كتب:عبد المجيد الشوادفي كان المسجد في صدر الإسلام هو المكان الذي يتخرج منه الفقهاء والعلماء والقادة الصالحون في شتي المجالات..والمدرسه التي تربي الرجال والمركز الذي تدور حوله حياة المجتمع كما قال الله تعالي في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه... وقد ارتبط تاريخ التربيه الإسلاميه بالمسجد إرتباطا وثيقا ولم تقتصر وظيفته علي الجانب الديني وحده وإنما إمتدت لتشمل مهمة التربيه ورسالة التعليم فقد إختار النبي صلي الله عليه وسلم المسجد ليكون مركزا للتعليم والتوجيه والتفقه في الدين بإعتبار ان المساجد أنسب الأماكن لهذه المهمه وكان النبي يعقد مجالس العلم في مسجده ويتزاحم المسلمون عليها.. وكان الصحابه من بعد رسول الله كما يقول الدكتور سعيد اسماعيل علي استاذ اصول التربيه بجامعة عين شمس في موسوعته التطور الحضاري للتربيه الإسلامية يتدارسون القرأن في مسجده ويتذاكرون فيه الحلال والحرام ليتفقهوا في الدين..ولعل السبب في جعل المسجد مركزا ثقافيا هو أن الدراسات في سنوات الإسلام الأولي كانت تشرح تعاليم الدين الجديد وتوضح أحكامه وبذلك يتحقق فيهم قول الله سبحانه اليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضلهب.. وعندما إتخذت المساجد معاهد للعلم فقد ضمن ذلك كفاءة العلماء من ناحية وحرية أهل العلم من ناحية أخري.. وقد إمتد دور المسجد ليشمل مهاما أخري تزيد علي التعليم وتجعل منه مؤسسة تربوية بالمعني الشامل فقد كان له دوره في المجال السياسي..وكان رسول الله يستقبل في المسجد الوفود التي تأتي لطلب عقد معاهده أو إعلان سلام أو طلب معونه..كما جعل النبي المسجد بمثابة مكتب للخدمه الإجتماعيه وجمع التبرعات ومساعدة المحتاجين. ولقد شاع وهم لدي كثيرين أن الإسلام لم يحبذ تردد الأطفال علي المساجد لكن ذلك لم يكن صحيحا فقد حرص الإسلام علي رعاية الأطفال وتنشئتهم علي الأخلاق الإسلاميه والعادات القرآنيه والمسجد هو المكان الأكثر ملاءمة لتعليم هذه الأمور..وقد يعتقد البعض أن هذه الأدوار كانت فقط في عهد رسول الله والصدر الأول للإسلام لكن وقائع التاريخ تؤكد أن بعض هذه المساجد ظلت تمارس هذه المهمه وأبرزها في هذا الشأن الجامع الأزهر في مصر..وذلك إستنادا إلي ما رواه أبوهريره أنه مر ذات يوم بسوق المدينه وقد هاله إشتغال الناس في الدنيا فوقف وقال: ياأهل المدينه ما أعجزكم قالوا..وماذاك يا أبا هريره..قال:ذاك ميراث لرسول الله يقسم وأنتم هاهنا ألا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه..قالوا: وأين هو..قال:في المسجد..فخرجوا مسرعين ووقف أبوهريره لهم حتي رجعوا فقال لهم مالكم قالوا: أتينا المسجد فدخلناه لم نر فيه شيئا يقسم فقال لهم أبوهريره وما رأيتم في المسجد أحدا.. قالوا: رأينا قوما يصلون وقوما يقرأون القرآن وقوما يتذاكرون الحلال والحرام فقال أبو هريره ويحكم فذاك ميراث رسول الله.