جاء قرار الرئيس محمد مرسي بإنشاء ديوان المظالم لانصاف واستيعاب هذه الاعداد الكبيرة التي باتت تطالبه بحل مشكلاتها, وأصبح أمل المواطن المكروب أن يجد حل مشكلته بين يوم وليلة من خلال هذا الديوان. والذي بدأ في قصر العروبة وقصر عابدين, واستقبال نحو30 ألف شكوي بعد أسبوعين فقط من إنشائه, غير أن الكثيرين يرون أن مجرد إنشاء ديوان المظالم لن يكون ذا جدوي لأن القضية هنا في آليات التنفيذ, وضمانات الحسم في المشكلات دون انتظار تسويقات الهيئات والمؤسسات. بداية تؤكد الدكتورة آية ماهر أستاذ الموارد البشرية أن القضية الاساسية هناك هي عملية الحسم, وليس مجرد الرد, فيجب أن تكون لدي إدارة الديوان امكانيات واسعة لاتخاذ القرار بعد التأكد من حق صاحب الشكوي المتضرر, فالقضية هنا هي معيار تقييم أداء العاملين بالمؤسسات الخدمية العامة وتعاملهم مع المواطنين سواء بالوزارات أو مجلس الوزراء أو حتي مؤسسة الرئاسة, ويكون تقييم مكتبة المظالم أو مكتب الشكاوي خاضعا لرقابة تكشف مستوي الخدمة في كل منها, ودرجة الاهتمام بالرد خلال أيام أو أسابيع علي شكوي المواطن, وتقييم مدي الاستجابة لحل المشكلات الحقيقية حتي لا تفقد المصداقية لدي المواطن, ولا تكتفي بذلك فإن هناك الشكاوي من الظروف القاسية, والصعبة لدي المواطنين تطرحها الصحافة ووسائل الإعلام يوميا يجب أن تضاف إلي ديوان المظالم لأن الكثيرين قد لا يملكون السفر إلي القاهرة لديوان المظالم أو الاتصال به بينما الصحفيون والاعلاميون يكشفون مواطن المشكلات للمواطنين في وسائل الإعلام والصحف, مع التقييم المباشر والمستقل في مختلف الجهات للإداء بداخلها مراقبة ديوان المظالم لمستوي الخدمة, فالعبرة هنا ليست حل مشكلات أفراد أو جماعات من خلال ديوان المظالم, بل محاسبة الجهات المسئولة عن هذه المشكلات, والتأكد من مدي مسئوليتها عن إهمال مصلحة المواطن, بل ترتبط المرتبات والحوافز للعاملين بها بمستوي الأداء, فليس معقولا أن يكون الموظف أو المسئول جالسا في موقعه ولا يحاسبه أحد عن إهماله أو اخطائه لأنه موجود لهذا العمل, فليس هذا العمل مصلحة خاصة به, ولكنه مصلحة عامة للمواطنين, فيكون هذا المعيار هو سبب استمرار أو اقالة الموظف أو رئيسه. وأضافت أستاذة الموارد البشرية بالجامعة الأمريكية أن أي فرد يستطيع أن يقول إن عدم وجود آليات لتنفيذ نشاط ديوان المظالم يحوله إلي مجرد مكتب بريد أو مراسلات باحالة الشكاوي إلي المشكو في حقهم, وانتظار الرد, فتكون النتيجة أن يحاول هؤلاء إيجاد أو اختلاق المعوقات أمام مصلحة المتضرر أو المواطن, فليس هناك من سيقول أنه المحطيء, وأن المواطن لديه حق ضده, ذلك أن المتوقع أن ديوان المظالم لن يحسم المشكلات مباشرة دون مخاطبة جهات أخري أو مؤسسات, وهذا يضييع الوقت, ولن يحسم أي مشكلة حقيقية, ذلك فإن القيادة الجديدة في مصر يجب أن تضع المواطن ومشكلاته معيارا لاختيار أو استمرار المسئول, فلابد من تحسين أحوال المواطن والعاملين معيشيا وماديا حتي يكون الجميع حريصا علي حل المشكلات ومصلحة البلد ولأن أي مسئول لا يملك عصا سحرية ليحل جميع المشكلات المستمرة منذ سنوات طويلة, وفي الوقت نفسه يجب أن نغير الثقافة المجتمعية لدينا في إدارة مؤسساتنا حتي لا تكون السلبية والتسويق عنوانا لكل الخدمات والأعمال. ويلفت الدكتور رشاد عبده أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الانتباه إلي أنه من الملاحظ في هذه الفترة ومنذ تشكيل ديوان المظالم فإن الشكاوي الأساسية تنصب علي المساعدات المادية بعد أن بلغت حالة الفقر الشديد أكثر من40% فالأسر لم تعد قادرة علي ملاحقة الأسعار الخيالية مع انخفاض شديد في دخلها وإصابة العائل أو أحد أفرادها بمرض يستنزف كل ما تملك من إمكانات فلا الدولة توفر لهم أساسيات المعيشة ولا المجتمع برحمهم, وهذه الفئة يجب أن تجد قلبا رحيما وإنقاذا سريعا من الرئيس مرسي من خلال ديوان المظالم لأنها مطحونة بالفعل ويمكن ذلك من خلال تشغيل أحد أفرادها أو اعطائها الحد الأدني من الضمان الاجتماعي الذي يقيم حياتها حتي علي الخبز فقط, فالشكاوي التي تعدت30 ألفا بلغت حالات الشكوي فيها من سوء العلاج أو طلب العلاج علي نفقة الدولة نحو20% مما يعني أنها حالات مستعصية تحتاج إمكانات كبري فكانت هذه الشريحة تعتمد علي أعضاء مجلس الشعب وعلي أساس المعرفة المباشرة للتوسط في توفير العلاج علي نفقة الدولة والآن الأعضاء غير معروفين لأنهم أتوا بالقائمة من أماكن لا تتبع دائرة هؤلاء البسطاء فأصبح ديوان المظالم وسور رئاسة الجمهورية, أملهم الوحيد. وأضاف الدكتور رشاد عبده أن مؤشرات الأداء بديوان المظالم تعتمد علي90 موظفا فقط لتلقي الشكاوي علي مستوي الجمهورية في حين أن هناك نحو20 مليون مظلمة علي رأسها البطالة التي تعدت لأول مرة31 مليونا من العاطلين الذين لا أمل لهم في عمل أو مستقبل مع ضيق الحياة نتيجة سوء الادارة والتوزيع والامكانات المهدرة, وتزداد المشكلة سوءا اذا عرفنا أن هناك نحو24 جهة وهيئة حكومية في مصر منوطة بهذه الشكاوي أي أنه يستحيل البت فيها مهما قيل عن سرعة الانجاز ما لم يكن لهذه الهيئات دور أساسي في الحل السريع أي أن هذه الجهات كلها مطالبة بتخصيص ديوان شبيه لديوان المظالم لسرعة الحسن والرد عليه وشدد الدكتور رشاد عبده إلي أن موعد الانتهاء من الرد علي الشكوي وتحديده في أسبوع يشكك في إمكانية إنجاز معظم المشكلات المعروضة لأن بعضها بالتأكيد يحتاج وقتا لأن هناك مشكلات تحتاج جهد جهات مختلفة, لذلك فإن المشكلات المعروضة خاصة المستعصية مثل فرص العمل وتوفير السكن لملايين الشباب والمواطنين, كما أن هناك أجهزة رقابة تحتاج لتفعيل دورها ويمكنها أن تحل50% من مشكلات المواطن الخاصة بالحقوق والفساد والرشوة والتسيب مثل النيابة الادارية, والرقابة الادارية, وهناك لجان التوفيق بالمنازعات, وإدارة التفتيش والمتابعة بالتنمية المحلية, وأن قانون النيابة الادارية الحالي ضعيف ولا يساعد علي مكافحة الفساد لأنه عندما تفصل النيابة الادارية في قضية تنتهي فيها إلي ارسال نتيجة التحقيق والحكم الي رئيس المصلحة الذي يكون خصما أو طرفا في القضية, وتترك المهمة لهذه الجهة للأخذ بالحكم أو إهماله وتكون النتيجة المؤكدة أن المظلوم يتعرض لمزيد من الظلم وإضاعة الحق, لذلك فإن هناك أهمية كبري لإعادة وتعديل القوانين المعيقة لأداء الأجهزة الرقابية, وحتي لا تقع هذه الأجهزة تحت نظام حكومي فاسد من تقارير خاطئة لا تصور الواقع وحتي يكون أمل الناس حقيقيا في الرئيس محمد مرسي لانقاذهم من كل المظالم. ويري الدكتور عبد المنعم الجميعي أستاذ التاريخ الحديث بجامعة الفيوم أن هناك أهمية قصوي بأن تكون تبعية جهاز ديوان المظالم للرئيس وتحتاج أن يكون في مستوي الرئاسة بمعني سرعة وحسم القرار وإنصاف المظلوم أو تعويض وإلزام الجهات المختلفة بقراراته لأن التنفيذ هو الفيصل في عصر الديمقراطية والعدالة, ولكن كيف يعمل هذا الجهاز وما هي أدواته ومناهجه لتحقيق العدالة؟ فهو يحتاج للحسم في مواجهة المشكلات خاصة العامة مثل أزمات الغاز ومياه الشرب وتجاوزات بعض الأجهزة الأمنية ضد بعض الأفراد. فإذا كان لدي الرئيس القدرة نجح هذا الديوان وحل مشكلات كثيرة لأن هناك صعوبات تحتاج قرارا أعلي لفك الاشتباك بين الأجهزة, فضلا عن تخطي بيروقراطية الموظفين والمسئولين الذين لا يهمهم المواطن, ومع ذلك يمكن إشراك العمل الوطني التطوعي من أبناء الثورة والأحزاب والمجتمع المدني لتفعيل وتنفيذ قرارات الديوان ورفع المظالم. كما يمكن الاستعانة بالمتخصصين بالجامعات لوضع خطط وآلية حركة الأداء بين تلقي الشكاوي وفحصها والبت فيها مباشرة لتحقيق الهدف المنشود والمعلن عنه بإزالة أسباب الشكوي خلال أيام تكون أسبوعا أو أكثر حسب ظروف الشكوي.