◄ إنشاء «القابضة للنظافة» فور إصدار القانون وتعاونها «شركات خاصة» فى كل منطقة ◄ الأهالى : الحشرات والقوارض وأمراض الصدر والسرطان تحاصرنا.. والمقالب والمحارق غير المرخصة إهدار لحق الدولة تحويل المخلفات الزراعية والصناعية إلى مواد ذات نفع عام وبشكل صديق للبيئة بات الشغل الشاغل للحكومة والأفراد على السواء، خاصة أن إعادة تدوير هذه المخلفات يدر عائدا كبيرا على العاملين به، وبرغم ذلك تبقى بعض العقول العقيمة التى تهدف لتحقيق مكاسب مادية فقط تصر على حرق المخلفات والإضرار بالبيئة والصحة العامة دون النظر لباقى الأبعاد الإنسانية والصحية، ولمعالجة هذه السلبيات تعقد لجنة الادارة المحلية بمجلس النواب خلال أيام جلسة لمناقشة مشروع قانون المخلفات الصلبة، بهدف التخلص الآمن من المخلفات الصلبة والسائلة وتدويرها، خاصة أن الأطعمة مثلا تستخدم فى صناعة «الكمبوست» وهو السماد العضوي. النائب أحمد مصطفى الفرجانى وكيل لجنة التنمية المحلية بمجلس النواب أكد أن منظومة التخلص من النفايات الخطيرة تم تنفيذها فى العديد من الدول العربية والأجنبية، وأهمها فى المدينةالمنورة فى المملكة العربية السعودية، وأضاف أن القانون جاء بهدف إيجاد خطة تشغيل لنوعية الآلات والمعدات المستخدمة والموجودة لدينا فعلا، ولكنها غير مستغلة الاستغلال الأمثل، فعلى سبيل المثال المكانس الموجودة فى مجالس المدن والمعطلة وغير المستغلة والتى من الممكن أن تمسح 50 كيلو مترا يوميا لكل منها، أى تعمل بقوة 300 عامل وبرغم ذلك فهى باقية فى أماكنها لا تستعمل مع أنها تعمل بنظام الشفط والرزاز المائي، إضافة إلى سوء حالة النظافة الذى أدى إلى تراجع مظهرنا البيئى والحضاري، لذلك كان لزاما علينا تعديل منظومة النظافة فبدلا من الحرق الذى يؤثر سلبا على البيئة كان قانون الاستفادة حلا أمثل. وأضاف أن القانون يأتى فى إطار محاولاتنا المستمرة للاستفادة من الأجهزة الموجودة فى المستشفيات العامة ومجالس المدن، مثل أجهزة الرزاز والهيدروجين والضباب، والتى يتم تعطيلها بالمخازن لان المحليات يستغلون السيارات المخصصة لنقل هذه الأجهزة فى الاستخدام الشخصى للتنقل. السماد العضوى يزيد خصوبة التربة بنسبة 30% ويقلل استهلاك المياه للثلث ويضيف وكيل لجنة التنمية المحلية أننا على مشارف فصل الصيف بما يحمله من ناموس وبعوض وحشرات تنتشر نتيجة عدم رشها وتتكاثر بسبب عدم التخلص من المخلفات واستمرار وجود «النباشين» الذين يبحثون فى القمامة لالتقاط المخلفات الصالحة للبيع مثل الألومنيوم والصاج والبلاستيك والكرتون، وبعثرة باقى القمامة، كما أن المعدات الخاصة برفع المخلفات غير موجودة مثل الدرام الذى يرفع بطريقة آمنة، ونحن مازلنا نرفع المخلفات باللودر والهوك ليفت الذى يؤدى الى تكسير الأسفلت ويهلك البنية التحتية. ولا ننسى أن القانون الجديد سيفتح فرص عمل للشباب من خلال الشركة القابضة التى سيتم إنشاؤها والخاصة بالنظافة والتجميل إضافة إلى شركات النظافة التى سيتقدم لها أبناء كل محافظة. المخلفات الزراعية والصناعية ولمتابعة آثار طرق التخلص غير الآمن من المخلفات الزراعية والصناعية رصدت «تحقيقات الأهرام» وجهين مختلفين تماما للتعامل مع هذه المخلفات، فى منطقة جلفينة بمدينة بلبيس بمحافظة الشرقية..الوجه الأول هو تحويل المخلفات الزراعية إلى سماد عضوى يقوم عليه مجموعة من الشباب لتخليص المنطقة من كل المخلفات الزراعية وقش الأرز وتحويلها إلى سماد يستفيد منه الإنسان والنبات على حد سواء.. والوجه الآخر مجموعة من الأهالى يقومون بحرق المخلفات ويصيبون سكان المنطقة بالتلوث وما يتبع ذلك من أمراض سرطانية وصدرية وغيرها. معاصر الزيتون يقول سعد قنديل أحد القائمين على مشروع تدوير المخلفات الزراعية وتحويلها إلى سماد عضوى (كومبوست) إن هذا السماد يرفع نسبة كفاءة التربة من 25 إلى 30 % ويقلل استهلاك المياه فيها بذات النسبة المحتملة، حيث إنه من خلال السماد العضوى تتم معالجة مخلفات معاصر الزيتون بأسلوب يتوافق مع البيئة ومنع صرف ماء الجفت السائل إلى مجارى المياه أو صرفه أو استخدامه فى الري، كما أنه محسن لخواص التربة من خلال إضافة مخلفات «تفل» الزيتون مع «روث « المواشى و» سبلة» الدواجن وكل المخلفات الزراعية بواقع 44 ألف متر مكعب سنويا من هذه المخلفات، كما يهدف المشروع إلى منع انبعاث الغازات الضارة والروائح الكريهة، إلى جانب الاستفادة الكاملة من العناصر المتوفرة بالمخلفات ومنها قش الأرز عند استصلاح واستزراع الأرض الجديدة، فمن الضرورى إضافة مادة عضوية بواقع 8 أطنان للفدان، ويستخدم فى ذلك السماد البلدى « السبلة» بدون معالجة، والبديل لذلك هو استخدام السماد العضوى (الكومبوست) المعالج حراريا حتى 70 درجة مئوية، حيث تتحلل المواد العضوية، لذا فهو يحتوى على مضادات حيوية مقاومة للأمراض، لأنه مادة تامة التحلل ولا يخشى عليها من التعفن عند تخزينها أو نقلها..وتتم الاستفادة الكاملة من المواد المتوفرة بالمخلفات خلال عملية التحويل إلى ( كومبوست) وذلك من خلال تحويل النيتروجين إلى نترات عضوية سهلة الذوبان فى المياه، كما يتم تحويل الكربون إلى كربون حيوى يسهل للنبات التغذية عليه، علاوة على المحافظة على كل العناصر الكبرى والصغري. وقال إن (الكومبوست) الناتج يحقق عددا من الفوائد أهمها تحسين خواص التربة خاصة فى الأراضى الجديدة يمكننا من الاستغناء أو التقليل من استخدام الأسمدة الكيماوية فهو سماد عضوى يحتوى على كل العناصر الكبرى والصغرى اللازمة لنمو النبات وتدفئة جذوره والاحتفاظ بمياه الرى حولها خاصة مع ندرة المياه ، كما يعتبر مضادا حيويا طبيعيا يمنع إصابة النبات بالأمراض. محمد صلاح أحد الشباب القائمين على تدوير المخلفات قال إن مصانع الأسمنت تستخدم المخلفات كوقود ومصدر طاقة بديل، وهنا يكون العائد المادى أكبر مما يعود على القائمين بالحرق، وبذلك نكون قد استفدنا منها وأعدنا استخدامها بدلا من إيذاء المواطنين . حرق المخلفات على الجانب الآخر فى منطقة جلفينة تجد المأساة الحقيقية ... المشهد عبارة عن أفران كبيرة يتصاعد منها أدخنة ناتجة عن حرق مخلفات، أما المكان فهو أمام مركز طبى ومجمع للمدارس يضم كل الفئات العمرية من الحضانة حتى الثانوي، إضافة إلى السكان وهم بالآلاف.. ألسنة الدخان تتصاعد وكادت تخنقنا نتيجة حرق المخلفات صباحا ومساء والعائد حفنة جنيهات لبعض الأهالى المسيطرين على المنطقة، ومجموعة من الأمراض تصيب صدور الصغار، وهناك كلاب ضالة وثعابين وقوارض نتيجة تراكم القمامة. يشكو عزت غمرى أحد سكان المنطقة، من أن هناك أفرادا بعينهم يعملون فى جمع القمامة وحفر الجور لها وبيع الرمال التى تخرج منها ثم يحرقونها ويبيعوها من جديد كبودرة للمصانع، كذلك يقومون بحرق الخشب والبلاستيك، ولدينا أطفال يعانون من آلام الصدر وغيرها، كما أنه يخرج من هذه المقالب الحشرات والفئران والثعابين والقوارض ناهيك عن الكلاب الضالة التى تقوم بعقر صغارنا . ويضيف غريب قطب من سكان المنطقة أن التلوث الناتج عن تصاعد هذه الأدخنة يتسبب فى حدوث اختناقات لنا فى المساء نتيجة حرق البلاستيك، والكارثة أن هذه المحرقة وسط الكتلة السكنية وحاولنا الشكوى مرارا ولكن دون جدوي. ويضيف صبرى مختار - محاسب - أحد سكان المنطقة أنهم قدموا العديد من الشكاوى منذ أكثر من 5 سنوات مرفقة بتقرير طبى لعدد كبير من الأطفال المصابين من جراء هذه الأدخنة. منذ 10 سنوات الدكتور حلمى أبو العيش رئيس مجلس إدارة احدى الشركات القائمة على التنمية وحماية البيئة وإنتاج الأعشاب الطبيعية بلا مبيدات أو أشياء ضارة بالبيئة والصحة، يقول انه مقيم فى هذا المكان قبل أكثر من 35 عاما، واختاره تحديدا لأنه كان بعيدا عن التلوث ولكن منذ 10 سنوات تقريبا بدأت مقالب خاصة للقمامة فى الظهور حول المنطقة الخالية فى صحراء بلبيس دون ترخيص، وتحديدا فى الكتيبة شرق فيما يعرف بمنطقة جلفينة، وبدأت تمتلئ بالقمامة بمقابل مادى يتقاضاه بعض سكان المنطقة المسيطرين عليها لدفن المخلفات، ولأن المقابل يتزايد والمساحة تقل نتيجة تراكم القمامة فكان الحل أمامهم هو الحرق لاستكمال جمع القمامة واستمرار العائد منها، وكانت سيارات مجلس المدينة تلقى فيها القمامة ومع الوقت تطور الأمر أكثر حيث بدأ القائمون على هذا الأمر شراء القمامة من مصانع العاشر من رمضان والمدينة الصناعية ببلبيس ثم فرزها وتصنيفها وإشعال الحرائق فيما لا يصلح منها وقد شكونا أكثر من مرة للقائمين على البيئة والمحليات ولم يتحرك ساكن رغم أن عدد سكان منطقة جلفينة والكتيبة يتجاوز ربع مليون نسمة. أضرار غير مباشرة الدكتور محمد سرحان مدير أحد المراكز الطبية بالمنطقة يضيف أن حرق المخلفات له أضرار غير مباشرة على الاقتصاد القومي، لأن تزايد الأمراض يضعف القوة البشرية ويهدر الكثير من المال لعلاجها وأكثرها شيوعا فى هذا المكان - من خلال بحث حالات المترددين على المركز الطبى -هى أمراض الصدر والدم والسرطان والعيون والجلد ناهيك عن تأثيرها السييء على كبار السن و الحوامل. ونبه إلى أن القائمين على هذا العمل يقومون بحفر الأرض لبيع الرمل ثم يتم تجميع المخلفات بها بعد فرزها ثم حرقها دون مراعاة لما يحدثه هذا الحرق من آثار جانبية، وحتى الآن عندما يتم الحرق نقوم باستقدام الدفاع المدنى لإطفاء الحريق ونحاول ردم الجور «المحارق» والتى تتكلف كثيرا.