تحت شعار «العلاقات المصرية الإفريقية... نحو آفاق جديدة»، عقد المجلس المصرى للشئون الخارجية مؤتمره السنوى مؤخرا ودارت جلساته حول مختلف جوانب وأبعاد علاقات مصر الإفريقية و ناقش مجموعة من الدبلوماسيين والخبراء والباحثين المتخصصين فى الشأن الإفريقى جميع الملفات المتعلقة بمصر وعلاقاتها الخارجية وخاصة التعاون مع إفريقيا . وفى هذا السياق تم تناول المحور السياسى للعلاقات (المصرية الإفريقية) بما فى ذلك البعد الأفريقى فى سياسة مصر الخارجية وعلاقاتها بدول حوض النيل وأمن مصر المائى، وكذلك علاقات القاهرة بالقوى الإقليمية الفاعلة فى أفريقيا. السفير عزت سعد المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية قال إن المؤتمر كان فرصة لمناقشة الكثير من الموضوعات فى ضوء التحديات الأمنية التى تواجه خطط التنمية التى تسعى القارة السمراء وشعوبها إلى تحقيقها، موضحا أن المحور الأمنى فى (العلاقات المصرية الإفريقية) كان حاضرًا بقوة على أجندة المؤتمر عبر عدة أوراق بحثية، عرضت لكافة التهديدات والتحديات الأمنية المشتركة مثل (الإرهاب، الهجرة، الاتجار بالبشر، اللاجئين)، خاصة فى المناطق ذات التأثير المباشر على الأمن القومى المصري، وفى مقدمتها منطقة القرن الأفريقى والبحر الأحمر، وذلك إلى جانب إبراز بعض أرضيات التعاون المشتركة التى يمكن أن ينطلق منها الدور المصرى لاسيما فى مجال السلم والأمن الإفريقي. أضاف السفير عزت سعد أن البعد التنموى والمحور الاقتصادى كان من المحاور التى تم التركيز عليها، حيث تم تناول الفرص الاقتصادية والتجارية التى يُمكن أن توفرها شراكات التعاون فيما بين مصر والقارة، وفرص التعاون التصنيعى معها، بالإضافة إلى تقييم أدوات العمل التنموى المصرى فى إفريقيا وسبل تحديثها عبر الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، أو طرح مبادرات جديدة موجهة لمناطق بعينها، وذلك بجانب أدوار الوزارات المصرية المعنية فى هذا الصدد. كذلك تناول المؤتمر جوانب التعاون الثقافى والإعلامى بين مصر وإفريقيا، حيث تم عرض الحالة الراهنة للتواصل الثقافى والإعلامى فيما بين مصر والدول الإفريقية، إلى جانب تناول الأدوات التى يتم الاعتماد عليها فى هذا التواصل، والمحتوى الثقافى والإعلامى الموجه لأفريقيا وسبل تطويره وربطه بالقيم (المصرية الإفريقية) الأصيلة. وحول أطر التعاون الدولى التى توفرها البيئة الإفريقية، فى ضوء أهميتها الجيوسياسية، مع الشركاء الدوليين فى مختلف دول العالم، والتى لها انعكاساتها على العلاقات (المصرية الإفريقية)قال السفير عزت سعد إنه تم التركيز على معظم هذه الشراكات ومنها، الشراكات (الأوروبية، الآسيوية، الشرق أوسطية، التركية، الإيرانية، الإسرائيلية، الأمريكية). وفى هذا السياق، أكّد المؤتمر ضرورة تعزيز الانخراط المصرى فى دول حوض النيل وشرق إفريقيا وفقًا لآليات تتسم بالحداثة والتأثير الفعال، بما فى ذلك التفاعل مع مراكز التفكير ومنظمات المجتمع المدني، إلى جانب زيادة الوجود المصرى الفاعل فى إطار التنظيمات الإقليمية الإفريقية عبر انخراطها فى أعمال الاتحاد الأفريقي، والتنظيمات الإقليمية الإفريقية الأخري، والاستفادة من العلاقات الثنائية رفيعة المستوى مع الشركاء الأفارقة، وشركاء التنمية فى آسيا (خاصة فى اليابان والصين والهند وكوريا الجنوبية) والاتحاد الأوروبي، لبناء أساس متين للتعاون الثلاثى فى أفريقيا، مع ضرورة تعظيم الاستفادة من المشروعات المشتركة والخبرات التنفيذية لمؤسسات ووكالات الأممالمتحدة ذات الصلة بالتعاون الثلاثي، وكذلك من خلال مجموعة مكتب الأممالمتحدة لتنسيق العمليات الإنمائية.. وقد توصل المؤتمر إلى عدد من النتائج والتوصيات العملية التى سيتم موافاة الجهات المعنية بها للنظر فى إمكانية وضعها موضع التنفيذ، بما يعظم من المصالح المصرية فى إفريقيا فى المجالات المختلفة. ومن بين هذه التوصيات، تعزيز آليات التنسيق المؤسسى على المستوى الوطنى فى التعامل بفاعلية مع الشئون الإفريقية، بما يحقق حسن وترشيد استخدام الموارد المتاحة إزاء الاحتياجات والمتطلبات المتزايدة، وفى هذا السياق أوصى المؤتمر بإنشاء مجلس أعلى للشئون الإفريقية أو وزارة للشؤون الإفريقية، بما يضمن تنسيق وتوحيد السياسات المصرية تجاه إفريقيا، التعامل بمنظور مستقبلى إزاء العلاقات مع دول حوض النيل، بما يخلق شبكة من المصالح المشتركة تسهم فى الحفاظ على الحقوق والمصالح المائية الحيوية لمصر. وقال السفير عزت إن المؤتمر أوصى بأهمية تفعيل كل عناصر القوة الناعمة المصرية فى إطار العلاقات الثنائية مع دول القارة،على غرار الأزهر الشريف والكنيسة القبطية، وضرورة تدعيم الجهود والأدوار الأمنية المشتركة من أجل مواجهة التحديات الأمنية الإفريقية القارية، وعلى رأسها الإرهاب العابر للحدود، والصراعات والحروب البينية والداخلية. الاهتمام بمضمون الرسالة الثقافية والإعلامية الموجهة لإفريقيا، بحيث يتم تنقية الرسائل الثقافية والإعلامية من أى شوائب قد تحمل إيحاءات سلبية، بالإضافة إلى ضرورة أن تحمل هذه الرسالة منظومة قيم مصرية إفريقية تربط المتلقى الإفريقى بها، وفى هذا السياق أوصى المؤتمر بإنشاء قناة فضائية مصرية موجهة لأفريقيا بلغاتها، وتفعيل وتنشيط الإذاعة المصرية الموجهة للقارة باللغات المختلفة، هذا فضلًا عن عدد من التوصيات ذات الصلة بالتعاون السياسى والاقتصادى والفني. وختامًا، أكّد المؤتمر ضرورة عدم ترك فراغات يملؤها الآخرون بطرق وأساليب ملتوية تكون لها آثار غير نافعة ، خاصة فى المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية الحيوية لمصر مثل القرن الإفريقى والأمن فى البحر الأحمر، أخذًا فى الاعتبار تزايد الأطراف الفاعلة المتعددة على الساحة الإفريقية.