تمر الذكري ال39 لانتصار العاشر من رمضان, وتخيم علي الأجواء المصرية روحانية واسعة تذكرنا بالتحدي الكبير تحدي استعادة الأرض, وبالروح الوثابة والوحدة العظيمة لجموع المصريين تمكن الرجال البواسل من تحقيق الانتصار, وعبور خط بارليف, ولتبدأ بعدها ملحمة كبري فوق أرض سيناء. واليوم مصر تتطلع لأن تعبر إلي الزمن الجديد, إلي انتصار آخر, ولكن هذه المرة فإن المعركة هي مع النفس, وهي معركة الديمقراطية والهدف كبير ورائع ويتعلق بجميع المصريين, كما أن اشعاعه في حال نجاحه سوف يعم المنطقة بأسرها, مثلما كان انتصار العاشر من رمضان انتصارا لكل العرب. إن معركة الديمقراطية هي أكبر من أن يخوض غمارها فصيل واحد, وهي بالتأكيد بحاجة إلي تكاتف الجميع حتي تصل السفينة إلي بر الأمان. وتفرض الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد ضرورة التأمل بعمق في تاريخ مصر, وبالتأكيد أن الأمم عليها أن تتعلم من أخطائها بالقدر نفسه من قصص وملاحم نجاحها. والانتصار الباهر الذي جاء متحديا جميع العقبات لم يكن ليتحقق لولا إيمان الرجال البواسل بالقضية قضية تحرر الأرض كما أن تلاحم الشعب مع قواته المسلحة كان شرطا أساسيا آخر من أجل خوض المعركة الفاصلة ضد إسرائيل, ولم يكن معقولا ولا متخيلا أن تنتصر أمة لاتؤمن بقضيتها أو متوحدة بقوة الشعب والجيش.. إيد واحدة في معركة مصيرية واليوم تبدو المعركة أصعب وأشرش, والهدف جدير بالتضحية من أجله بكل غال ونفيس انها معركة العبور إلي الديمقراطية, إلا أن الشيء الوحيد الذي نحتاجه بشدة لم يزل غائبا, وهو مسألة رص الصفوف, وتنحية الخلافات, والتفرغ للبناء بروح الفريق, وليس بروح الفصيل أو التيار السياسي وتبدو الأمور مرهونة بعودة روح العاشر من رمضان فاذا لم تتحقق هذه الروح العظيمة فلن يكون هناك عبور أو تقدم, فالأمم تتقدم بوحدة الصف والهدف لا بالتناحر وتصفية الحسابات مع الماضي, وانما بالتقدم إلي المستقبل المشترك.