طقس اليوم: معتدل الحرارة نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 26    مصرع 3 شباب إثر حادث غرق سيارة بترعة المريوطية فى أبو النمرس    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 28 نوفمبر    انخفاض الناتج الصناعي لكوريا الجنوبية بنسبة 2.5% في أكتوبر    محافظة أسوان تطلق فيديوهات توعوية لجهود مناهضة "العنف ضد المرأة والطفل"    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 28 نوفمبر 2025    شبورة كثيفة على الطرق.. الأرصاد تحذر السائقين من انخفاض الرؤية    خلافات الجيرة وراء اتهام مالك فيلا وآخرين بالاعتداء على جاره فى الشيخ زايد    أول صورة من «على كلاي» تجمع درة والعوضي    رسائل حاسمة من الرئيس السيسي تناولت أولويات الدولة في المرحلة المقبلة    حصيلة ضحايا كارثة الأبراج في هونج كونج تقترب من 100    بعثة منتخب مصر تغادر اليوم إلى قطر للمشاركة في كأس العرب    الأهلي يواجه الجيش الملكي.. صراع النجوم على أرض الرباط    محمد الدماطي يحتفي بذكرى التتويج التاريخي للأهلي بالنجمة التاسعة ويؤكد: لن تتكرر فرحة "القاضية ممكن"    بالأقدام العربية.. روما يهزم ميتييلاند ب "العيناوي والشعراوي"    أستراليا.. يعتقد أن ضحيتي هجوم القرش بشمال سيدني مواطنان سويسريان    الرئيس البولندي يصدق على مشروع قانون لزيادة ضريبة البنوك    كورونا وسلالة الإنفلونزا الجديدة، موجة فيروسات تجتاح إيران واكتظاظ المستشفيات بالحالات    رمضان صبحي بين اتهامات المنشطات والتزوير.. وبيراميدز يعلن دعمه للاعب    تفاصيل صادمة.. زميلان يشعلان النار في عامل بسبب خلافات بالعمل في البحيرة    تعليم القاهرة تواجه الأمراض الفيروسية بحزمة إجراءات لوقاية الطلاب    بعد أزمته الصحية، أحمد سعد يتألق في حفل الكويت تحت شعار كامل العدد (صور)    توقيت أذان الفجر اليوم الجمعه 28 نوفمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    مصر تستقبل بعثة صندوق النقد: اقتراض جديد لرد أقساط قديمة... والديون تتضخم بلا نهاية    عبير نعمة تختم حفل مهرجان «صدى الأهرامات» ب«اسلمي يا مصر»    عماد الدين حسين: سلاح المقاومة لم يردع إسرائيل عن غزو لبنان واستهداف قادته    سفير روسي: العالم يشهد أخطر أزمة أمنية عالمية منذ الحرب العالمية الثانية    ترامب يعلن وفاة مصاب في حادث إطلاق النار قرب البيت الأبيض    أسامة كمال: المصريون اكتشفوا زيف الإخوان وإرهابهم قبل أمريكا بسنوات    لبنان.. نحو 150 نازحا سوريا يعودون طوعا إلى بلادهم    القانون يحدد ضوابط لمحو الجزاءات التأديبية للموظف.. تعرف عليها    حذر من عودة مرتقبة .. إعلام السيسي يحمل "الإخوان" نتائج فشله بحملة ممنهجة!    شروط حددها القانون لجمع البيانات ومعالجتها.. تفاصيل    والدة الإعلامية هبة الزياد تكشف ل مصعب العباسي سبب الوفاة    شعبة السيارات تدعو لإعادة التفكير في تطبيق قرار إجبار نقل المعارض    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة للأقارب.. اعرف قالت إيه    إعلام فلسطيني: الاحتلال يشن غارات جوية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    واشنطن بوست: أوروبا تسعى جاهدة للبقاء على وفاق بينما تُقرر أمريكا وروسيا مصير أوكرانيا    رئيس التصنيع بالصيادلة: استهلاك مصر من بنج الأسنان يصل إلى 600 ألف عبوة سنويًا    رئيس شعبة الدواجن: سعر الكيلو في المزرعة بلغ 57 جنيهاً    طولان: ثقتي كبيرة في اللاعبين خلال كأس العرب.. والجماهير سيكون لها دورا مع منتخبنا    بيونجيانج تنتقد المناورات العسكرية الأمريكية-الكورية الجنوبية وتصفها بالتهديد للاستقرار    اليوم، ختام مسابقة كاريكاتونس بالفيوم وإعلان أسماء الفائزين    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    وزير الثقافة والمحافظ يشهدان ختام الدورة ال18 من ملتقى الأقصر الدولي للتصوير    أحمد السعدني: دمعت من أحداث "ولنا في الخيال حب".. وشخصيتي في الفيلم تشبهني    مرشح لرئاسة برشلونة يوضح موقفه من صفقة ضم هاري كيم    أبوريدة: بيراميدز ليس له ذنب في غياب لاعبيه عن كأس العرب    فضائل يوم الجمعة.. أعمال بسيطة تفتح أبواب المغفرة والبركة    غلق كلي لشارع الأهرام 3 أشهر لإنشاء محطة مترو المطبعة ضمن الخط الرابع    متحدث مجلس الوزراء: مدارس التكنولوجيا التطبيقية تركز على القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية    بين الإبهار الصيني والمشهد الساخر الإيراني... إلى أين تتجه صناعة الروبوتات مؤخرًا؟    أخبار 24 ساعة.. رئيس الوزراء: لا انتشار لفيروس غامض والمتواجد حاليا تطور للأنفلونزا    الجدول النهائي لبقية مراحل انتخابات مجلس النواب 2025    الشيخ خالد الجندي يحذر من فعل يقع فيه كثير من الناس أثناء الصلاة    هيئة الرعاية الصحية تمنح الدكتور محمد نشأت جائزة التميز الإداري خلال ملتقاها السنوي    محافظ كفر الشيخ: مسار العائلة المقدسة يعكس عظمة التاريخ المصري وكنيسة العذراء تحتوي على مقتنيات نادرة    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرجل الذى خطف قلب عبد الناصر.. ومع مصر حتى آخر رصاصة جزائرية
لماذا أحب المصريون الرئيس هوارى بومدين ؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 01 - 2018

ظهر فى المنطقة العربية زعيم اسمه ناصر مر كالحلم الشارد فى حياة المصريين والعرب , فرض على قوى الاستكبار العالمى أن تستمع لصوت المهمشين البؤساء من أبناء أمته , وتخطى حدود الجغرافيا المحتلة مستعينا بتاريخ الفتوحات العربية ليصل إلى كل الحالمين بالانعتاق فى العالم , فكان القائد المعلم والأخ والأب وحبيب الملايين القديس الذى على طريقه اهتدى الأحرار الثوار .
.......................................................................
فى زمن ناصر تعمقت فكرة المد القومى العربى و ظهر جيل الآباء المحررين فى مصر والشام والعراق وامتد نضالهم فوصل إلى بقية العالم العربى, وتحمل جيل المؤسسين العظام عبء طرد الاحتلال الأجنبى وووضع أسس الدول الوطنية . ففى مصر انتصرت حركة الضباط الأحرار ومعها وبعدها ظهرت الحركات التحررية فى مناطق أخرى فى العالم , وكان من بينها جبهة التحرير الوطنى الجزائرية التى قاومت الاستعمار الفرنسى .
بو خروبة الذى غادر قريته فى سن السادسة
حينها ضحت الجزائر بمليون شهيد وبرز الآلاف من بين شبابها وفتياتها كقيادات نضالية و من بينهم لمع نجم الشاب الطويل النحيل هوارى بومدين, الذى هجر والديه فى سن السادسة ولم يعد إليهما إلا رئيسا للجزائر المحررة , عاش طفولة بائسة وظلت حياته مليئة بالألغاز ودفنت الكثير من أسراره معه وظلت مجهولة حتى بعد مرور 39 عاما على وفاته, وكأن كل هذه السنوات لا تكفى لفك شفرات الكثير من الألغاز التى ظلٌت تلف شخصيته، والتى لازالت تثير الكثير من الجدل. وكما دفنت أسراره فإن اسمه الحقيقى محمد إبراهيم بوخروبة ، اشتهر باسم «هوارى بومدين» الذى عرف به طيلة فترة النضال ضد الاستعمار الجزائرى الذى جثم على صدر بلاده لمدة 132عاما.
وقبل أن نعود للخلف، وبعيدا عن كل ما يثير الجدل حول الرجل الذى يعتبره ملايين العرب واحدا من زعماء الأمة , يشهد الجميع أن بومدين كان يتميّز بشخصية قوية، تترجمها نظرات عيونه الزرقاء الحادة ،وأنه استمد قوة شخصيته من بيئته الريفية التى تربى وترعرع فيها، بمسقط رأسه فى «دوار بنى عدٌى التابعة لولاية قالمة ، ولد فى 23 أغسطس 1932 لأب فلاح بسيط ولكن من عائلة كبيرة أما والدته فهى السيدة تونس بوهزيلة، فى صغره كان والده يحبه كثيرا و رغم ظروفه المادية الصعبة قررّ تعليمه و لهذا دخل الكتّاب «المدرسة القرآنية» فى القرية التى ولد فيها, وكان عمره آنذاك 4 سنوات، وعندما بلغ سن السادسة دخل المدرسة الفرنسية «ألمابير: سنة 1938 فى مدينة قالمة». ولأن والده كان يقيم فى بنى عديّ فقد أوكل أمره الى عائلة بنى اسماعيل وذلك مقابل الفحم أو القمح أو الحطب وهى الأشياء التى كان يحتاجها سكان المدن فى ذلك الوقت .
من دار إسماعيل لقسنطينة
وبعد سنتين قضاهما فى دار ابن اسماعيل أرسله والده من جديد لعائلة بامسعود فى حى مقادور والذى كان حياّ لليهود فى ذلك الوقت ، فكان يدرس فى المدرسة الفرنسية بعد عودته من الكتّاب. و ختم القرآن الكريم فى عام 1948 وعاد ليدرّسه لأبناء قريته , وفى سنة 1949 ترك أهله مجددا وتوجه الى المدرسة الكتانية فى مدينة قسنطينة، وكان نظامها داخليّا. وفى تلك الأونة كان عمه الحاج الطيب بوخروبة قد عاد من أداء فريضة الحج مشيا على الأقدام، فكان يسأله عن كل صغيرة وكبيرة وتفاصيل تهرب الحجاج من الجمارك والشرطة فى الحدود ، وكان بومدين يسجّل كل مايقول ، فقد كان يخطط للسفر, إلى أن حدث ما لم يخطط له، حيث تم استدعاؤه للالتحاق بالجيش الفرنسى لكنّه كان مؤمنا فى قرارة نفسه بأنه لا يمكن الالتحاق بجيش العدو ولذلك رأى أنّ المخرج هو فى الفرار والسفر، وأقنع رفاقه فباعوا ثيابهم لتوفير نفقات الهرب برا باتجاه تونس .
لاحقه الفرنسيون فى تونس فتوجه إلى مصر عبر الأراضى الليبية, وفى مصر التحق بالأزهر الشريف وتمكن من أداء فريضة الحج و سيرا على الأقدام , وعاد ليقسم وقته بين الدراسة والنضال السياسى من خلال عضويته فى حزب الشعب الجزائرى، كما عمل ضمن مكتب المغرب العربى الكبير سنة 1950 الذى أسسّه زعماء جزائريون ومغاربة وتوانسة تعاهدوا فيما بينهم على محاربة فرنسا و تحرير الشمال الافريقى , وكان من مؤسسى هذا المكتب علال الفاسى من المغرب وصالح بن يوسف من تونس وأحمد بن بلة وآيت أحمد من الجزائر .
وعندما تبيّن للسلطات الفرنسية أن المدعو محمد بوخروبة – هوارى بومدين – فرّ من خدمة العلم قامت بحملة بحث عنه ,إلى أن عرفت عنوانه فى القاهرة من أبيه وقامت السلطات الفرنسية بإرسال مذكرة الى السفارة الفرنسية فى القاهرة، وقبل أن يتقرر بحث المذكرة من الملك اشتعلت ثورة 23 يوليو 1952 فأنقذته وظل مقيما يواصل دراسته ونضاله وتفوقه.
خليفة بن بيلا وحبيب عبد الناصر
ومع اندلاع الثورة التحريرية الجزائربة فى الأول من نوفمبر 1954 التحق هوارى بومدين بجيش التحرير الوطنى وكان مسئولاً عسكريّاً فى منطقة الغرب الجزائرى، وتولى قيادة وهران من سنة 1957 والى سنة 1960 ثمّ تولى رئاسة الأركان من 1960 والى تاريخ الاستقلال فى 5 يوليو 1962، و بعد الاستقلال عيّن وزيراً للدفاع ثم نائباً لرئيس مجلس الوزراء سنة 1963 دون أن يتخلى عن منصبه كوزير للدفاع .
من الغضب الجارف الى الصداقة
فى مصر وبمجرّد أن يذكر اسم الرئيس الجزائرى المناضل الراحل هوارى بومدين، نشعرنحن المصريين بالفخر والاعتزاز برجل من زمن عبد الناصر, آمن بالوحدة العربية التى لم تتحقق ولكنها تظل حلما ولو على المستوى الشعبى وهو أدنى مستوياتها, وهو من الشخصيات التاريخية المهمة التى تحظى بحب المصريين لأنه ناضل وكافح وجاهد فى سبيل طرد الاحتلال الفرنسى من بلاده، وكان أحد أقطاب الثورة الجزائرية، كان وسيظل رمز البطولة والاستشهاد والفداء وسيظل راسخا فى أذهان المصريين قبل الجزائريين والعرب إنه أحد أبطال التاريخ العربى, فهو المناضل الذى تزوج قضية بلده حتى تذكر نفسه وتزوج من من السيدة أنيسة وهى محامية جزائرية سنة 1973.
استغل الراحل بومدين وجوده فى مصر للدراسة، فلم يكن توجهه إلى القاهرة من أجل التعلم فى الأزهر الشريف فقط، و كان همه الأول هو التعرف على العالم وبعد قيام الثورة المصرية لم يكن حينها قد جاوز الثالثة والعشرين، والتقى عبد الناصر الذى دعّم الثورة الجزائرية، وكان يقف وراء «بن بيلا» بقوة ويعتبره مصريا يمكنه المساهمة فى بناء الأمة القومية العربية فى المغرب العربى على حد تعبير جمال عبد الناصر، إلى أن سحب بومدين البساط من تحت أقدام بن بيلا فى يونيو 1965 وتمكّن من تفادى طوفان الغضب الجارف القادم من القاهرة، ولم تمض سوى بضعة أسابيع حتى صار جمال عبد الناصر الصديق الأول لبومدين القوى .
ساندت حكومة ثورة يوليو بقيادة عبد الناصر ثورة الجزائر ضد الاحتلال الفرنسى, وأعلنت الثورة الجزائرية من القاهرة عام 1954 وقدمت مصر دعماً كبيراً لها سياسيا واعلاميا وعسكريا وحينها قامت مصر بتبنى قضية الجزائر فى المؤتمرات الدولية للتأكيد على شرعية وعدالة المطالب الجزائرية, وتعرضت بسبب مواقفها المساندة للثورة الجزائرية لعدة أخطار أهمها العدوان الثلاثى عام 1956 وقيام فرنسا ببناء القوة الجوية لإسرائيل وتزويدها بالقدرات النووية انتقاما من مصر .
وفى الوقت الذى توقع الجميع أن مصر بعد حرب 1956 سترفع يدها عن دعم الجزائر كان لعبد الناصر رأى آخر , حيث ظل يدعمها حتى تم إعلان استقلال الجزائر فى أول يوليو 1962. ونجحت الدبلوماسية المصرية فى استصدار قرار من الأمم المتحدة عام 1960 يعترف بحق الجزائر فى الاستقلال عن فرنسا . وأرسلت مصر آلاف المعلمين والخبراء المصريين ساهموا بعد الاستقلال فى تعليم الجزائريين اللغة العربية وتعريب المناهج فى مختلف مستويات التعليم , ويكاد يكون الفيلم المصرى «جميلة بو حريد» الذى أخرجه المصرى يوسف شاهين وأنتجته الفنانة المصرية ماجدة عام 1958هو أهم عمل فنى يمجد الثورة الجزائرية وبطولات المجاهدين, ولايزال النشيد الوطنى الجزائرى الذى لحنه الراحل الفنان محمد فوزى هو هدية مصر للجزائر حتى الآن.
فى 19يونيو 1965 تولى هوارى بومدين رئاسة الدولة الجزائرية فشرع فى اعادة بناء الدولة من خلال ثلاثية الثورة الزراعية والثورة الثقافية والثورة الصناعية على غرار بعض التجارب فى المحور الاشتراكى ومنها مصر التى كان معجبا بها. و عمل بعد استلامه الحكم على تكريس هيبة الدولة الجزائرية داخليا وخارجيا، ومع بداية السبعينيات توهجّت صورة الجزائر إقليميا ودوليا ولعبت أدوارا كبيرة من خلال منظمة الوحدة الافريقية و منظمة دول عدم الانحياز ومنظمة الأمم المتحدة.
مع فلسطين ظالمة أو مظلومة
بومدين هو الرجل الذى قال له كسنجر: «سيادة الرئيس أمريكا تعرف أنك لا تخاف أمريكا» وهو صاحب المقولة الشهيرة التى كانت شعارا للاسترتيجية الخارجية للجزائر «نحن مع فلسطين ظالمة او مظلومة» ويكفى فخرا لهذا الرجل أن كان له السبق والشجاعة والجرأة النادرة أن وقف على منبر الأمم المتحدة لأول مرة وألقى كلمته بلغة عربية فصيحة.ولما جادلوه فى ذلك محتجين بأنهم لم يفهموا ما قاله لهم قال: إن أرادوا أن يفهموا ما قلت فليترجموا خطابى إلى لغاتهم , ودعا بشدة إلى تعريب المدارس و الجامعات و عدم بقاء اللغة العربية لغة الغراميات و الشعر فقط .
فى يونيه 1967 اتصل الرئيس عبد الناصر بالرئيس هوارى بومدين هاتفيا قائلا : « لم يبقَ عندى طائرة واحدة سليمة ، أرجو أن تُرسل لى بعض الطائرات فأجابه بومدين كلُ ما تملكه الجزائر 47 طائرةَ حربية، أرسل طيارين مصريين لاستلامها لأن الطيارين الجزائريين فى بداية تدريباتهم» و فى الغد طلب السفير الأمريكى بالجزائر مُقابلة الرئيس بومدين لتبليغه رسالة من الرئيس الأمريكى،، فاستقبله بومدين، فقال السفير الأمريكى: « كلّفنى الرئيس الأمريكى أن أنقل إليكم بأن حكومته لا تنظُر بعين الارتياح إلى إرسال الجزائر طائرات حربية لعبد الناصر فأجابه بومدين : أوَّلاَ انتهى ذاك الزمن الذى كانت فيه أمريكا تأمر و البلدان الصغيرة تُطيع . ثانيا انتهى وقتُ المقابلة , وكانت مثل هذه التصريحات تلهب الحس الوطنى الشعبى المصرى والعربى عندما تذاع فى اذاعة صوت العرب أو تقرأ فى الأهرام .
ورغم مشاركة كل الدول العربية تقريبا فى حرب 1973 طبقاً لاتفاقية الدفاع العربى المشترك، إلا أن الذين شاركوا فى القتال الفعلى مع مصر وسوريا هم جنود من العراق والجزائر. كانت الجزائر ثانى دولة من حيث الدعم خلال حرب 1973 بعد العراق على الجبهة المصرية. وعندما اتصل الرئيس بومدين بالسادات مع بداية حرب أكتوبر وقال له إنه يضع كل إمكانيات الجزائر تحت تصرف القيادة المصرية وطلب منه أن يخبره فوراً باحتياجات مصر من الرجال والسلاح فقال السادات للرئيس الجزائرى إن الجيش المصرى فى حاجة إلى المزيد من الدبابات وأن السوفييت يرفضون تزويده بها، وهو ما جعل بومدين، يطير إلى الاتحاد السوفييتى ويبذل كل ما فى وسعه، بما فى ذلك فتح حساب بنكى بالدولار، لإقناع السوفييت بالتعجيل بإرسال السلاح إلى الجيشين المصرى والسورى، وهدد بومدين القيادة السوفيتية قائلا «إن رفضتم بيعنا السلاح فسأعود إلى بلدى وسأوجه خطابا للرأى العام العربى أقول فيه بأن السوفييت يرفضون الوقوف إلى جانب الحق العربى وأنهم رفضوا بيعنا السلاح فى وقت تخوض فيه الجيوش العربية حربها المصيرية ضد العدوان الإسرائيلى المدعم من الامبريالية الأمريكية»، ولم يغادر بومدين موسكو حتي تأكد أن الشحنات الأولى من الدبابات قد توجهت فعلا إلى مصر.
دولة لا تزول بزوال الرجال
وفى يوم 27 ديسمبر من عام 1978 بينما كان العالم يحتفل بقدوم سنه جديده ودعت الجزائر الراحل هوارى بومدين ثانى رئيس للجمهوريه الجزائريه, حيث أصيب صاحب شعار «بناء دولة لا تزول بزوال الرجال» بمرض استعصى علاجه و مات فى صباح الأربعاء 27 ديسمبر 1978 فى الساعة الثالثة وثلاثين دقيقة فجرا.
سألت الكاتبة الجزائرية فايزة محمد عن محبة الجيل الحالى من الجزائريين للزعيم المناضل الذى أحبه المصريون فقالت : إن قوة الرئيس هوارى بومدين استمدها من حب شعبه لذلك مازال الجزائريون يحبونه و يتوارثون محبته .
وتضيف : « قوته استمدها من ذلك الشيخ , عندما كان بومدين يناقش مع الشعب مشاكل الدولة و توعد الفاسدين، وافق جميع الحاضرين على كلام و قرارات بومدين إلا شخصا واحدا كان شيخا كبيرا فى السن وقال لبومدين: سيدى الرئيس أعلم أن كلامى سيسبب جدالا كبيرا فى الساحة السياسية لكن أنا أعلم أنك مناصر للحق . هل ترى إلى عصاى هذه ؟ فى هذه العصا حكمة كبيرة حيث إن الإعوجاج فيها بدأ من الأعلى وصولا إلى الأسفل كذلك الدولة, الإعوجاج و الفساد فيها يبدأ من الأعلى أى منك أنت سيدى الرئيس وصولا إلى الشعب فشكره بومدين على صراحته, و أعاد بناء قراراته و كانت قرارات صارمة تعاقب الفاسدين بمختلف مراكزهم حتى الرئيس نفسه.
و عندما توفى بومدين كان فى رصيده المالى 1000 دينار جزائرى و لا شقة ولا أراضى بشهادة معارضيه قبل زوجته .
وتضيف فايزة : لقد قام بالعديد من محاولات الإصلاح السياسى و الاقتصادى و الفكرى و الثقافى فى البلاد و يرى البعض أنه أخطأ فى عدد من قراراته السيادية لكن فى النهاية لكل مجتهد نصيب ، يكفيه فخرا أنه قدم الكثير لبلده و لشعبه و لأمته و هو الذى تساءل فى خطابه الشهير فى 4 يولية 1971 «هل الأمة العربية مستعدة لبذل الثمن الغالى الذى تتطلبه الحرية ؟ وقال : إن اليوم الذى يقبل فيه العرب دفع الثمن لهو اليوم الذى تتحرر فيه فلسطين .
ووفقا لنواميس الكون حانت اللحظة التى رقد فيها الجسد الذى خُلق بروح ثورية حرة , ومات حبيب الفقراء والزوالية (الأكثر فقرا ) صاحب البرنوس أو « بوشلاغم » أى صاحب المواقف الرجولية كما يصفه الجزائريون . وترك صفحات تشرفه و تشرف تاريخ النضال الإنسانى على أمل أن تتذكره الأجيال حلمه «بناء دولة لا تزول بزوال الرجال» رحم الله بومدين الذى كان جديرا بخطف قلب عبد الناصر زيقونة العروبة التى نحتفل بمرور 100 سنة على ميلاده هذه الأيام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.