كثير هى المهرجانات التى تقام على أرض مصر،قليل منها الذى يحقق النجاح،والنجاح من وجهة نظرى ليس فى مجرد اختيار مجموعة من الأفلام العالمية أو الحاصلة على الأوسكار،لأن هناك ما هو أعم وأشمل بكثير من ذلك،وهو كيفية تحقيق التوازن بين اختيار الأفلام المهمة وخدمة قضايا المجتمع ، لذلك لم يكن غريبا أن يغرد مهرجان أسوان السينمائى الدولى خارج السرب ، ذلك المهرجان الذى ولد عملاقا بجهود صانعيه. وقد شرفت العام الماضى بحضور دورته الأولى،والتى فاقت كل التوقعات،بعد أن حققت نجاحات مذهلة،ونجحت فى كسر حالة الجمود والعزلة التى تعيش فيها المهرجان من خلال إشراكها المباشر للجمهور،ومناقشة قضاياه وعلى رأسها قضايا المرأة التى تمثل العصب الرئيسى ويحمل اسمها المهرجان،والذى تنطلق دورته الثانية خلال الفترة من 20 إلى 26 فبراير الحالى. والحقيقة أن مهرجان أسوان لأفلام المرأة،يتميز بوجود كوكبة متميزة من عشاق ومحبى صناعة السينما،يسعون لتحقيق أهداف إنسانية كبيرة،حيث تعمل إدارة المهرجان بقيادة السيناريست محمد عبد الخالق رئيس المهرجان ، والكاتب الصحفى القدير حسن أبو العلا مدير المهرجان،والمخرج المتميز أحمد حسونة المدير الفنى للمهرجان، والكاتبة الصحفية الرائعة أميرة عاطف على البحث عن كل ما هو جديد ومبهر ومتميز،وهو ما يجعلهم دائما شعاع أمل لكل صناع المهرجانات بأفكارهم المتجددة والمتعطشة،لتقديم نموذج رائع فى العمل بجد واجتهاد لتحقيق أهدافهم والمساهمة فى الارتقاء بصناعة السينما . مهرجان أسوان خلال دورته الثانية،اختار أن يكرم أيقونة النضال فى الوطن العربى "جميلة بوحيرد"،والتى تحمل الدورة الثانية اسمها،وهو تكريم لكل الإنسانية،ولكل امرأة عربيةلما تمثله المناضلة الجزائرية من قيمة وقامة وزمر داخل الوطن العربى. وجاء بوستر الدورة الثانية الذى صممه الفنان تامر رجب ويطل خلاله وجهة "جميلة بوحيرد"،ليزيد من حالة التشويق لدى محبى السينما وعشاقها فى انتظار انطلاق الفعاليات . كما رفعت ادارة المهرجان شعار الوفاء للناقد الكبير الراحل سمير فريد، حيث قررت تنظيم ندوة تتضمن شهادات من بعض أصدقائه ودراسات من بعض النقاد المصريين والعرب عن كتاباته،كما تتضمن الندوة عرض الفيلم التسجيلى "عالم سمير فريد" للمخرج القدير أحمد حسونة. خطوة مهمة أخرى اتخذتها إدارة المهرجان،التى لم تتوقف عند حدود أسوان،بل امتدت أحلامها لحلايب وشلاتين،حيث أعلنت عن تنظيم عروض سينمائية خاصة لجمهور المدينة،ضمن الفعاليات وهو دليل على ما يتمتع به صناع المهرجان من حس وطنى قوى من خلال إصرارهم على التواصل مع جزء عزيز وغالى من أرض الوطن،حيث سيتم إرسال وحدة متنقلة لعرض عدد من أفلام المهرجان بمدينة حلايب وشلاتين،وهى خطوة مهمة ضمن أهداف المهرجان الذي يسعى للخروج بعروضه خارج نطاق مدينة أسوان، وكذلك عرض مجموعة من أفلامه الطويلة والقصيرة في بعض قرى المحافظة. والجميل أيضا أن المهرجان سوف يقوم بعرض مجموعة متميزة ،من أبرز الأفلام التى تهتم بقضايا وهموم المرأة،ومنها فيلم مرشح لجائزة الأوسكار،وأفلام أخرى حصلت على جوائز وعرضت في مهرجانات كبرى مثل كان وبرلين وفينسيا،كما تم اختيار لجنة متميزة لتحكيم مسابقة الفيلم الطويل،يرأسها أحد رموز السينما العربية،وهو المخرج الجزائري أحمد راشدي،وتضم فى عضويتها المخرجة كاملة أبوذكري التي تعتبر واحدة من أهم المخرجات في السينما العربية حاليا،والممثلة والمخرجة الهندية بيجايا جينا التى فازت بجائزة الدولة لأحسن ممثلة عن أدائها في فيلم "جاخا باليا"،والناقدة الإنجليزية كورينا أنتروبوس التى أسست مهرجان بيشدل تيست فيست،كما حصلت على جائزة تريل بليزر للمرأة في هوليوود عام 2017،والممثلة والكاتبة والمنتجة الهولندية جوديث هيس،التى عملت لأكثر من 16 سنة كممثلة مسرحية وسينمائية وتليفزيونية،وتعمل منذ عام 2000 تعمل ككاتبة سيناريو،كما يعرض المهرجان فى الافتتاح الفيلم الألمانى النمساوى المشترك "البحث عن أم كلثوم"،والذى يشارك أيضا فى مسابقة الأفلام الطويلة،وسبق عرضه فى مهرجانات مهمة مثل فينسيا وتورنتو ولندن وهامبورج،والفيلم من إخراج الأمريكية من أصل إيرانى شيرين نيشات،وبطولة ياسمين رئيس ونيدا رحمنيان،وتم تصويره مشاهده بين مصر والمغرب وألمانيا والنمسا،حيث يتناول الفيلم قصة أيقونة من أيقونات الفن المصرى برؤية مختلفة،عما تم تقديمه عن سيرة كوكب الشرق،كما يكرم النجمة منى زكى،وثلاث نجمات أخريات من صانعات السينما،هن المخرجة عطيات الأبنودى،والمخرجة والمنتجة ماريان خورى،ومصممة الملابس ناهد نصر الله. فى النهاية نحن أمام حدث فريد يستحق الدعم والمساندة من الدولة،ومن كافة المؤسسات الثقافية،وعلى رأسها وزارة الثقافة بقيادة الدكتورة والفنانة ايناس عبد الدايم،لأنه إذا كان من السهل إقامة مهرجانات،فمن الصعب جدا أن نجد مهرجان،يمتلك كل هذه المواصفات ويقدم كل هذه الإبداعات والعطاءات،ويمثل القوة الناعمة الحقيقية لمصر،مثل مهرجان أسوان السينمائى الدولى لأفلام المرأة. لمزيد من مقالات محمد مختار أبودياب;