات، ولذلك يعد تحديد توقيتات زمنية لإنهاء الإجراءات واحدا من أهم الإيجابيات التى منحها القانون للمستثمرين. لكن حتى هذه اللحظة لم نشهد تدفقا استثماريا كالمأمول؟ على العكس، فنتائج تلك التعديلات بدأت فى الظهور من خلال المقابلات والتساؤلات والاستفسارات التى نتلقاها من مستثمرين، ومكاتب الاستشارات تعتبر تدفق الاستفسارات إشارة إلى بدء التدفق الاستثماري، فالشركات العالمية ذات رؤوس الأموال الضخمة لابد لها أن تطمئن أولا إلى سلامة التشريعات التى تحكم عملها قبل أن تضخ استثماراتها. وماذا عن مراكز خدمة المستثمرين؟ تمثل مراكز خدمة المستثمرين أهم مميزات قانون الاستثمار الجديد، وتعد تلك المراكز بمنزلة التطبيق الفعلى لفكرة «الشباك الواحد» التى طال الحديث عنها لفترات طويلة للعديد من الحكومات، دون أن تتمكن من تحقيقها على أرض الواقع، إلى أن صدر قانون الاستثمار الجديد الذى نص صراحة على إنشاء مراكز لخدمة المستثمرين، وأصبحت تلك المراكز واقعا، وتفضل الرئيس عبد الفتاح السيسى بافتتاح مركزى خدمة للمستثمرين بمدينتى 6 أكتوبر وجمصة، وليست تلك المراكز مجرد أبنية حديثة تضم جميع الخدمات التى قد يحتاج إليها المستثمر لتأسيس شركته فحسب، بل هناك أيضا آليات واضحة للعمل لإنهاء أعمال المستثمرين، ومع انتشار تلك المراكز على مستوى المحافظات، أعتقد أنه لن يكون هناك أى مشكلات أمام المستثمرين، بل إنه من وجهة نظرى إذا نجحت تلك المنظومة فيمكن التوسع فى تطبيقها بالوزارات، لنرى مثلا وزارة التنمية المحلية تفعلها من خلال إنشاء مراكز خدمة للمواطنين. وقد اطلعت على الخريطة الاستثمارية التى أعدتها وزارة الاستثمار لتطرحها على المستثمرين، وطالبنا وزارة الاستثمار بإجراء مراجعة دورية لأسعار الخدمات التى تتضمنها الخريطة الاستثمارية، لتتواكب بشكل دورى مع تغيرات الأسعار على أرض الواقع. وماذا عن قانون التراخيص الصناعية؟ لابد من الإشارة الى أن قانون التراخيص الصناعية يرتبط ارتباطا وثيقا مع قانون الاستثمار، فذلك المستثمر الذى ينهى إجراءات تأسيس شركاته وينطلق نحو بدء العمل على أرض الواقع، ومنها بالتأكيد إنشاء مصانع لمنتجاته، ومن هنا كانت أهمية ذلك القانون الذى تضمن مجموعة كبيرة من المميزات التى تقضى على السلبيات التى كانت تواجهها إجراءات إنشاء المصانع، ومنها توحيد جهات استخراج التراخيص للمنشآت الصناعية فى جهة وحيدة وهى هيئة التنمية الصناعية، وإتاحة تقديم طلب الحصول على الترخيص سواء باليد أو الكترونيا أو البريد المسجل بعلم الوصول أو عن طريق شركات شحن الطرود البريدية، وألزم القانون هيئة التنمية الصناعية بالبت فى طلب الترخيص خلال 30 يوما فقط، ومنح القانون المنشآت الصناعية غير مستوفاة الشروط ترخيصا مؤقتا لمدة عام لحين استكمال أوراقها، وحددت لائحة القانون مدة أسبوع واحد للبت فى طلب المنشآت الصناعية لتوفيق أوضاعها. البعض ينتقد إنشاء عاصمة جديدة فى ظل تلك الظروف الضاغطة؟ على العكس، هى ضرورة، فكيف أطالب بجذب استثمارات فى وقت تعانى فيه العاصمة من «شلل مرورى» وكيف لذلك المستثمر الذى يعانى خلال قضاء مصالحه بالعاصمة أن يجازف لضخ استثماراته. ومن هنا كانت الحاجة لإنشاء عاصمة إدارية جديدة تتواكب مع خطط التنمية والتطور، وجذب الاستثمار للخروج من الوادى الضيق. لكن خطط التنمية لم تنعكس على الأسعار حتى الآن؟ لدينا مشكلة حقيقية فيما يتعلق بانفلات الأسعار، وهى تحكم مجموعة صغيرة جدا فى السوق، وبالتالى تحكمها فى الكميات والمعروض منها، ولذلك أرى أنه مع التعديلات والإصلاحات التشريعية وسعينا للتحول إلى سوق إنتاجية وتحسين بيئة الاستثمار بما يسهم فى جذب مزيد من المستثمرين وكبار الشركات بما يؤدى إلى زيادة المعروض وتعدده، وبالتالى تراجع الأسعار، ولعله من الملاحظ أنه طوال الفترة الأخيرة تشهد الأسعار حالة من الثبات، وهو ما يشير وبقوة إلى أننا نسير نحو الطريق الصحيح. ولا ننسى أنه فى ظل هذا، تتبنى الدولة مجموعة من إجراءات الحماية من خلال معاش تكافل وكرامة، وحصص الدعم للسلع التموينية، التى تم مضاعفة مبالغها أخيرا. وماذا عن قانون حماية المستهلك وضبطه الأسعار؟ يهدف مشروع القانون الذى يناقش مواده المجلس حاليا إلى تسهيل وحماية المستهلك من ممارسة الغش والتدليس، وفى الوقت ذاته إعلام المستثمر قبل دخوله إلى السوق، بالالتزامات الواقعة عليه من قبل المستهلكين، وقد نص القانون على إنشاء جهاز مستقل لحماية المستهلك، ويلزم التجار بالإعلان عن أسعار السلع والخدمات، ويغلظ عقوبات الإعلانات المضللة لتتراوح الغرامة بين 10 آلاف ومليون جنيه، ويمنح القانون الحق للمستهلك استبدال السلعة المعيبة خلال 30 يوما بدلا 14 يوما. كيف ترى شهادة «أمان» التى دعا الرئيس إلى إصدارها أخيرا؟ تلك الشهادة هدفها ضمان وجود حماية اجتماعية للعمالة اليومية التى كانت لا تخضع لأى نوع من أنواع الحماية التأمينية، ومن خلال تلك الشهادة توافرت الضمانة التى تمنح العامل حالة من الهدوء النفسى فى عمله لاطمئنانه على وجود ضمانة له أو أسرته حال لحق به أى مكروه. بصفتك مسئولا عن الرقابة الاقتصادية على الحكومة، كيف نصل إلى إحكام الرقابة على منافذ بيع السلع التموينية؟ تتلقى اللجنة شكاوى من المواطنين لتضررهم من أمور تتعلق بالتموين بشكل عام، سواء فيما يتعلق بإصدار البطاقات أو التلاعب فى أسعار السلع التموينية، ويتم نقلها لوزير التموين الذى يتدخل لتصحيح الأوضاع من خلال قرارات حاسمة، كان آخرها قراره بإلزام التجار بوضع أسعار السلع التموينية على المنتجات، وأود هنا أن أؤكد أن مقاومة الفساد والتلاعب بالأسعار مسئولية مجتمعية، وللمواطنين دور مهم جدا فى مواجهتها من خلال المشاركة الإيجابية فى التغيير. بوصفك نائبا لرئيس ائتلاف دعم مصر، كيف ترى استمرار عدم اكتمال النصاب القانونى بالجلسة العامة لمجلس النواب؟ الحقيقة تقضى بالإشارة إلى أن حضور الجلسات هو مسئولية تقع على عاتق كل نائب، وإحقاقا للحق وعدم الافتئات على النواب، فعندما يكون هناك أمر جلل أو تشريع يتطلب وجود النواب لاكتمال النصاب القانوني، نشهد توافدا من النواب والتزاما بالحضور، إلا أن ارتباط النائب بسعيه نحو إنجاز مصالح دائرته قد تحول دون حضوره، ولذلك يسعى الائتلاف بالتنسيق مع الحكومة الى العمل على وجود مسئولى الوزارات من أصحاب القرارات وليس مجرد مندوبين بشكل مستمر داخل البرلمان لإنهاء طلبات النواب ودوائرهم، فضلا عن العمل على ترتيب لقاءات دورية تجمع الوزراء بالنواب. لكن الأصل فى نائب البرلمان المسئولية عن التشريع وليس تلبية الخدمات؟ الواقع ألقى على أعضاء مجلس النواب الحاليين مسئولية القيام بالدورين التشريعى والخدمي، لكن أتوقع مع صدور قانون المحليات الجديد وإجراء انتخابات المجالس المحلية، أن تختلف الصورة تحت قبة البرلمان، وأدعو الشباب للتواصل مع مراكز تنمية المجتمع المنتشرة بجميع المحافظات لمعرفة المشكلات التى تواجه محافظاتهم، وتحقيق نوع من التواصل يفتح لهم الباب لدخولهم انتخابات المجالس المحلية، وهذا ما يتبناه الائتلاف لبناء كوادر مؤهلة من الشباب.