قرأت باهتمام ما كتبه أ. محمد فكرى عبد الجليل ب «بريد الأهرام» تحت عنوان «الرقابة على الكباب» عن ذوى الضمائر الخربة الذين مازالوا مستمرين فى سلوكهم المشين فى الغش والفساد، فبعد لحوم الحمير استخدموا لحوم الخنازير فى صناعة الكباب والكفتة والسجق والحواوشى وغيرها، وقد اقترح اتخاذ عدة إجراءات احترازية منها إلزام المطاعم بتركيب كاميرات تظهر عمليات الإعداد والتصنيع تكون تحت تصرف الأجهزة الرقابية عند الضرورة، وهو اقتراح مهم لأنه من الصعوبة بمكان مراقبة هذه المطاعم والمحال على مدار الساعة، وهذا لا يعنى بالقطع عدم استمرار ومتابعة الأجهزة الرقابية كجمعيات حماية المستهلك والهيئة القومية لسلامة الغذاء، لهذه المطاعم، والتفتيش المفاجئ عليها، وسحب عينات لتحليلها، والتأكد من مطابقتها المواصفات القياسية، ومعايير الجودة حرصاً على صحة الناس. ولأن الشئ بالشئ يذكر، فإننا فى حاجة ملحة للثقافة الغذائية، إذ إن هناك غياباً واضحاً للأساسيات والأبجديات والمصطلحات فى مجال الغذاء والتغذية.. انظر مثلا إلى شركة استثمارية كبرى تعمل فى إنتاج الألبان وتكتب على عبواتها من اللبن وبالبنط العريض ( لبن طبيعى 100% بدون إضافة لبن بودرة)، وكان حرياً بهذه الشركة أن تكتب «لبن طبيعي» فقط مع تحديد مصدره، أهو بقرى أم جاموسي، لأن اللبن الطبيعى لا يحتوى على لبن بودرة، فهو الإفراز الطبيعى الذى يتم حلبه من الحيوانات الثديية المدرة للبن ولابد أن يصل إلى المستهلك بهذا التركيب أى دون نزع كلى أو جزئى لأحد مكوناته كالدهن، ودون إضافة الماء إليه من قبيل الغش، وكذا دون إضافة لبن بودرة أو أى مواد حافظة أو مغلظة للقوام حتى وإن كان مصرحاً باستخدامها فى أغذية أخرى لأن هذا يندرج تحت الغش. إن أى تعديل فى تركيب اللبن يؤدى بالضرورة إلى نزع صفة «طبيعي» منه، ولابد فى هذه الحالة من استخدام وصف «لبن معدل»، فلا يصح وصفه مثلاً بأنه «لبن طبيعى منخفض الدسم» حينما يتم نزع الدهن منه جزئياً، ولكن لابد من تسميته «لبن معدل الدسم».. ما أحوجنا إلى ضبط المصطلحات فى مجال الغذاء والتغذية بل وفى أمور شتى فى حياتنا تسير على طريقة «أنا لا أكذب ولكنى أتجمل». د. محمد محمود يوسف نائب رئيس الجمعية العلمية للصناعات الغذائية