كثيرا ما صادفت مواقف إنسانية مبهرة على مدى السنوات التى عشتها فى اليابان.. وتساءلت: كيف لهذا الشعب المتحضر أن يصل إلى هذا المستوى الراقى من السلوك الذى ميزه وجعله فريدا فى العالم كله، مما استدعى أن نطلق على الدولة «كوكب اليابان».. وعلى سبيل المثال، فقد كنت أصاب بالدهشة وأنا أرى اليابانيين وهم يقفون فى إشارة المرور وهى خضراء وهم يقودون السيارات، ولا يجرءون على تجاوز خط المشاة الذى يسبق الإشارة فى التقاطعات.. حتى لا يغلقوا الطريق الآخر أمام حركة المرور وتظل منسابة بصرف النظر عن إشارتهم.. ودائما ما أتذكر مثل هذا الموقف الحضارى لليابانيين وأنا أقود السيارة فى شوارع القاهرة وأجد الناس يندفعون لإغلاق التقاطع أمام السيارات الأخرى بحجة أن إشارتهم خضراء بصرف النظر عن وجود أماكن تستوعبهم أم لا حتى يتم إغلاق الشوارع الأربعة تماما ولا تستطيع أى سيارة الحركة فى أى اتجاه ويأتى أمين الشرطة ويفض هذا الاشتباك «الحضاري» أيضا.. وإذا تغيرت الإشارة إلى الأخضر وبقيت مكانك حتى لا تغلق التقاطع تسمع سبابا لا حصر له وربما تعرض نفسك وسيارتك للخطر.. والمدهش أنك تسمع من يقول لك «أنت فاكر نفسك فى اليابان!!». أيضا فى محطات المترو وغيرها يقف اليابانيون أمام مكنة التذاكر طوابير ولا يمكن لأحدهم أن يقفز أو يتجاوز الطابور، وعلى رصيف المترو يصطفون فى أربعة طوابير، طابوران أو صفان على يمين الباب، ومثلهما على يسار الباب، ويتركون المنطقة الوسطى خالية تماما حتى يتمكن الركاب المغادرون من المرور بسهولة ويسر ولا يجرؤ يابانى على أن يقفز داخل القطار مادام هناك ركاب مازالوا ينزلون وأحيانا كثيرة كنت أرى القطار يغلق الأبواب ولا يتمكن معظم الركاب المنتظرين من الدخول، ويقفون بصبر يحسدون عليه منتظرين القطار التالى الذى لا يغيب غالبا عن دقيقة أو دقيقة ونصف الدقيقة، خاصة فى وقت الذروة، حيث لا يزيد زمن التقاطر على دقيقة واحدة، ما يحدث عندنا شيء همجى وبدائي، ولا يشير بأى شكل من الأشكال إلى أننا أصحاب حضارة تعود إلى 7 آلاف سنة!! لمزيد من مقالات منصور أبوالعزم