10 أيام مرت على الحرب الشاملة التى تخوضها القوات المسلحة المصرية «سيناء 2018» على الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة للدولة، التى حققت إنجازات غير مسبوقة على الأرض ضد التنظيمات الإرهابية التى سعت إلى الاستيطان فى سيناء بعد أحداث 25 يناير وإبان حكم الجماعة الإرهابية لمصر، بالاضافة إلى محاولات بعض الدول لنقل التنظيمات الارهابية التى كانت موجودة فى سوريا والعراق الى سيناء لمواجهة الجيش المصري، معتقدين بذلك انهم قادرون على تحقيق خططهم كما حدث فى تلك الدول، إلا أن الجيش المصرى يختلف تماما عن جيوش العالم فى عقيدته ووطنيته التى لا تعرفها معظم دول العالم، فلقد استطاعت القوات المسلحة المصرية ان تحقق إنجازات خلال العامين الماضيين خلال عمليات حق الشهيد التى تم من خلالها محاصرة تلك التنظيمات وقطع جميع خطوط الإمداد عنهم. وإذا نظرنا إلى العملية العسكرية الشاملة «سيناء 2018» سنجد العديد من النقاط المهمة التى يجب أن نتوقف عندها بالتحليل والدراسة لأنه بالطبع ستستفيد المعاهد العسكرية العالمية من تلك العمليات، وأهمها ما يلي: أولا: أن سيناء «2018» هى أضخم عملية عسكرية للقوات المسلحة المصرية بعد حرب اكتوبر، بل إنها تفوقت عليها فى الانتشار على الأرض حيث لم تشهد سيناء هذا الكم من القوات من الافرع الرئيسية، والاسلحة المشتركة على مدى التاريخ، مما يثبت أن الجيش المصرى مسيطر بالكامل على الأرض.
ثانيا: العملية العسكرية الأضخم لم تأت بشكل مفاجئ ولكن تم التخطيط جيدا لها، فمنذ يوم 1 يوليو 2015 وهو تاريخ محاولة هجوم بعض التنظيمات الارهابية فى سيناء على 11 كمينا للقوات المسلحة فى نفس التوقيت، وتمت إبادة تلك الجماعات بالكامل، اتخذت القيادة العامة للقوات المسلحة قرارا بتنفيذ العملية العسكرية حق الشهيد بمراحلها الأربع، والتى استطاعت أن تكبد الجماعات الارهابية خسائر كبيرة واستطاعت فرض طوق عسكرى حول تلك الجماعات، ومهدت الارض للحرب الشاملة. ثالثا: انتشار القوات على الحدود الاستراتيجية المختلفة تم التدريب عليه منذ فترة كبيرة من خلال مناورة «بدر الكبري» التى انطلقت فى عام 1994، وكانت تنفذ كل 4 سنوات، وآخرها بدر 2016، وشاركت فيها جميع الأفرع الرئيسية المشتركة، والأسلحة المشتركة على الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة ونفذت فيها عمليات النقل، وإدارة المعارك والفتح الاستراتيجي، والدعم اللوجيستى للقوات على جميع المحاور فى نفس الوقت، وهو ما ينفذ الآن فى الحرب الشاملة على الإرهاب. رابعا: تعامل القوات المسلحة وانفاذ القانون فى تلك الحرب بمشرط جراح محترف للوصول الى اعضاء التنظيمات الارهابية دون المساس بالمواطنين المدنيين من ابناء سيناء، ودون اصابة شخص واحد فى تلك العمليات رغم ضخامتها، مما يؤكد التدريبات المتميزة التى وصل اليها رجال القوات المسلحة، ولا يمكن مقارنتها بأى عملية عسكرية اخرى او حرب ضد الارهاب فى اى دولة فى العالم. خامسا: اكتشاف القوات المسلحة لهذا الكم من الأسلحة والمعدات العسكرية والمتفجرات وبخاصة مادة سى فور، وهى مادة شديدة الانفجار، ولا يمكن نشرها فى اى دولة فى العالم، وخريطة تحركها عند الولاياتالمتحدةالأمريكية فقط دليل دامغ على تورط بعض الدول واجهزة استخبارات تسعى الى دعم تلك العناصر الارهابية على الارض، من خلال مئات الملايين من الدولارات التى يتم انفاقها. سادسا: وجود مراكز اعلامية خاصة بالتنظيمات الارهابية لبث مواد إعلامية عن دور التنظيم فى سيناء بالتعاون مع بعض القنوات المعادية للدولة المصرية فى الخارج، من خلال بث مواد اعلامية مغلوطة تهدف الى البلبلة، وهو ما يؤكد تورط تلك القنوات مع الارهاب فى سيناء. سابعا: هناك تحالف واضح بين تجارة المخدرات والارهاب، والاثنان يعملان معا بشكل متواز، بدليل ضخامة كمية المخدرات التى يتم ضبطها يوميا، واذا ما تم تهريبها الى الدلتا فسيكون لها اثر كبير على تدمير الشباب المصري، الذى هو عماد الدولة فى الوقت الحالي، كما تتم الاستفادة من عائد بيع تلك المواد المخدرة فى دعم الجماعات الارهابية.
ثامنا: استمرار استخدام الانفاق فى عمليات التهريب، فعلى الرغم من تدمير اكثر من 4200 نفق خلال الاعوام الماضية واغراقها بالمياه، فإنه يتم يوميا اكتشاف انفاق جديدة تؤثر بشكل مباشر فى دعم تلك التنظيمات. تاسعا: وجود عناصر أجنبية بكميات كبيرة يتم إلقاء القبض عليهم يوميا دليل على محاولة توطين الجماعات الارهابية العابرة للحدود منذ فترة فى ارض سيناء، وقد تم من قبل فى عملية كمائن الرفاعى قتل اعداد كبيرة من المرتزقة الأجانب. عاشرا: السيطرة المصرية الكاملة على البحر المتوسط، من خلال نشر القطع البحرية لحماية السواحل وايضا المياه الاقليمية والاقتصادية والدولية أيضا، ويأتى ذلك طبقا للقانون البحرى الذى يجيز لأى دولة فى حالة حرب ان تنفذ قانون حق الزيارة والتفتيش لأى سفينة تشك الدولة فى حمولتها، ومن الممكن ان تؤثر على سير عمليات القتال، إذن فالقوات البحرية المصرية تمنع أى سفينة تشك فى حمولتها من سلاح أو أفراد ولها الحق فى مصادرة السفينة لحين الانتهاء من التحقيقات، وبذلك قطعت أى دعم لوجيستى عن طريق البحر، حتى ولو عن طريق دولة أخرى تذهب إليها السفينة. إضافة إلى ذلك فالتدريبات التى تنفذها القوات البحرية فى مياه المتوسط، ومشاركة حاملة الطائرات وقوات الصاعقة البحرية، واطلاق الصواريخ (أرض بحر) و(بحر أرض) و (سطح سطح) من القطع البحرية المختلفة الطرازات، هى رسالة ردع لاى قوة تفكر فى تهديد الأمن القومى المصري، أو المنشآت الاقتصادية المصرية فى المتوسط. وما ينطبق على المتوسط ينطبق على البحر الأحمر من خلال السيطرة الكاملة على المجرى الملاحى لقناة السويس وتأمينه، وايضا السيطرة على باب المندب من خلال القطع البحرية الموجودة هناك منذ بدء عملية عاصفة الحسم فى اليمن، وأيضا وجود الاسطول الجنوبى فى سفاجا والذى تم تدشينه العام الماضي. حادى عشر: رسائل الردع التى تم توجيهها للجماعات الارهابية الموجودة فى ليبيا، وانها أصبحت فى مرمى النيران اذا ما حاولت التسلل مرة اخرى الى الاراضى المصرية، وبالفعل تم تدمير عدد من السيارات المحملة بالاسلحة مع بدء العملية سيناء، بواسطة القوات الجوية، وان القوات المسلحة المصرية قادرة للوصول الى ابعد نقطة فى اى مكان لضرب الجماعات الارهابية التى تسعى الى تهديد الحدود المصرية. ثانى عشر: إدارة العمليات العسكرية على جميع الاتجاهات الاستراتيجية، والتنسيق المستمر وسرعة رد الفعل، دليل على القدرات العالية للجيش المصرى فى ادارة اعمال القتال وباحترافية عالية. إن الحرب التى تخوضها مصر حاليا هى من اقوى الحروب وأشرسها، لأنه يتم قتال جماعات ارهابية غير واضحة المعالم والتحركات وتتخذ من المدنيين دروعا بشرية، وتتطلب احترافية عالية فى الأداء، لعدم تعريض المدنيين الأبرياء للخطر وقت التنفيذ، كما أنه يصعب على الجيوش النظامية مواجهة تلك الجماعات، وهو ما فشلت فيه أعتى جيوش العالم، إلا ان القوات المسلحة المصرية قامت بالتدريب بشكل احترافى عال من خلال إنشاء قوات التدخل السريع ورجال العمليات الخاصة والمظلات، تقدم يوميا ملحمة بطولية فى تنفيذ تلك المهام، وتكلل بالنجاح. وكما أذهلت حرب أكتوبر المجيدة العالم، أيضا تذهل سيناء 2018 العالم مرة أخري، ويتم تدريس جميع الخطط فى المعاهد العسكرية العالمية فى كيفية تنفيذ عمليات عسكرية ضد جماعات الإرهاب العابر للحدود.