«أرقام إصابات المصريين بالأمراض القاسية المستعصية كالسرطان.. الكبد الوبائى.. الكلى، ووراءها صف آخر طويل من المصابين بالبلهارسيا.. والضغط.. والقلب.. والسكر.. كلها أمراض مفزعة تنتهي بصاحبها غالباً إلى الموت بعد رحلة علاج مضنية ينفق فيها المواطن المصرى البسيط كل ما يملك.. ولا يعلم هؤلاء أن سبب المرض يكمن فى كوب لبن، أو قطعة لحم، أو سمكة.. أو أى منتج غذائى آخر. أو حتى بسبب نوع رديء من الملابس قدم إلينا من مصادر مجهولة خارج مصر، وهكذا تنوعت الأسباب والحقيقة واحدة وهي أن أمراض المصريين تكمن في الطعام والشراب الذى بات ملوثاً وقاتلاً. «الوفد» تفتح الملف، وتطلق حملة للكشف عن أنواع الأغذية التي تمرض المصريين، بل وتميتهم في كثير من الحالات لتدق ناقوس الخطر أمام كل الجهات المعنية والوزارات هل يقوم بواجبها من أجل حماية حجة المصريين التى هي رأس مال هذا الشعب. إن الهدف من الحملة مساعدة الأجهزة المعنية في القضية على تجار الموت الذين يبيعون السموم للشعب المصرى سعياً وراء الربح الحرام. ألبان أطفال قاتلة بأمر مصانع «بئر السلم» «ألبان مغشوشة فى الأسواق».. تحذير أطلقته وزارة الصحة منذ عدة أيام وراحت الفضائيات تحذر منه، انقلبت الدنيا رأساً على عقب خاصة بعد أن حذرت السلطات الصينية من ألبان أطفال مزودة بمادة الميلامين التي تصيب الرضع بالفشل الكلوى، أي أن أطفال مصر أصبحوا محاصرين بألبان مغشوشة يتم تصنيعها في مصانع بئر السلم، ويقوم أصحاب النفوس الضعيفة بتوزيعها علي الصيدليات التي تقبلها بحثاً عن الربح الأكثر، والأخطر من ذلك أن هناك ألباناً مصنعة في الصين تحتوي علي مادة قاتلة، الكارثة الأكبر من ذلك هي أن هذه الألبان المغشوشة لا يمكن للأم التعرف عليها بسهولة، خاصة أنه يتم تعبئتها في نفس عبوات الألبان المستوردة التي يتم تجميعها من القمامة، وتقوم مصانع بئر السلم بإعادة تعبئتها بمواد تحتوى علي النشا والأرز المطحون، وهو ما قد يؤدى إلي إصابة الأطفال بنزلات معوية حادة كأقل الأضرار، ولكن قد يصل الأمر في بعض الحالات إلي الوفاة ومن ثم يجب أن ينتبه الجميع، فالأمر جد خطير والثمن يدفعه أبناؤنا من حياتهم. أطفال في عمر الزهور، كتب عليهم القدر ضرورة تناول الألبان الصناعية، التي يعاني الآباء لشرائها من الصيدليات مقابل مبالغ تتراوح بين 53 إلى 58 جنيهاً للعبوة الواحدة، ونظراً لتزايد أعداد الأطفال الذين يحتاجون للألبان الصناعية التي دائماً ما تعاني مراكز وزارة الصحة من أزمة طاحنة بها، أغرت هذه الحالة العديد من ذوي الذمم الخربة لغش هذه الألبان، وبيعها للصيدليات علي أنها ألبان مستوردة من الخارج بأسعار تقل عن أسعارها الحقيقية، بزعم أن هذه العبوات قاربت صلاحيتها علي الانتهاء أن الشركات المنتجة أو المستوردة تخفض أسعارها لسرعة توزيعها، ومن ثم تقبل الصيدليات عليها لتحقيق مكاسب أكبر، ولكن الحقيقة غالباً ما تكون غير ذلك، وهو ما كشفته وزارة الصحة من عدة أيام حينما أعلن الدكتور عادل عدوى وزير الصحة والسكان عن ضبط الآلاف من علب ألبان الأطفال الفاسدة، من ماركات عالمية معبأة بهولندا، إضافة إلى 40 طناً من الزبدة والمنتجات الغذائية الفاسدة ومنتهية الصلاحية وغير الصالحة للاستهلاك الآدمى. وأكد «عدوى»، أن هذه الضبطية تأتي كثمرة للتعاون بين وزارتى الصحة والسكان، متمثلة في قطاع الصيدلة ومراقبة الأغذية بالطب الوقائى، ووزارة الداخلية، متمثلة في مباحث التموين والمباحث العامة، والتي أسفرت عن ضبط أربعة مخازن بمنطقة عين شمس بالقاهرة، تحتوى على كميات من الألبان والأغذية الفاسدة. وقد قام فريق من التفتيش الصيدلى بأخذ العينات من الألبان، ومن جميع التشغيلات ومختلف المنتجات الغذائية، وبعد انتقال فريق من النيابة إلي هذه المخازن، أوصى بسحب عينات من المنتجات من خلال الإدارة العامة لمراقبة الأغذية، علي أن يتم تحليلها بالمعامل المركزية لوزارة الصحة والسكان، وتم تحرير محضر بالواقعة حمل رقم 29128 جنح المرج. لم يكن هذا هو التحذير الأول الذي أكد وجود ألبان مغشوشة في الأسواق المصرية، ولكن مباحث التموين بالقاهرة كانت قد تمكنت خلال الفترة الماضية من ضبط 4 أطنان ألبان فاسدة ومغشوشة ومنتهية الصلاحية.. تم ضبطها داخل مصنع غير مرخص بالشرابية، حيث يقوم صاحب المصنع بتجميع الألبان المنتهية الصلاحية ويعيد تعبئتها في عبوات جديدة منسوبة لإحدى الشركات البولندية.. وقد تم التحفظ علي المضبوطات وتولت النيابة التحقيق. وكانت معلومات قد وردت إلى مدير مباحث التموين بالقاهرة بوجود عبوات من ألبان تسبب نزلات معوية للأطفال بعد تناولها تؤدى إلي وفاتهم.. تبين أن وراء انتشار هذه العبوات مصنعاً غير مرخص لإنتاج الألبان بالشرابية حيث يقوم مالكه (40 سنة) بتجميع ألبان الأطفال المنتهية الصلاحية ويعيد تعبئتها في عبوات جديدة، ويقوم ببيعها في الأسواق. والأمر لم يقتصر علي الألبان المغشوشة الموجودة في الأسواق، ولكن تزامن مع ذلك تحذير أطلقته وزارة الصحة الصينية من تأثير حليب الرضع الذي يباع في الأسواق والذي أدى إلى إصابة حوالى 6200 طفل بأمراض مختلفة، منهم 158 طفلاً أصيبوا بفشل كلوى حاد، كما توفى ثلاثة أطفال نتيجة تناولهم ألباناً تستخدم مادة الميلامين السامة التي تدخل في صناعة البلاستيك في تصينعها، وتبين أن هناك 22 شركة صينية تقوم باستخدام هذه المادة في تصنيع ألبان الأطفال لمنحها شكلاً يوحي بأنها مشبعة بالبروتين، وتنتج هذه الشركات 69 نوعاً من الألبان التي يتم تصديرها إلي العديد من دول العالم، ورغم أن وزارة الصحة المصرية نفت استيراد ألبان الأطفال من الصين، فإن المستوردين الذين يستوردون كل شيء رخيص وردىء من الصين لن يثنيهم عن عزمهم شيء في سبيل تحقيق المزيد من الأرباح، هكذا أصبح أطفالنا محاصرين ما بين ألبان مصنعة محلياً رديئة الصنع وغير مطابقة للمواصفات، وبين ألبان مستوردة قد تصيبهم بأخطر الأمراض بل قد يؤدى الأمر للوفاة. العلب في القمامة كشفت جولة «الوفد» في مناطق تجميع القمامة عن كارثة صحية خطيرة وهي وجود آلاف من عبوات الألبان ملقاة في القمامة وهي ما تستفيد منه مصانع بئر السلم، حيث يقومون بشراء هذه العبوات من مقالب القمامة مقابل أسعار زهيدة ويقومون بإعادة تعبئتها وتغليفها وبيعها للصيدليات علي أنها مستوردة من الخارج، والمسألة سهلة جداً حيث يقوم جامعو القمامة بتصنيف المخلفات التي تصل إليهم، البلاستيك في ناحية والأوراق في جهة أخرى، والقمامة العضوية في جهة ثالثة، أما أخطر ما يتم جمعه الصفيح الذي يقوم أحد المتعهدين ببيعه، وهي عملية منظمة ومعلومة لدي جامعي القمامة ومسئولي الفرز، ورغم أن محمد إبراهيم مسئول تقطيع الصفيح في أحد مستودعات جمع الصفيح بالمعتمدية أكد لنا أن الصفيح يتم تجميعه في هذا المكان ويقوم هو بفتحه علي المقص المخصص لهذا الغرض، ثم يتم فرده وتجميعه وفقاً لمقاس العبوة ويباع لمصانع تعيد تصنيعه مرة أخري كعلب تعبأ فيها البويات، أما الأجزاء الصغيرة التي تنتج عن عملية التقطيع فيتم تصديرها بآلات للصين، حيث يتم استخدامه في صناعة حديد التسليح، وسألناه هل يمكن لأحد شراء أي عبوات كاملة منكم؟ قال الأمر يرجع لصاحب المكان فأنا مجرد عامل علي مقص التقطيع، أما إذا أراد أي شخص شراء أي علب فيمكنه التفاوض مع صاحب المقلب ولن يرفض. إذن، الفرصة سائحة أمام أى شخص يستطيع التوجه إلي مقالب القمامة وشراء أى كمية من العبوات مقابل مبلغ زهيد وبعد غسلها وتنظيفها تأتي عملية التعبئة، حيث تقوم مصانع بئر السلم بإعداد خليط من النشا والأرز المطحون والدقيق وهذه المكونات تؤذى الطفل وفقاً لما قاله الدكتور أحمد سعيد يونس، أستاذ طب الأطفال رئيس جمعية أصدقاء لبن الأم، مشيراً إلي تعرض الجهاز الهضمى للطفل إلى صدمة بسبب تناوله أغذية لا يجب ألا يتناولها في أشهر عمره الأولى، مما قد يؤدى إلى إصابته بالانتفاخ والقىء والإسهال أو الإمساك، بالإضافة إلى عدم استفادة الطفل من اللبن وهذا يظهر في عدم زيادة وزنه، وأضاف أن الأم لا يمكنها التعرف علي الألبان المغشوشة بسبب تعبئتها في نفس العبوات الأصلية التي تشتريها الأم دائماً، ومن هنا يجب عليها أن تشترى عبوات الألبان من صيدليات موثوق فيها، والأفضل دائماً هو الاعتماد على لبن الأم خاصة في الستة أشهر الأولى من عمر الطفل، والبعد عن الألبان الصناعية، أما إذا تطلب الأمر استخدام لبن صناعى فلابد من شرائه من مكان موثوق فيه. أما الدكتورة شيرين عبدالحميد شلبى، أستاذ طب الأطفال بجامعة قناة السويس، فتذهب لأبعد من ذلك، مؤكدة أن استخدام مثل هذه الألبان المغشوشة قد تحتوي علي مواد تسبب وفاة الطفل، خاصة أن ألبان الأطفال الرضع تختلف حسب حالة الطفل وسنه ووزنه، وأى خلل في تركيبة اللبن الذي يستخدمه الطفل قد تؤدى إلي الوفاة، فهناك أطفال يولدون ولديهم نقص في هرمونات معينة ومن ثم يحتاجون إلى تركيبات محددة في اللبن لتعويض هذا النقص، وعدم وجود هذه المكونات في اللبن قد يؤدى إلي وفاة الطفل، مثل مادة لكتوز ألترا فرى الموجودة في بعض أنواع الألبان، فعدم وجودها يؤدى إلي إصابة الطفل بالإسهال حتي الجفاف والموت. وألقت الدكتورة شيرين بالكرة في ملعب الصيدليات والشركات التي يجب عليها أن تكون أكثر حرصاً علي صحة الأطفال، ولا يغريها الربح الكبير لشراء ألبان لشراء ألبان رخيصة السعر، وعلي الشركات المنتجة سحب عينات من منتجاتها الموجودة في الأسواق للتأكد من سلامتها، فالأسرة لا يمكنها التعرف على هذه الألبان المغشوشة بنفسها، لذلك فالأمر يحتاج إلى يقظة من الشركات المنتجة والصيدليات التي تبيع هذه الألبان. جبن ب«زهرة الغسيل» وبودرة السيراميك فى الأسواق الآن منتجات ألبان غير صالحة للاستهلاك الآدمى، تباع بأسعار منخفضة جداً، يدعى بائعوها أنهم يحاربون الغلاء ويبيعون بسعر التكلفة، إلا أن الحقيقة التي كشفتها الضبطيات المتوالية لهذه المنتجات أنها تصنع باستخدام مواد خطيرة كبودرة السيراميك والفورمالين وزهرة الغسيل، وكلها مواد ضارة قد تؤدى إلي إصابة الإنسان بأمراض السرطان والفشل الكبدى، هذه المنتجات من زبد وجبن وزبادى مجهولة المصدر منتشرة في الأسواق الشعبية، ويقبل المواطنون علي شرائها بعد أن حال الغلاء بينهم وبين ما يشتهون من سلع صالحة للاستخدام الآدمى، ونتيجة لقلة ذات اليد لم يجد هؤلاء الفقراء أمامهم سوى شراء هذه المنتجات الرخيصة السعر لسد جوع أبنائهم، إلا أن الخبراء أكدوا أن عواقب استهلاك مثل هذه المنتجات ستكون وخيمة، وقد يدفع المواطنون ثمناً من صحتهم وأرواحهم. «لو كان الفقر رجلاً لقتلته».. جملة قالها الإمام علي بن أبي طالب منذ زمن بعيد، وها هو الفقر الذي لم يستطع أحد قتله، يقتل آلاف المصريين كل يوم، يدفعون أرواحهم ثمناً لأشياء يأكلونها لتسد رمقهم، ولكن الموت كامن فيها، أشياء غير صالحة للاستهلاك الآدمى، ومع علم بعضهم بذلك إلا أنهم يأكلونها مضطرين، فالجنيهات القليلة التي يحصلون عليها لا تستطيع شراء المنتجات الغالية، وبالتالى لم يجد فقراء مصر أمامهم سوى هذه المنتجات الرخيصة التي يشترونها من أسواقهم التي غابت عنها الرقابة تماماً، ليتناولوها عملاً بالوهم السائد أن «معدة المصريين تهضم الزلط»، ومن هنا انتشرت في الأسواق منتجات ألبان غير معلومة المصدر، تباع في الأسواق الشعبية علي عربات مكشوفة أو مغطاة بكيس بلاستيك مقطوع في معظم الأحيان، لا يحمي ما تحته من الذباب ولا الأتربة والجراثيم المنتشرة في الجو، وقد أكدت الدراسات خطورة هذه الأنواع من منتجات الألبان التي تبين أن مصنعيها يستخدمون مواد ضارة في تصنيعها، وهو ما حذرت منه الغرفة التجارية بمحافظة الشرقية في دراسة لها حول أسواق الألبان، حيث أكدت وجود منتجات ألبان وأجبان فاسدة يتم تداولها بالأسواق، ويتم تصنيعها من ألبان مغشوشة أو من شرش اللبن -منزوعة الدسم- ومستبدلة بدهن نباتي ومضاف إليها مواد ضارة لحفظها مثل الصودا الكاوية وزهرة الغسيل والأكسجين والفورمالين لإكسابها القوام المميز. وأشارت الدراسة إلي أن الدليل الذي لا يقبل الشك في الغش الذي تمارسه هذه المعامل هو ذلك السعر الزهيد الذي تباع به هذه المنتجات، والذي يصل إلى ستة جنيهات للكيلو جرام، فالأمر لا يقتصر علي الإخلال بالمواصفات الفنية الواجب توافرها، وإنما «الكارثة» تكمن في مثل هذه الإضافات الضارة بالصحة، فكيلو الجبن الطبيعي والصحي يستهلك ما لا يقل عن 4 كيلو من اللبن السائل لا يقل سعر بيعها جملة بالحد الأدنى عن 10 جنيهات، وأكدت الدراسة أن الهدف الرئيسى من وراء استخدام هذه الخامات الرديئة وغير الصحية هو خفض التكاليف بأي شكل من أجل الربح. وأشارت الدراسة إلي أنه مع الإقبال على استهلاك الألبان عاماً بعد آخر، انتشرت معامل إنتاج الألبان الصغيرة وزادت محلات بيع الألبان، وطالبت بضرورة وضع قواعد أكثر صرامة وفرض الرقابة علي هذه المعامل بصورة أشد، حيث تلاحظ وجود الكثير منها غير المرخص كما توجد الكثير من المنتجات المغشوشة المتداولة في السوق وانتقدت الدراسة فشل الدولة بكل أجهزتها الرقابية المتضخمة في أعداد موظفيها لمهاجمة تلك السلع الغذائية الضارة وضبط من يقف وراء ترويجها. وأوضحت الدراسة أن حجم الألبان المصنعة في السوق المصرية يتراوح ما بين 10٪ و20٪ من إجمالي الألبان التي يتم تداولها، بينما تبلغ نسبة اللبن الذي يتم تداوله بشكل غير منظم بواسطة الأفراد.. ويصل للمواطن «على باب البيت» من 80 إلى 90٪ من الألبان. ووجهت الدراسة النظر إلي أهمية إنشاء مراكز تجميع اللبن علي مستوي القرى، لتتم بسترته ثم ينقل إلي المصانع، وهي مهمة تتطلب دخول شركات عملاقة في هذا المجال والذي يجب دعمه من الدولة لجذب المستثمرين، إلا أن مثل هذه الدعوات لم تلق قبولاً لا من المستثمرين ولا الأفراد الذين يقبلون علي شراء منتجات الألبان مجهولة المصدر نظراً لانخفاض أسعارها. وقد كشفت التقارير المختلفة عن وجود ما يقرب من 12 ألف بائع ألبان متجول في شوارع العاصمة وحدها دون رقابة علي ما يبيعون من منتجات، أيضاً فقد حذرت التقارير من أن 55٪ من الألبان التي تباع في الأسواق مشكوك في سلامتها، وإذا كان الحال كذلك في العاصمة التي يوجد بها المقر الرئيسى لوزارات الصحة والتموين والصناعة وجمعيات حماية المستهلك وغيرها من الجهات الرقابية، فما بالنا بالمحافظات البعيدة عن أعين الرقابة وعينها، ويكفي أن نذكر أن مديرية التموين بالقليوبية بالتنسيق مع مباحث التموين والصحة والرقابة تمكنت من ضبط 32 طن لبن مغشوش مجهز لتوزيعه علي محلات الألبان بشبرا الخيمة داخل 4 معامل لتصنيع الألبان ومنتجاته بدون ترخيص بقرية كوم أشفين بمركز قليوب، حيث استخدم أصحابها مواد كيماوية خطرة في عمليات التصنيع، حيث تم عمل عدة محاضر، ضد كل من «على. أ. ر» صاحب معمل إنتاج ألبان مجنسة بشارع البوستة بقرية كوم أشفين تابع لمركز شرطة قليوب وتحرر ضده المحضر رقم 21890، و«هانى. ج. ع» مسئول معمل لتصنيع الألبان الخطرة علي الصحة وتحرر محضر رقم 21889، و«محمد. إ. ج» صاحب معمل لإنتاج الزبادى والقشطة المجنسة وتحرر ضده المحضر رقم 21888، و«جمال. ح. إ» صاحب معمل لتصنيع الألبان المجنسة تحرر ضده المحضر رقم 2189، وكانت البلاغات قد انهالت علي مديرية التموين بالقليوبية من أهالي القرية بوجود معامل ومصانع لتصنيع الألبان المغشوشة باستخدام الدهن النباتي وألبان البودرة ومواد كيماوية مجهولة المصدر ومبيض ألوان، فتمت مداهمة المعامل والتحفظ على كمية ألبان مغشوشة تزن 32 طناً داخل أقساط الألبان قبل توزيعها وبيعها علي محلات الألبان، كما تم ضبط 25 كرتونة دهن نباتي وعبوات قشطة وكميات كبيرة من الزبادى المصنع من الألبان المجنسة وعدد من الخلاطات وفناطيس المياه، وتم أخذ العينات المناسبة وإرسالها للمعامل المركزية بوزارة الصحة. حرام شرعاً جدير بالذكر أن قضية الألبان المجنسة كانت قد ظهرت في مصر منذ عدة سنوات وتزايدت في السنوات الأخيرة خاصة بعد ثورة 25 يناير وانعدام الرقابة علي الأسواق، حيث يقوم المصنعون بإضافة مواد كيميائية كسماد اليوريا وبودرة السيراميك للألبان لمضاعفة كميتها، وهو ما دفع الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية -وقتها- إلي إصدار فتوي شرعية أكد فيها أن أية إضافات إلي الألبان المعدة للبيع يعد من الغش المحرم شرعاً، وأنه لا يجوز أن يضاف إلي اللبن أي مواد خارجة عن أصله تؤدى إلي تغيير في مركباته الطبيعية سواء أكانت هذه المواد ضارة بالصحة أم لا، وذلك مصداقاً لقوله صلي الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا» ورغم هذا فمازالت معامل إنتاج الألبان تقوم بغشه بالماء وبمواد كيميائية وتقوم بتصنيع جبن ومنتجات أخرى منه، وهو ما يؤدى إلي الفتك بصحة المصريين. مخاطر الألبان المجنسة ورغم أن مصطلح الألبان المجنسة هو مصطلح علمي يقصد به تفتت حبيبات الدهن في اللبن إلي جزئيات متناهية الصغر مكوناً مما يسمي القشدة السائبة، إلا أن المعني الدارج لهذا المصطلح يعني إضافة مواد كيميائية ضارة إلي الألبان لتقليل تكلفة الإنتاج. ولهذه الألبان أضرار خطيرة علي الإنسان وفقاً لما قاله الدكتور خميس محمد كامل، أستاذ ورئيس قسم تكنولوجيا الألبان بكلية الزراعة جامعة المنوفية، حيث إن إضافة مادة مثل الفورمالين إلي الألبان تؤثر على الجهاز العصبى المركزى للإنسان، كما أن إضافة مواد مثل بودرة السيراميك للألبان تؤثر علي الجهاز الهضمى، أما إضافة نترات الصوديوم أو البوتاسيوم للألبان والتي تستخدم كمواد حافظة فقد تؤدى إلي الإصابة بالسرطان. أما الدكتور فوزى الشوبكى، أستاذ التغذية بالمركز القومي للبحوث، فيرى أن مصر تعاني من فوضى في تصنيع الأغذية بشكل عام في ظل غياب الرقابة الحكومية، سواء في تصنيع الخضراوات أو الفواكه أو اللحوم أو المشروبات وحتي المخبوزات، وبالطبع الألبان، حيث تصنع هذه المنتجات في بيئة تفتقر لمعايير السلامة، ولا تخضع لأي رقابة من وزارتى الصحة والتموين، ومن هنا تخرج هذه الصناعات غير مطابقة للمواصفات التي تضعها الهيئات العالمية كمنظمة الصحة والأغذية، أو حتى المواصفات المحلية التي تنص علي خلو الصناعات الغذائية من الملوثات الميكروبية أو العضوية وغيرها. ويصنف الدكتور «الشوبكى» الملوثات الميكروبية إلى بكتيريا ضارة يمكن أن تؤدى إلي إصابة الإنسان بالنزلات المعوية، وتعتبر اللحوم من أكثر المواد التي تتأثر بهذا النوع من البكتيريا، كذلك هناك الملوثات العضوية التي تتأثر بها الخضراوات والفاكهة، التي يتم رشها بالمبيدات ولا ينتظر حتي يتخلص النبات من تأثيرها الضار، وكلها تحتوى علي مواد مسرطنة، كذلك هناك ملوثات غير عضوية مثل المعادن الثقيلة كالزرنيخ والزنك والنحاس، وتنتقل للأطعمة أثناء عملية التصنيع من خلال الأوانى الملوثة، وتتساوى في ذلك جميع المصنعات الغذائية بما فيها الألبان، والتي تتعرض لعمليات غش أكثر تبدأ بخلطه بالماء، وبالتالى لا يحصل الإنسان علي فوائد اللبن كاملة، كذلك هناك مشكلة التلوث بأنواع عديدة من الميكروبات كالسيمونيلا والايكولاي والشيوديلا وكلها تؤدى إلي الإصابات بالنزلات المعوية والحمي وأعراضها الإسهال وارتفاع درجة الحرارة، مما يعرض حياة الإنسان للخطر، هذا بالإضاة إلى مادة الفورمالين التي تستخدم لحفظ الأنسجة الميتة، ويقوم الباعة بإضافتها للألبان للمحافظة عليها، إلا أنها قد تؤدى إلى إصابة الإنسان بأضرار بالغة. من يحمى المصريين؟ وفي ظل الرقابة الغائبة هل يمكن لجهاز حماية المستهلك القيام بدور يعبر عن اسمه، ويحمي المصريين من هذه منتجات الألبان غير الصالحة للاستهلاك الآدمى؟ تجيب عن هذا التساؤل الدكتورة سعاد الديب، نائب رئيس الجهاز، مشيرة إلى أن مسئولية معامل الألبان تتبع الجهات الحكومية مثل التموين والصحة، فهذه الجهات هي المنوط بها مراقبة هذه المصانع، ولكن المشكلة التى تشير إليها «سعاد» هي مصانع بئر السلم التي يصعب التوصل إليها ولا تخضع لأي رقابة، حيث إن الرقابة تتم علي المصانع الكبرى، أما الصغرى فلا توجد عليها رقابة، لذلك لابد من توعية المواطنين من خطورة شراء مثل هذه المنتجات مجهولة المصدر، ولابد أن يتم الشراء من أماكن موثوق فيها لا تتعامل مع مثل هذه المصانع التي لا توجد عليها رقابة. ووفقاً للمادة السادسة من القانون رقم 10 لسنة 1952 المعروف بقانون الغش التجارى فتعتبر المادة مغشوشة إذا نزع كلياً أو جزئياً أحد عناصرها، وتصل عقوبة الغش التجارى وفقاً للدكتورة سعاد للحبس والغرامة، ويقرها قانون حماية المستهلك رقم 67 لسنة 2006 بالغرامة التي تتراوح بين 5 آلاف جنيه و100 ألف جنيه، وتتضاعف العقوبة في حالة تكرار الجريمة، وفي حالة وقوع إصابات بين البشر جراء تناول هذه المنتجات الفاسدة تكيف الجريمة علي أنها جناية، ولكن المشكلة أن الوصول لهذه المعامل حتي يمكن تطبيق القانون عليها مهمة شاقة للغاية.