الأستاذ إبراهيم نافع هو رئيس التحرير الثانى عشر لجريدة الأهرام، وهو صاحب ثانى أطول فترة فى رئاسة تحريرها، حيث امتدت مدة رئاسته لها لستة وعشرين عاما. عاصرت من تلك السنوات أكثر من نصفها تقريبا، واقتربت منه أكثر خلال سنواتها العشر الأخيرة سواء فى الأهرام أو فى نقابة الصحفيين. ومثلى مثل كثيرين من الصحفيين لم ننظر إلى الأستاذ إبراهيم نافع باعتباره صحفيا ورئيسا لتحرير الأهرام فقط، بل باعتباره إنسانا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى يدركه »الأهراميون« جيدا، ونقيبا ومسئولا عن كل الصحفيين. حمايته للصحفيين ودفاعه عنهم أيا كانت المؤسسة التى ينتمون إليها كانت حاضرة دائما. فلم يتكاسل يوما عن الدفاع عن صحفى تعرض لمكروه ما سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا. وظل موقفه فى معركة الدفاع عن حرية الصحفيين فى عام 1995 شاهدا على أن همه الأول والأخير كان الدفاع عن الصحافة المصرية وعن العاملين فيها. نعم كانت علاقته بالدولة قوية ولكنه عرف كيف يوظف تلك العلاقة لصالح الأهرام والصحفيين عامة. سنوات رئاسته لتحرير الأهرام والإنجازات الصحفية التى حققتها الجريدة فى عهده وسياسته فى إدارة الجريدة جعلت منه مدرسة صحفية متفردة وعلامة مهمة فى تاريخ الأهرام الطويل لا يمكن أن ينال منها أو ينتقص منها ما تعرض له من حملات وتشويه سواء وهو موجود فى منصبه أو بعدما ترك ذلك المنصب. ومنذ تشرفى بالجلوس على مقعد رئيس تحرير الأهرام قبل ستة أشهر لم تغب عنى تلك التجربة الثرية للأستاذ إبراهيم التى أنظر إليها ليس باعتبارها مصدرا للتعلم والاستفادة فقط ولكن باعتبارها تحديا ضخما. فأن تكون صحفيا وكاتبا وتدير شئون صحيفة بضخامة وأهمية الأهرام ونقيبا للصحفيين وتسير وسط أشواك السياسة وتوازن بين الاعتبارات السياسية والمصلحة العامة للوطن وبين الاعتبارات الصحفية وحق القراء فى المعرفة، أن تكون كل ذلك بتلك الكفاءة مهمة صعبة للغاية نجح فيها بامتياز الأستاذ إبراهيم نافع، وصعب كثيرا من مهمة من يخلفه. رحم الله فقيد الصحافة المصرية وجزاه خيرا على ما قدمه للأهرام ولتلاميذه. والأمل كل الأمل أن تشهد الصحافة المصرية »نافعا« آخر بقدر وقيمة وإنسانية إبراهيم نافع.