* الحكومة والبرلمان يبحثان مشروع قانون للتصدى للظاهرة * جهاز التفتيش الفنى: لدينا سلطة الضبطية القضائية.. ولا نملك حق الإزالة * وكيل «لجنة الإسكان بالنواب» : لن تتم مصادرة أى ملكيات للأفراد * خبراء التخطيط العمرانى : القانون يجب أن يتضمن عدم التصالح فى مخالفات تشكل خطرا على الأرواح
ليست المرة الأولى التى تبوح فيها الثروة العقارية فى مصر بأوجاعها .. فما بين انهيارات مبان وانعدام الصيانة ، وعدم تنفيذ قرارات الازالة . تاهت مشكلات جسيمة تتعلق بالثروة العقارية فى مصر . وعلى مدى ثلاث حلقات نتناول مشكلة العقارات ، و نرصد حجم مخالفات المبانى و كيفية تصدى الحكومة والبرلمان لها . الارقام لا تكذب ولا تتجمل ، ومن خلال المعايشة الكاملة للاحوال ننقل الصورة على ارض الواقع لنكتشف أنها تمثل نموذجا صارخا لمدى الإهدار الذى تتعرض له ثروتنا العقارية التى تبحث عن الحماية ، ثم نجيب عن التساؤل الأهم ، هل ينهى قانون البناء الموحد المشكلة ؟ والإجابة لدى الحكومة ومجلس النواب: يوما بعد يوم، تشير الأرقام والإحصائيات إلى ارتفاع معدلات مخالفات البناء فى مصر، مئات الآلاف من المبانى المخالفة للارتفاعات، تنوعت بين مبان بدون ترخيص وأدوار مخالفة للمرخص به ومخالفة لشروط الترخيص أو البناء على أملاك الدولة وأخري أنشئت بالتعدى على خطوط التنظيم، فضلا عن مخالفات جسيمة ترتكب منذ عشرات السنين فى جميع محافظات مصر وقرارات إزالة لا تنفذ. القراءة المتأنية للتقرير والإحصائيات التى أصدرتها وزارة التنمية المحلية أخيرا عن مخالفات البناء فى أرض المحروسة فى الفترة من يناير عام 2000 حتى سبتمبر 2017 تكشف عن حجم المشكلة، حيث بلغ إجمالى عدد المبانى المخالفة فى جميع محافظات مصر 2 مليون و878 ألف عقار، وعدد قرارات الإزالة الصادرة 2 مليون و644 ألفاً و222 قراراً، تم تنفيذ 633406 منها، والحالات المتبقية نحو 2مليون.
وتتصدر محافظة الشرقية القائمة فى المبانى المخالفة بنسبة 18.37% تليها محافظة البحيرة ب 10.94% بينما تحتل محافظة الجيزة الترتيب الأول فى مخالفات البناء بأدوار مخالفة ب 25% أما محافظة القاهرة فتحتل الترتيب الأول فى البناء بالمخالفة لشروط الترخيص ب 17.78 % وتتصدر القليوبيةالمحافظات التى بها مبانٍ مخالفة خط التنظيم بنسبة 37،36% أما فى محافظة الإسكندرية، فعدد المبانى المخالفة 137727،ويوضح التقرير أن محافظات الصعيد تقترب نسب المخالفات بينها لتتراوح ما بين 3% و 5%. واقل المحافظات فى مخالفات البناء الوادى الجديدو جنوبسيناء وشمال سيناء والبحر الأحمر والسويس وأسوان والأقصر بنسب لا تتعدى 1% فى معظم المخالفات. هذه الأرقام تعبر بوضوح عن حجم المشكلة التى تواجهها الثروة العقارية، ورغم الجهود التى تبذل لوضع حد لهذه التجاوزات، تزداد المطالب بضرورة وضع تشريعات حاسمة لمواجهة هذه الكارثة وتوعية الرأى العام بخطورتها..وهناك ضغوط كثيرة تعرضت لها وزارة الإسكان من المحافظات من أجل تعديل قانون البناء الموحد ليستطيع التعامل مع مخالفات البناء،حيث كان القانون القديم لا يتيح سوى الإزالة ولا يسمح بالتصالح، وتشكلت لجنة لتعديل قانون البناء الموحد وانتهت من تعديل ما يقرب من 15 مادة وتقدمت الحكومة بمشروع للتعديلات وقدمت لجنة الإسكان بمجلس النواب مشروعاً آخر، فقانون البناء رقم 119 لسنة 2008 من أهم القوانين التى شهدت جدلا مستمرا فى الفترة الأخيرة لوضع إطار قانونى يوضح كيف ستتعامل الدولة مع مخالفات البناء. والسؤال الذى يفرض نفسه: لماذا يخالف البعض القانون؟ وهل «فساد المحليات» السبب؟ أم أن الحكومات المتعاقبة تتحمل مسئولية هذه المخالفات بسبب تعديل القوانين والقواعد المنظمة لعملية البناء على فترات متقاربة وتسببت فى مخالفات وصلت إلى الملايين فى حالة غير مسبوقة فى اى دولة متقدمة؟ وقف المخالفات يوضح الدكتور أحمد فرحات، رئيس جهاز التفتيش الفنى على أعمال البناء بوزارة الإسكان، أن هناك عقارات آيلة للسقوط وهى التى تمثل خطورة داهمة على العقار نفسه وقاطنيه والمارة بالشوارع المجاورة نظرا لوجود مشكلات إنشائية بها وقد لا تكون بها مشكلات إنشائية تمثل اى خطورة، أما العقارات المخالفة فهى التى تم إنشاؤها أو تعليتها بدون ترخيص أو خالفت شروط الترخيص من حيث المسطحات والرسوم أو المنشآت التى تجاوزت خطوط التنظيم أو التى تم إنشاؤها على ملكيات عامة. . والجهاز له دور محدد بالقرار الجمهورى رقم 29 لعام 1993 يتمثل فى الرقابة على أعمال البناء والتفتيش الفنى والمتابعة على الجهات الإدارية ولديه سلطة الضبطية القضائية لكى يتمكن المفتشون من دخول أى عقار لمعاينته دون أن يمنعهم أى شخص أو جهة وكذلك دخول الجهات الإدارية المسئولة عن إصدار تراخيص وهدم المبانى وإزالة المخالفات دون أن يعوق أى شخص دخولهم وتفتيشهم على هذه الجهات وفحص ومصادرة ما فيها من مستندات وأوراق تخص المبانى وتراخيص إصدارها وينحصر دور جهاز التفتيش فى تحديد سبب المشكلة ولا يمتد دوره إلى إزالة العقارات المخالفة، بل يبلغو الحى ثم المحافظة ثم التنمية المحلية.
وحول كيفية مواجهة التجاوزات فى مخالفات البناء يري رئيس الجهاز أن القانون رقم 119 لسنة 2008 الذى يخضع لتعديلات بمجلس النواب فى المرحلة الراهنة يتضمن تشريعا خاصا لمواجهة المخالفات الجديدة التى قد تحدث بعد صدوره من أجل وقف المخالفات بشكل رادع والقضاء على ظاهرة مخالفات المباني، وسيزيد حصة الدولة من قيمة التصالح في مخالفات البناء، التى من المتوقع أن تصل الى 300 مليار جنيه، ولكننا ننتظر إعلان القيم والآليات التى سيطبق بها القانون من أجل إعلان الحصيلة النهائية لمشروعه. لسنا دولة مصادرات أكد المهندس يسرى المغازي، وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، أن اللجنة تعكف حاليا على دراسة مشروع القانون الذى قدمته الحكومة الخاص بالتعديلات على القانون 119 لسنة 2008 بشأن التصالح فى بعض مخالفات البناء، وجاء ذلك فى إطار وضع حلول قانونية وعملية نهائية لمشكلة مخالفات البناء التى أصبحت ظاهرة ووضع حل سريع لمشكلة تكدس القضايا الناشئة عن تلك الظاهرة ودمجه مع مشروع آخر أعدته لجنة الإسكان بهدف الوصول لأفضل صيغة لمصلحة الدولة والمواطن ومنع تكرار هذه التجاوزات فى المستقبل. وأوضح أن ما أثير حول مصادرة الأدوار المخالفة بحكم قضائى وإسنادها للجهة الإدارية للتصرف فيها كان مجرد أفكار مطروحة للنقاش، ولن يتم الأخذ بها لأننا لسنا دولة مصادرات ولن يتم نزع أو مصادرة اى ملكيات للأفراد بحكم قضائى ، وأن الشروط التى ستطبق علي التصالح فى مخالفات البناء ستراعى الصالح العام ، بل أنه سيتم إدراج مخالفات أماكن إيواء السيارات التى تحولت إلى سكن للتصالح فى مشروع القانون وفق المعايير التى ستضعها اللجان المختصة، وسيتم وضع ضوابط ومعايير ثابتة لن تتغير وتغليظ العقوبات على أي مخالفات جديدة وستطبق بكل حسم وقوة، مشيراإلى ان إقرار تعديلات قانون البناء سيتم فى دور الانعقاد الحالى للبرلمان. توصيات للحل بينما يرى الدكتور محمد عبد الباقي، رئيس قسم التخطيط العمرانى بكلية الهندسة فى جامعة عين شمس، أن قانون التصالح مع مخالفات المبانى يعد تشريعا وقتيا فى مدة لا تتجاوز ال 6 أشهر، حيث إن القانون ينص على إمكانية التصالح مع المخالفة التى تقع نظير تحصيل الغرامات بشرط أن يكون المبنى آمنا، وكشف عن أن السبب فى البناء العشوائى دون الالتزام بالمواصفات الهندسية، يتمثل فى غياب الإشراف والرقابة من المهندسين المتخصِّصين على أعمال التصميم والتنفيذ وغياب الصيانة الدورية للمبانى وتدهور حالة المرافق، من مياه وصرف صحي، وهو ما يؤثر بالسلب على سلامة المبني، إلى جانب إهمال المسئولين فى المحليات للدّور المنوط بهم. وأضاف أن هناك مجموعة من التوصيات لحل أزمة مخالفات البناء تكمن فى ضرورة وجود حزمة من الشروط والقيود يجب أن تتناولها اللوائح التنفيذية للقانون، بغرض التأكد من أن المبانى المخالفة آمنة لإيقاف الكوارث وعدم فتح باب التصالح فى مخالفات قد تضر مستقبلا بالبناء وتشكل خطرا على الأرواح، وترك فرصة مناسبة بين التعديل والآخر بحيث لا تقل عن 10 سنوات لمنح الفرصة للتجربة والتقييم وظهور مشكلات التطبيق، وعدم إعادة النظر فى النسب البنائية فى المناطق المكتظة بالسكان على فترات متقاربة، وإتاحة أراض مخططة تخطيطا سليما وموزعة توزيعا يتناسب مع حاجة سكان المناطق المختلفة مدن أو مراكز أو قري، لتلبية طلبات اى منطقة أوتجمع سكني، وأن تكون مجهزة بالمرافق وأخيرا تشجيع التجربة التى تجريها وزارة الإسكان لإتاحة فرص لمكاتب استشارية لإصدار تراخيص بناء ومحاسبتها قانونيا وجنائيا فى حال المخالفة، وينحصر دور المحليات فقط على تسليم الرخص أسوة بالدول الأوروبية لأن مشكلة العقارات المخالفة تتعلق بشكل مباشر بمكاتب التراخيص المتعلقة بالأحياء، بالإضافة إلى تشجيع اللامركزية فى اتخاذ القرارات بالمحافظات، فى إطار قواعد ثابتة ولوائح تنفيذية واضحة لا تقبل التأويل.