يموت القلب فينتهى الضمير، وتغيب الرحمة والإنسانية فيحضر الشيطان باسما مبشرا حزبه بوهم المكاسب وخرافة الامتلاك. ذهب إليها فى مسكنها حيث تعيش بمفردها فى شقة متواضعة جمعت قيمتها من عرق السنين الطوال ورفضت أن تكون عالة على شقيقيها أو تشعر زوجتيهما بعبء تحمل مسئوليتها. العجوز فادية ابنة قرية الحصص مركز شربين ليس لها أبناء لأنها لم تتزوج أصلا وظلت عزباء ناسكة وحيدة، وفضلا عن أنها عجوز فى العقد السابع من عمرها فإنها خرساء لا تتحدث وصماء لا تسمع، ومع ذلك فهى محبوبة بين الجيران لطيبتها وعطفها على الأطفال وكذلك فى مدرسة القرية التى عملت بها إدارية حتى خرجت إلى المعاش قبل بضع سنوات . فى ليالى الشتاء القارسة والتى تضاعفها وحدتها كان الدفء لديها هو صلاة العشاء حيث هجعت فى فراشها تسبح الله بقلبها وعقلها وتستغفره لا يشغلها فى دنيا البشر ما يشغلهم من مطامع ورغبات وصراعات . فى سكون الليل وصل شيطان فى هيئة بشر اسمه عادل أ 41 سنة إلى منزلها عاقدا العزم على تنفيذ جريمة تهتز لها السماء ويندى لها الجبين مع سلاح أبيض «سكين» يخفيه فى ملابسه، ليست هناك مشكلة فى أن يطرق الباب أمام الجيران فوالده ابن خالة الحاجة فادية وربما اعتقد الجيران أنه ذهب لصلة رحمه أو تفقد حالها ومساعدتها فى تدبير أمورها واحتياجاتها ، فتحت له الباب ورحبت به بابتسامة حانية وامتنان لزيارته، لكنه كان قد اتفق مع إبليس على أمر آخر ، استغل حركة السيدة العجوز فى الغرفة وهى ذاهبة إلى المطبخ لتعد له الشاى وعاجلها بسبع طعنات فى ظهرها ولم يتوقف فطعنها ثلاثا فى صدرها حتى يتأكد تماما من موتها، ثم نزع الذهب من يدها قيمته لا تتجاوز 12 ألف جنيه وقلب شقتها رأسا على عقب بحثا عن مال آخر فقد كان يعتقد أنها تنام فوق كنز سيحل له مشاكله المالية وضائقته المستمرة وبذخه الدائم وقروضه الكثيرة التى أخذها من أصدقائه ولم يعد قادرا على سدادها لأنه أصبح عاطلا بعد سنوات من العمل فى نفس مدرستها. وصباح اليوم التالى للجريمة لاحظ جارها عزت غيابها فطرق بابها ودخل ليجدها مضرجة فى دمائها وبسرعة ذهب إلى الرائد محمد الأرضى رئيس مباحث شربين لتقديم بلاغ، فتمكن فى أقل من أربع وعشرين ساعة باشراف اللواء أيمن الملاح مدير الأمن واللواء محمود خليل مساعد مدير الادارة العامة للمباحث الجنائية بالأمن العام واللواء أحمد خيرى مدير إدارة البحث الجنائى والعميد محمد شرباش رئيس المباحث من ضبط الجانى الذى اعترف تفصيلا بالحادث وبرره بحاجته الماسة إلى المال.