ألقى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، أمس،الكلمة الافتتاحية فى الندوة العلمية مع كبار علماء الدين فى موريتانيا، تحت عنوان «واجب العلماء للتصدى لظاهرتى التطرف والانحراف الفكري» والتى تحمل شعار علماء موريتانيا يحتفون بشيخ الأزهر، فى حضور مستشار الرئيس الموريتاني، ووزير الشئون الإسلامية الموريتانى أحمد بن داود، وكبار العلماء والشخصيات فى موريتانيا، ووفد الأزهر الشريف. وفى كلمته نادى الإمام الأكبر لعودة الأمة للمذاهب الفقهية الأربعة فى الفتوى والتشريع، وأن يعود لمذهب أهل السنة والجماعة ريادته التى ارتضتها الأمة الإسلامية عبر ألف عام وتزيد، وما ذلك إلَّا لأنها وَجَدَت فيه من حقائق الإيمان ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحابته والتابعون، ثم إنه المذهب الذى يحقق السلم الاجتماعى بكل ما تحمله هذه الكلمة من معني، وذلك بغَلقِ باب تكفير المسلمين. كما أوضح فضيلته: إنَّ القضايا المتداوَلة على السَّاحة الآنَ، هى قضايا الغُلُو والعُنف والإرهاب المسلَّح، وإلصاق المسئوليَّةِ عنها بالإسلام، مشيرًا إلى أنَّ أفضلَ ما يُمكِن أن نُقدِّمَه لأمَّتِنا فى أزمتها اليوم هو: تعميقُ الصِّلات العلميَّة الأكاديميَّة بين علماءِ الأزهرِ وعُلماء الغرب الإسلامي، مِن خلال المدرسة الشَّنقيطيَّةِ، بما لها من خصائص علمية وتعليمية تميَّزَت بها عن كثيرٍ منَ المدارس الإسلامية فى العالَم الإسلاميِّ. وأوضح الإمام الأكبر أن أهم أسباب تميز المدرسة الشَّنقِيطيَّة؛ هو محافظة العلماء على تراثِ الأمَّةِ حِفظًا وروايةً، وشَرحًا وتعليقًا، وهو ما يتسق ورسالة الأزهر الشريف فى حِفظِ التراث وتنميَّتِه. وبين الإمام الأكبر أن الأزهر كان الحاضن والحافظ لهذا التراث بكلِّ أبعاده التى تَحدَّثنا عنها، ومن العجيب أن الأزهر لم يَقتصِر دورُه على الحِفاظِ على هذا التراث من التَّلَف والضَّياعِ والاندثار، وإنَّما كان له دورٌ آخَر كأنَّ الله اختَّصَه به، وهو دَور إعادةِ الحياة إلى هذا التُّراث، بعد ما أشرفَ على الهلاك بالفعل. وكان الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، قد استهل زيارته للعاصمة الموريتانية نواكشوط، فى أول زيارة رسمية لشيخ الأزهر لموريتانيا، بزيارة رئاسة المجلس الأعلى للإفتاء والمظالم، حيث كان فى استقباله وزير الشئون الإسلامية أحمد بن داود، والشيخ محمد المختار بن امباله رئيس المجلس الأعلى للإفتاء، وعدد من كبار علماء المجلس. وأعرب الإمام الأكبر عن شكره لدعوته لزيارة موريتانيا باعتبارها ذات أهمية للتلاقح الفكرى والثقافى بين أروقة الأزهر الشريف والمحاظر الموريتانية، مؤكدا أن موريتانيا حافظت على التراث الإسلامى والعربي، مما جعلها إحدى المنارات العلمية الرائدة فى العالم الإسلامي، مضيفًا أن الأزهر يشهد حركة بعث تراثى من خلال إحياء أروقته العلمية. من جانبه نوه الشيخ محمد بن امبالة بالعلاقات التاريخية بين الأزهر وموريتانيا من الناحية الثقافية والتعليمية، موضحا أن الموريتانيين يعتزون بالمراجع الأزهرية التى رحلوا إليها وعادوا محملين بالثقافة الأزهرية، متطلعًا إلى أن تكون هذه الزيارة حلقة من حلقات محاربة الأزهر للفكر المتطرف ونشر الدين الوسطي، مضيفا أن موريتانيا مؤهلة للتعاون مع مصر بصفة عامة والأزهر بصفة خاصة. كما زار شيخ الأزهر الشريف مساء أمس، الإذاعة الموريتانية ومقر قناة المحظرة وإذاعة القرآن الكريم بحضور وزير الشئون الإسلامية أحمد بن داود ومدير الإذاعة الموريتانية ووفد الأزهر المرافق للإمام الأكبر. وقد أشاد الإمام الأكبر بما تقوم به إذاعة موريتانيا من جهود للمحافظة على الإرث الثقافى والفكرى للعلماء القدامي، مشيرا إلى أنه سيكون هناك تعاون وتبادل بين الأروقة العلمية والمحاظر فى موريتانيا.