الأزمة التي تعيشها الصحافة المصرية الآن بعد جدل اختيار رؤساء تحرير جدد للصحف القومية هي نفس أزمة الحكومة التي عاني الدكتور هشام قنديل في تشكيلها طوال الأيام القليلة الماضية مع فارق بسيط هو أن رئيس الوزراء حصر نوعية الاختيار لوزرائه في مصطلح التكنوقرط ويعني النخب غير المسيسة والأكثر علما وتخصصا في مجال عملهم بينما لم تظهر بعد نوعية المختارين من القيادات الصحفية الجديدة والذين سيواجهون أشغالا شاقة تفرضها ظروف الارتباك والتربص وتعارض المصالح داخل الجماعة الصحفية!. والمشكلة ليست في الاختيار فقط ولكن فيما بعد هذا الاختيار, حيث يخشي من أمراض الاقصاء والإبعاد للمعارضين وتقريب الموالين وهي آفة الصحافة منذ تم تأميمها في أوائل الستينيات حتي يمكن تسمية هذه الآفة بال تكنوصحاب وهي عكس التكنوقراط وتقوم علي معيار الثقة في الشلة والأصحاب, وضاربة بالخبرة والعلم عرض الحائط؟! وقد ظهر مؤخرا ذلك التناطح جليا بين هؤلاء الذين يمثلون التكنوصحاب الرافضين للأسف لمعايير اختيار القيادات برغم مشروعيتها واهميتها والمستفيدين في نفس الوقت من مكاسب زمن يرحل وبين غيرهم من أصحاب المصالح الجدد ويبقي المهنيون الذين يتحملون مسئولية كبري ليس من أجل هؤلاء أو أولئك ولكن من أجل المهنة التي باتت في مفترق طرق. والغريب أن الأزمة الحقيقية ليست في تعيين رؤساء تحرير أو إقالة غيرهم بل في إغفال قيادات المهنة وخاصة مجلس نقابة الصحفيين عن عمد أو سهو لإشكالية القانون المنظم للصحافة والتي تجعل للدولة ممثلة في مجلس الشوري الهيمنة علي مقدرات أصحاب الأقلام المكبلة مهنتهم بقيود الاستقطاب السياسي سواء من حزب أو تيار بينما تقوم علي إدارة مثل هذه المؤسسات في دول العالم المتقدمة سياسيا هيئات مستقلة لا رقيب عليها الا ضمير الصحفي وتحت مظلة قانون راق ينأي بالمهنة السامية عن الانزلاق إلي مستنقع الصراع السياسي الذي يحاصر الآن المجتمع المصري بجميع فئاته وينذر بمزيد من التحزب والاستقطاب والتناحر إلي حد القتال!. المزيد من أعمدة ايمن المهدى