* د. عباس شومان: القوى الصانعة للشر والمصدرة له لن تحقق أمنا وسلاما على حساب الآخرين * د. فيصل بن معمر: منصة دولية بمشاركة الأزهر والكنيسة لترسيخ قيم المواطنة والتعايش
هنا فى العاصمة النمساوية فيينا، كانت التجربة المصرية فى الحرب على الإرهاب، حاضرة وبقوة على جدول أعمال المؤتمر الدولى الثانى الذى نظمه مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمى للحوار، بعنوان «الحوار بين أتباع الأديان من أجل السلام لتعزيز التعايش واحترام التنوع وترسيخ المواطنة المشتركة»، بمشاركة نحو250 من القيادات والمؤسسات الدينية والمؤسّسات الدولية المتنوعة. وأشاد رجال الدين الإسلامى والمسيحى بجهود القوات المسلحة والشرطة المصرية وما تحققه من إنجازات فى القضاء على الإرهاب، كما كانت تجربة الأزهر ودار الإفتاء فى التعايش مع الآخر وتحقيق الوحدة الوطنية محل إشادة من الوفود المشاركة فى المؤتمر. وشهدت أعمال المؤتمر مناقشات حول آليات تعزيز التعايش واحترام التنوع وترسيخ المواطنة المشتركة، والمخاطر التى تهدد التعايش فى مناطق كثيرة من أنحاء العالم، مثل توظيف الدين أو الأيديولوجيا المتطرفة لتبرير العنف والتحريض على الكراهية، وآليات توظيف وسائل التواصل الاجتماعى كساحة للحوار، وبناء التماسك الاجتماعى من خلال التربية الحاضنة للتنوع. كان من أبرز المشاركين بالمؤتمر الدكاترة: شوقى علام مفتى الجمهورية, وعباس شومان وكيل الأزهر, ويوسف بن أحمد العثيمين أمين عام منظمة التعاون الإسلامي, والمتروبوليت اسحاق مطران ألمانيا ووسط أوروبا للروم الأرثوذكس, كما شارك نيافة الأنبا مرقس, ممثل قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة الأرثوذكسية. الدكتور شوقى علام والدكتور فيصل بن معمر
واستعرض الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، التجربة المصرية فى الحرب على الإرهاب، قائلا: إن مصر تخوض حربًا ضد الإرهاب بالنيابة عن الجميع، ولا يوجد أى فرق بين المسلم والمسيحي، ولابد أن نأخذ الحذر وأن نجد قواعد العيش المشترك. وأكد المفتى أن الشعب المصرى ينظر باعتزاز وإكبار للتضحيات والدماء الغالية التى يبذلها رجال الجيش والشرطة، خلال قيامهم بواجبهم الوطني، لتنفيذ خطة المجابهة الشاملة «سيناء 2018» لتطهير سيناء من أوكار وعصابات الإرهاب الآثم الذى يسعى بكل قوة لنشر الخراب والدمار فى كل مكان، يستهدف خير أجناد الأرض لأنهم يتصدون بكل قوة لعملياتهم الإجرامية ويقدمون أرواحهم بطيب خاطر فداء لمصر. من جانبه, قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، إن التجارب التى تبناها الأزهر الشريف لتعزيز الحوار والمواطنة والعيش المشترك، من أهمها مشروع بيت العائلة المصرية الذى أسس فى 2011 بعد تعرض كنائس فى مصر والعراق للإحراق، وتناوب على رئاسته شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأرثوذكسية. ودعا شومان القوى الصانعة للشر والمصدرة له، إلى أن تدرك أنه مهما تبلغ من قوة لا يمكن أن تحقق أمنا وسلاما على حساب تدمير الآخرين. كما دعا الدول الكبرى إلى أن تثبت أنها راعية حقيقية للسلام، وألا تشارك فى تدمير الدول الصغيرة خاصة الدول التى تعانى الحروب فى المنطقة العربية، وأن تعمل على وقف هذه الحروب. وفى سياق متصل أكد عمر عامر، سفير مصر بالنمسا، دور مصر الرائد فى مكافحة الإرهاب والتطرف، مشيرا إلى أن مصر نجحت خلال الفترة الماضية فى التصدى بكل حزم للتيارات المتطرفة والإرهابية التى تستخدم الدين لتبرير العنف والتحريض. وشدد على أن مواجهة مصر للإرهاب اتخذت نهجا حازما جمع بين المعالجة الفكرية جنبا إلى جنب مع المعالجة الأمنية، كما كانت مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى لتصويب الخطاب الدينى محل تقدير دوليا كبيرا. التطرف الإلكتروني وطالب الدكتور نزار مدني، وزير الدولة للشئون الخارجية بالسعودية، بمواجهة دولية شاملة وسن التشريعات اللازمة للتصدى لوسائل التواصل الاجتماعى التى أصبحت تستخدم فى انتشار الأفكار الهدامة فمثلا تغريدة واحدة لمتطرف توازى العديد من المنصات الدينية لمواجهته, مشيرا إلى أن القوة الصلبة كثيرا ما تعود بالخسائر المادية والمعنوية ولذلك يجب استخدام القوة الناعمة , فالأفكار لا تواجه إلا بالأفكار. من جانبه استعرض الدكتور فيصل بن معمر، الأمين العام لمركز الحوار العالمى «كايسيد»، دور المركز فى الحفاظ على التنوع الدينى والثقافى فى ضوء المواطنة المشتركة، والخطط الإستراتيجية لعمل المركز وإنجازاته، وتطوير إستراتيجية فاعلة لاستمرار العمل وفق مبادرة: (متحدون لمناهضة العنف باسم الدين)، إضافة لخطة عمل منصات الحوار للقيادات والمؤسسات الدينية فى العالم وخصوصاً العالم العربى للسنوات الثلاث المقبلة، جنبًا إلى جنب مع مبادرات المركز الرئيسية التى يطبّقها تعزيزًا للحوار بين أتباع الأديان والثقافات من أجل السَّلام وترسيخ الحوار والتعايش فى مناطق جغرافية متنوعة، مشيرًا إلى أن برنامج اللاجئين فى أوروبا يوفر تدريبات للحوار لمساعدة اللاجئين الجدد، خاصة النساء منهم والفتيات، على الاندماج فى مجتمعاتهم الجديدة. وثيقة تأسيسية وفى ختام أعمال المؤتمر أصدرت القيادات والمؤسسات الدينية «الوثيقة التأسيسية للحوار بين الأديان» والتى أكدت حاجتنا الماسة لمنظومة إقليمية جامعة، بهدف تنسيق الجهود وتطوير استراتيجيات عمل وبرامج تعزِّز ثقافة الحوار وصياغة خطاب دينى معتدل، يحث على العيش المشترك، ويغرس قيم التعددية واحترام التنوع. كما قرر مركز الملك عبد الله للحوار تأسيس إطار تعاون جامع باسم: (منصة الحوار والتعاون بين القيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة فى العالم العربى).
